عام 2019م هل سيكون عاما للدفاع الجوي اليمني؟
زين العابدين عثمان
قطاع الدفاع الجوي التابع للمؤسسة العسكرية اليمنية كان من أكثر القطاعات ذات الأهمية الاستراتيجية المحورية التي ارتكزت عليها السيادة اليمنية والدولة القوية ،وكان القطاع الذي مثل أحد أهم الحواجز الدفاعية أمام نجاح وترسيخ مشاريع الهيمنة الامريكية باليمن وأحد الدوافع الأساسية لأمريكا في ضرورة محاولة إضعافه وتدميره بسياسة منسقة بين الادارة الامريكية والنظام السابق (نظام صالح) تمثلت في انتزاع بعض المنظومات الصاروخية أو بالأحرى بيعها من قبل النظام السابق لأمريكا مقابل المال ،وهي مرحلة بدأت بالتنفيذ في عام 2004 الى 2007م وسحبت امريكا من المؤسسة العسكرية اليمنية عدد، من المنظومات الصاروخية الدفاعية ورغم ذلك لم تنته المخاوف الامريكية من قدرات نظام الدفاع الجوي اليمني، حيث استمرت في تبني سياسة إضعافه وتقليصه حتى وصلت الى فكرة تدميره بالكامل واخراجه عن الخدمة وقد اعتمدت بعد سقوط نظام صالح الى نظام هادي الذي استكمل مع الامريكان فكرة تدمير نظام الدفاع الجوي وتفكيكه وانتزاع الاجهزة والانظمة الهامة الذي على اساسها تعمل الصواريخ ،وقد دمر الكثير منها وما تبقى فتم تفكيكها من قبل خبراء مكلفين من البنتاجون واخراجها عن الخدمة كليا…
عاصفة الحزم والعدوان على اليمن
كان الدفاع الجوي اليمني هو هدفها الرئيسي الاول وقد ركزت مقاتلات تحالف العدوان السعودي الامريكي كليا في اوائل غاراتها الجوية على ضرب واستهداف قواعده ومواقعه في العاصمة صنعاء وغيرها من المناطق لغرض تدمير ما تبقى من منظوماته التي كانت في حكم المنتهية بالإضافة الى ضرب الانظمة الرادارية والكشفية الراصدة
،كاستراتيجية لتطبيق المقولة العسكرية الشهيرة “من يسيطر على الجو يسيطر على الارض “وقد عكف على تحقيقها التحالف بكل طاقاته الجوية واستطاع ان يفرض السيطرة الجوية الكاملة على اجواء اليمن في حين افقد المؤسسة العسكرية اليمنية المبادرة بأهم الخطوط الدفاعية..
ظل قطاع الدفاع الجوي لقوات الجيش واللجان الشعبية ناراً هادئة تتوقد تحت الرماد رغم انه تعرض لتدمير واضرار ضخمة وظلت اجواء اليمن مسرحا سهلا لمقاتلات تحالف العدوان الحربية وطائراته الاستطلاعية والتجسسية تسرح وتمرح بسهولة مطلقة من دون أي عواىق ،لكن لم يكن الامر طويلا حتى بدأ قسم التطوير والصيانة للمؤسسة العسكرية التابعة للجيش واللجان الشعبية بترميم نظام الدفاع الجوي واعادة الحياة لقدراته المدمرة والمفككة واخراج نيرانه على الواقع بسلسلة من العمليات النوعية الاولية التي نفذها مطلع الثلاثة اعوام السابقة التي كان لها وقع جيوبليتكي صادم على تحالف العدوان ومؤثر على المسرح الاستراتيجي وقد مرت بطبيعتها العملياتية بمرحلتين:
*المرحلة الأولى، وهي المرحلة التجريبية وتضمنت البدء بالتصدي لمقاتلات تحالف العدوان ومحاولات اصابتها بطرق مباشرة..وهي طبعا مرحلة فرض خلالها “توازن رعب ” اثار حفيظة مخاوف تحالف العدوان ودفعه في عام 2017م الى تطوير مقاتلاته من نوع F15وF16 بالشركات الامريكية لغرض تزويدها بانظمة الحماية الذاتية من أي تهديدات أرضية اثناء عمليات قصف اهدافها بالعمق اليمني.
المرحلة الثانية، وهي مرحلة استقت علوم وبحوث تطويرية عميقة وبجهود كبيرة من وحدة التطوير والتصنيع لانظمة الدفاع الجوي لتكون مرحلة ‘ الاصابة والاسقاط ‘فقد تم اسقاط عدد من مقاتلات تحالف العدوان وتدميرها من ضمنها المقاتلات الحديثة F15وF16 الامريكية ومقاتلات الترنادو وطائرات التايفون الاوروبية بنجاحات غير متوقعة، وفيها فرض “توازن الردع” الذي كان المسار والاولي امام الدفاع الجوي اليمني في صعيد محاولة اختراق وكسر السيطرة الجوية لتحالف العدوان على اجواء اليمن بعمليات استراتيجية اكثر وقعية وقوة.
اليوم ومع وصول الحرب على اليمن عامها الرابع ،وحدة التطوير والتصنيع لقوات الجيش واللجان الشعبية في تطوير الانظمة الدفاعية لم تغب لحظة واحدة عن مواصلة جهودها في التطوير مصححة اخطاءها السابقة ومستفيدة من الامكانات المتوفرة لتصير حاليا تمتلك نظاما دفاعيا يمكن القول انه صار دقيقا واكثر فاعلية على المستوى العملياتي والعسكري وفي مسرح اسقاط طائرات العدو بوتيرة مرعبة لا مزايدة عليها ان قلنا انها باتت قادرة كليا على كسر الحظر الجوي على اليمن فقد عرض بعملية اسقاطها لطائرة CH4 الصينية بداية الاسبوع الماضي وغيرها من المقاتلات الحربية سيما تلك التي سقطت بالعاصمة صنعاء مقدرته الكاملة على اسقاط الطائرات دون طيار المقاتلة والاستخبارية للعدوان بدقة وفاعلية بنسبة خطأ ضئيلة جدا وبأسلحة صاروخية مناسبة.
ولهذا فشبح تحييد طيران التحالف السعودي الامريكي من قبل الدفاع الجوي اليمني لم يعد حديثا يفترى أو للحرب السايكلوجية لانه تحول الى تهديد متجسد يمتلك رقما صعبا على المسرح الاستراتيجي والقوة المناسبة لتوسيع فجوة الاختراق بالحظر الجوي على اليمن بأسلوب ديناميكي مدروس.
لذا يمكن القول إن المؤسسة العسكرية لقوات الجيش واللجان الشعبية تمتلك القدرات والانظمة والتحضيرات الدفاعية لأن تفرض واقعا استراتيجيا مختلفا في صعيد تحييد طيران العدوان وتحطيم الحظر الجوي المفروض على سماء اليمن الذي سيكون صعيدا يدخل مسرح العمليات بالعام الجديد 2019م خصوصا إذا فشل اتفاق الحديدة واستمر تحالف العدوان بالحرب.