“هياطٌ” في السعودية.. وتجويعٌ في اليمن
محمد باقر ياسين
تنتشر في السعودية ظاهرة اجتماعية يطلق عليها تسمية “الهياط”، وهذه الظاهرة تتمثل ببساطة بالتبذير في الطّعام، حيث تعتبر السّعودية من أكثر دول العالم هدراً للطعام وبأرقام مخيفة. هذه الظاهرة المنتشرة في السعودية بنسبة كبيرة لم تتم معالجتها رغم وجود جمعيات تعنى بحفظ النعمة، كما إنّ العديد من الفقراء في مواقع مختلفة من أرجاء المملكة لم يصلهم سوى القليل من الطعام الذي تحفظه هذه الجمعيات. سياسة التجويع السعودية الداخلية، امتدت على مدى أربع سنوات بما هو أقسى منها حدّة، الى الشعب اليمني، المحاصر سعودياً في عدوان تدعي الرياض أن هدفه إعادة الشرعية الى اليمن، حيث أضحى نصف الشعب اليمني مهدداً بالمجاعة.
* ما هو واقع “الهياط” في السعودية؟
“الهياط” هو مصطلح شعبي حديث أطلق للمرة الأولى عام 2006م وهو يعني المبالغة في التفاخر، حيث يقوم الشخص بتقديم أفضل ما عنده من أجل “الظهور”. في السعودية يتم إهدار الطعام بسبب العادات والأعراف والتقاليد الاجتماعية، ففي المناسبات وبدونها أحياناً تقام الولائم بكميات طعام هائلة على قاعدة المثل الشائع “يزيد ولا ينقص”، وهو ما يؤدي إلى هدر 75% من كميات الطعام الذي يرمى في النفايات ولا يُستفاد منه.
تتباين الإحصاءات بين الرسمية السعودية وتقرير منظمة الغذاء العالمي (الفاو) ومركز “باريلا للغذاء”، حيث قدّر وزیر البيئة والمياه والزراعة السعودي عبدالرحمن الفضلي نسبة ھدر الغذاء في المملكة بـ(40%)، فيما قالت منظمة الفاو إن نسبة هدر الفرد السعودي تتمثل بـ (20.8 كيلوغراماً من الغذاء في السنة)، وهذا الجدول يظهر أرقام الهدر في السعودية حسب المصادر الثلاثة:
* كمية الطعام المهدور سنوياً في السعودية:
ـ حسب الإحصاءات الرسمية الرسمية السعودية: 166 ألف طن
ـ حسب منظمة الفاو: 416 ألف طن
ـ حسب مركز باريلا: 8.5 مليون طن
* الفقر
الفقر ظاهرة تتكتّم السلطات السعودية عن تفاصيلها، فمعدّلات الفقر ارتفعت بنسب قياسيةٍ في السنوات الأخيرة. المقرّر الخاصّ للأمم المتّحدة المعنيّ بالفقر المدقع وحقوق الإنسان فيليب ألستون، أعرب خلال زيارته الرياض في 19 يناير2017م عن صدمته بمستوى الفقر في بعض مناطق المملكة، وقال “لقد صادفت ظروفاً معيشيةً صعبةً أعتقد أنّها ستصيب المواطنين السعوديّين بالصدمة”.
ويقدّر عدد الفقراء في السعوديّة، بحسب إحصاءات 2017م بنحو 4 ملايين نسمة، وقد نشرت جريدة “واشنطن بوست” تقريراً في العام نفسه جاء فيه أن ما بين مليون و4 ملايين مواطن سعودي يعيشون بأقل من 530 دولاراً في الشهر، وأكّدت الصحيفة “أن السلطات السعودية تتستّر على الفقر المتفشّي في البلاد ببراعة”.
وتشهد المنطقة الشرقية تحديداً في السعودية، نسبة أعلى من الفقر قياساً بباقي مناطق المملكة، ومن بعدها تعاني المحافظات الجنوبيّة الثلاث (عسير ونجران وجيزان) من أعلى نسب الفقر، وهذا يعود إلى سياسة السلطات السعودية في التركيز على تنمية المناطق المركزية فقط ما أدى إلى تنمية غير متوازنة في البلاد.
إضافة إلى ذلك، يقول وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي إن 60 % من المواطنين السعوديين يمتلكون بيوتاً خاصةً بهم وهذا يعني أن 40 % من الشعب لا يملكون بيوتاً خاصةً بهم بسبب فقرهم.
وتنتشر البطالة بشكل كبير في صفوف الفقراء الذين إن وجدوا عملاً فيكون في أحد الأكشاك التي يضعونها على جانب الطريق من أجل كسب قوت يومهم، فبدل أن يتلقوا الدعم من الدولة تزال الأكشاك بحجة عدم وجود الرخصة لها أو لأنها تضر بالمنظر العام.
* تجويع اليمن
في الوقت الذي يشكل فيه “الهياط” ظاهرة مقززة في السعودية، يحاصر النظام السعودي اليمن لأربع سنوات ويقوم بتجويع شعبه الذي أصبح عدد كبير من سكانه يقتاتون على ورق الأشجار للبقاء على قيد الحياة. وتكشف خطّة الاحتياجات الإنسانية التي أعدّها مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة في اليمن، أن عدد شديدي الاحتياج للغذاء وصل إلى 13 مليوناً و100 ألف نسمة أي نصف عدد سكان اليمن، وأن عدد من يحتاجون إلى نوع من أنواع المساعدة الإنسانية وليس الغذاء فقط وصل إلى 22 مليوناً و200 ألف نسمة.
المضحك المبكي أنّ المملكة تقوم بإعطاء “المساعدات” للقوى اليمنية التابعة لها وتدّعي تقديمها لجميع اليمنيين، رغم ذلك، فإن هذه “المساعدات” تتركز على “التمر”، المعروف أن المملكة تمتلك فائضاً منه.
* العهد