عباس الديلمي
من قصيدة مشفوعة بخشوعي، تقدمت بها إلى الفارس الذي غادرنا قبل أن نضع الشريط الأحمر على عنق جواده. قبل أن تنثر عليه الصبايا فل الحسيني، وتدهن قدميه بالطيب والمسك .
إلى من اكتفى بإلقاء نظرة على الحفل المقام بنصر هو أحد صنّاعه.. وحمَّلنا أمانة الحفاظ عليه..
إلى شيخي وصديقي الأستاذ عمر بن عبدالله الجاوي، الفارس الذي آثر الرحيل ..كي لا يَمُنُّ علينا لأن المنَّ لم يكن من عاداته..
يا راحلاّ من سَماءٍ كُنتَ حُمرْتهاَ قبل الشروق، وأنت البَرقُ والمطرُ
ومُبحراً في بحارٍ، كنُتَ زُرقتهِا وأنت في جوفها المِرجانُ والدُّرَرُ
هل كان هَمُّك أن ترنو(سعادَ) وقد ضَمَّتْ(ازال) وصوت العشقِ ينتصِرُ
هَلاَّ انتظرتَ ثماراً، أنت زارعُها وكيف ترحلُ قَبْل الكَرْم يُعْتصَرُ؟
يا بدرنا في ليالٍ ما على وهَج فيها، سوى أعيُن الأقمارِ تُعْتَوَرُ
تركتناَ كسلاحٍ خانَ صاحِبهُ يومَ الكريهةِ، والأعَمار تُبَتتَرُ
تركتنا في زمانٍ من طبائعهِ أن الحقيقةَ والأهداف تُبْتَسرُ
تركتنا؟! ألِمنَ ذقنا خيانتهمْ أم للذين بدين الله يتَّجرُ؟
قد كنت فينا نبياً، من رسائلهِ على مسامعنا، قد رُتِّلتْ سُوَرُ
وكنت داعية التوحيدُ مذ شَهِدت عيناهُ مهجه هذا الشعب تنُشَطرُ
وكان لي شَرفٌ أني صَحِبْتُك في صدقِ الصحابةِ، إلبَّوا وإن صبروا
حتى تحقق نصرٌ، كان صانعهُ أحفادُ من رسول الله قد نَصَروا
ماذا نقولُ لأقلامٍ حَلَلْتُ بها عشقاً، وأنت بها الأنْسامُ والشَّررُ
وكيف نتلو بياناً من مواجعنا قد صاغه بمداد المحنةِ القدَرُ
من نحن بَعدك؟ ألحانٌ بلا شَجنِ قصائدٌ هَجَرت أوزانَها الصِّورُ
صوتٌ بدون فمٍ، أو طائرٌ سلبوا منه الجناحَ، وعودٌ ماَ لهُ وتَرُ
من نحن بعدك؟ وعدٌ لا حبيب لهُ صدرٌ بلا قلبِ، ليلٌ ماَ لهُ سَحرُ
نهرٌ يفَتشُ عن مجراهُ، يشرَبهُ ملْحُ الرِّمالِ، وفوقَ الصخرِ ينكسَرُ
زهرٌ بدون أريجٍ، عينُ غانيةٍ قد عافها سحرُها، والجفنُ والحَوَرُ
وحسبنا إن درساً منْكَ نحفظَهُ عهداً، وأنك للأجيال مُفْتَخَرُ
يا روحةً زيَّنَتْ أرضاً بأكملها ها نحنُ بعدك، لا ظلٌّ، ولا شَجَرُ
تبكيك مِنَّا عيونٌ كنتَ قُرَّنها على الدوامِ ،وأنت الضوءُ والبَصرُ
نمْ مْلء جفنك مرتاحاً فوحدتناَ عقيدةٌ فوق من شذُّوا، ومن كَفَروا
لك الخلودُ قريرَ العينِ مُبتهجاً ولي مواجعُ هذا العصر والسَّهَرُ
(سعاد): الاسم الآخر لمدينة الشحر في حضرموت، وآزال: اسم من أسماء مدينة صنعاء