القضاء يحتاج إلى حسم !!
أحمد يحيى الديلمي
من الإشكاليات التي استوطنت في الواقع وأثرت سلباً على حياة الناس حالة الانتكاسة التي اتسم بها القضاء ومن آلت إليه الأمور من اتكالية وعدم اهتمام بقضايا الناس.
ما من شك أن الدولة وفرت الكثير من الإمكانيات للارتقاء بأداء القاضي إذ تم رفع المرتبات وتحسين بيئة العمل، فما الذي حدث بعد ذلك ؟!
سؤال هام .. للإجابة عليه لابد من معرفة الأسباب التي حالت دون التغلب على الصعوبات وزادت الأمر سوءاً ، فالأداء لم يتحسن وحالة التذمر والشكوى تتفاقم من يوم لآخر ، وما يترتب عليها من أبعاد خطيرة تعمق الفجوة وتسهم في تغييب العدل ودفع أصحاب الحقوق الفقراء إلى اليأس والاستعانة بأصحاب السطوة والنفوذ ليساعدوهم على الوصول إلى حقهم ، وهنا يكون الظلم أفدح لأن الوسيط يستأثر بالحق ويُمن على صاحب الملك بالفتات ، هذه المؤشرات تؤكد أن إطالة أمد التقاضي وعدم البت السريع في القضايا ر اجع إلى أن ملكات القاضي وقدراته الذهنية ضعيفة في التقييم ، أو أنه يتلقى تعليمات من جهات نافذة فينصاع لرغباتها استناداً إلى السلوك الذي تعود عليه في المرحلة الماضية عندما تحول القاضي إلى موظف يتلقى الأوامر ويسير وفق ما يُملى عليه ويجتهد في إيجاد الثغرات الكفيلة بتمرير الرغبات المشبوهة وإن كان الحق واضحاً أمامه فإنه يفضل الابتعاد عنه لضمان بقائه في الوظيفة وإن على حساب العدل ونصرة المظلوم .
حتى لا يظل الأمر عائما استعين بمصدرين هامين لتشخيص ما يجري في الواقع سواءً السلوكيات غير السوية التي تراكمت ولا تزال تفرض نفسها على مستوى الأداء أو التسويف المتعمد .
الأول / فضيلة العلامة الحجة شمس الدين محمد شرف الدين – مُفتي الجمهورية الرجل يُحذر دوماً من التقاليد المخالفة لتعاليم الدين والعرف السائد ومنها موضوع المراهق التي يُحرم منها صاحب الحق المالك للأرض وحق اليد التي تخول الشريك اقتطاع ربع الأرض وأحياناً النصف، مع أنه لم يبذل أي جهد وليس له عناء يستحق عليه شيئا، هذا الظلم الفاحش جعل المفتي يصرخ به في خطبة الجمعة الماضية من على منبر الجامع الكبير.
الثاني / القاضي جميل القباطي رئيس محكمة جنوب غرب الأمانة، قبل الحديث عن رؤيته لابد من الإشادة بسلوك الرجل وحرصه على الحضور المبكر والانصراف نهاية الدوام واهتمامه بالنظافة، فعن طبيعة القضايا اليومية والمعضلات التي تتصل بها وتسهم في إطالة أمد التقاضي وعدم سرعة البت قال: الأمر ينحصر في عدة عوامل أهمها :
• الوقفيات الكبيرة وزيادة أعداد من يدعون ملكيتها.
• حركة تزوير وثائق الملكية ومصادقات الجهت العليا عليها.
وأشياء أخرى لا أرى داعي لذكرها لكنها تصب في نفس المنحى وبالتالي فإن العملية بحاجة إلى قرارات حاسمة من السلطات العليا ولو عن طريق لجان متخصصة تطلع على نصوص الوقفيات وتحدد مصارفها بما يوافق إرادة الواقف، بالمقابل إبطال أي سلوكيات تتعارض مع الشرع أو العرف السائد، أعتقد أن هذه الخطوة ضرورية للإسهام في تصحيح مسار القضاء بهدف إحقاق الحق وإشاعة العدل .. فهل تجد آذاناً صاغية.. نأمل ذلك .. والله من وراء القصد..