قال تقرير اقتصادي حديث صادر عن مركز “بيو” للأبحاث + شركة “ستاندرد أند بورز” الأمريكية للخدمات المالية أن اقتصاد جميع دويلات الخليج يعتبر اقتصادا ريعيا، يعتمد على الموارد الطبيعية التي لا يُضِيف لها الإنسان قيمة زائدة، ويقع تصديرها في شكل خام، لتشكل المورد الأول لميزانية الدّولة، لكن اقتصاد الإمارات يعتمد أيضا على التخزين وإعادة تصدير السلع (الأجنبية) إلى دول أخرى، وعلى المُضاربة (البورصة) والاستثمارات الأجنبية والسياحة والعقارات، وجميعها استثمارات غير مُنْتِجَة، وتُهَدِّدُ بالانهيار منذ الأزمة المالية العالمية 2008 / 2009،
مشيرة إلى أن الاستثمارات الأجنبية تراجعت وبدأت تتوجّه إلى أسواق بديلة، وانفصلت بعض الشركات العالمية عن شُركائها في الإمارات، وتراجعت أسعار العقارات بنسبة تتراوح بين 5 % و10 %، كما توقع التقرير أن يتواصل تراجع أسعار العقارات في “دُبَيْ” طيلة سنة 2019، ناهيك عن وتراجع حركة بورصة دُبَي بنسبة 13 % وارتفاع عدد الصكوك (الشيكات) المرتجعة (بسبب نقص أو انعدام قيمتها في الحسابات المصرفية لمن أطْلَق هذه الصكوك) إلى 1.2 مليون صك، خلال النصف الأول من العام 2018، بقيمة فاقت سبعة مليارات دولارا، أو قرابة 40 % من إجمالي الصكوك الصادرة سنة 2017، والتي يستحق سدادها سنة 2018، وانخفض نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي من 45 ألف دولار سنويا للفرد سنة 2013 إلى 37 ألف دولار سنويا مُقَدّرَة سنة 2018 وإلى 36 ألفا دولار سنة 2020، فيما ارتفعت معدلات التضخّم من 1.8 % بنهاية 2017 إلى 4.2 % بنهاية مارس 2018، على أساس سنوي…
ولفت التقرير إلى أن الامارات بدأت تشهد ازمة جديدة تتجلى مظاهرها في تصفية شركات عملاقة مثل “أبراج كابيتال”، وظهور مؤشرات عديدة عن ركود حركة السفر إلى دبي وتراجع عدد السائحين الأجانب إلى أدنى مستوى في 15 سنة، رغم تخفيف قواعد منح تأشيرات السفر لبعض الجنسيات، ومن بينهم الصينيين والروس، بهدف دعم السياحة، كما تراجعت فُرص العمل، مما أدى إلى حركة هجرة متزايدة للكفاءات الأجنبية العاملة فيها (أي الأوروبيين والأمريكيين بشكل خاص) لأسباب من أبرزها تراجع الوظائف والدخل، وارتفاع تكاليف المعيشة، وفق صحيفة “فايننشيال تايمز” البريطانية المتخصصة في الشأن الاقتصادي…
ورجحت شركة “ستاندرد أند بورز”، من جهتها، أن يستمر التراجع الاقتصادي في دبي إلى العام 2020، بسبب انخفاض أسعار العقارات وتراجع الطلب المحلي عليها، وأظهرت بيانات النصف الأول من 2018 ارتفاع خسائر شركة “فلاي دبي” للطيران الاقتصادي بنسبة 122 % على أساس سنوي، بالإضافة إلى تراجع في الأرباح بنسبة 12 %، وعرضت شركة “إعمار” (إحدى أكبر شركات الإنشاءات والعقارات الإماراتية) سلسلة من أصولها للبيع بقيمة 1.4 مليار دولارا، منها فنادق ومستشفيات خاصة ومدارس خاصة،كما فشلت خطط الإمارات لتنمية الاقتصاد غير النفطي، وفق مصرف الإمارات المركزي الذي أفاد في شهر مايو 2018 أن نمو الاقتصاد غير النفطي في الإمارات تباطأ إلى 3.1 % في الربع الأول من العام 2018…
وبحسب التقرير فقد تفاقمت أزمة الإمارات لأسباب “جيواستراتيجية” أيضًا، ومن بينها العقوبات الخليجية ضد “قَطَر” التي كانت تستخدم موانئ دُبَي في تجارتها مع العالم، واستبدلتها حاليا بموانئ الكويت أو عُمان، وتقليص حجم التبادل التجاري مع إيران، بالإضافة إلى المُشاركة الإماراتية في العُدْوان المُتواصل على شعب اليمن، منذ نحو اربع سنوات
وتُشَكِّلُ دول الخليج ومنها الإمارات نموذجًا للدول المُصْطَنَعة التي أنشأها الإستعمار (البريطاني) من أجل استدامة الهيمنة الإستعمارية على الأرض وعلى الثروات وعلى نظام الحُكْم، عبر القواعد العسكرية والشركات متعددة الجنسية (قطاع الطاقة والإستثشارات والمصارف…)، ولا يتجاوز عدد السكان المحليين في الإمارات 10 % أو 15 % على أقصى تقدير، طيلة العقود الثلاثة الماضية، أي منذ ارتفاع عائدات النفط، ويُشكل العمال المهاجرون نحو 8.5 ملايين شخص من إجمالي 9.2 ملايين نسمة، ويشكل غير العرب أكثر من خمسين بالمائة من إجمالي عدد سكان الإمارات، منهم ما لا يقل عن 3.5 ملايين من الهند، أو ثُلُث العدد الإجمالي للسكان، يليهم البنغال بمليون مقيم، ويشكل الهنود أو البنغاليون، أو الباكستانيون (950 ألف مقيم) كل على حدة أكثر من السكان الأصليين للإمارات، ويُقَدّر عدد المصريين بـ 860 ألف نسمة، والفلبينيين بأكثر من نصف مليون، وفق دراسة أورَدَها موقع ( pewglobal ) أما اليمنيون فلا يتجاوز عددهم 200 ألف نسمة، والأردنيون 160 نسمة والسودانيون 130 ألف نسمة، وعلى سبيل المُقارنة، يحتل الهنود المركز الأول للمقيمين في الكويت، بحوالي 3,2 ملايين شخص، أو ما يُعادل ثلث عدد السكان، فيما لا يتجوز عدد المصريين (في المرتبة الثانية) حوالي 420 ألف مقيم، ويأتي البنغال في الترتيب الثالث بعدد 380 ألف مقيم، والباكستانيون في المركز الرابع بعدد 340 ألف مقيم، وفي حال جمعنا الجالية الهندية والبنغالية والباكستانية، فقط فهم يشكلون أكثر من 50 % من المقيمين الأجانب في الكويت، ويفوق عددهم عدد الكويتيين، الذين لا يتجاوز عددهم 1,386 مليون نسمة سنة 2018، بحسب موقع الهيئة العامة للمعلومات المدنية.
وبحسب التقرير فقد تفاقمت أزمة الإمارات لأسباب “جيواستراتيجية” أيضًا، ومن بينها العقوبات الخليجية ضد “قَطَر” التي كانت تستخدم موانئ دُبَي في تجارتها مع العالم، واستبدلتها حاليا بموانئ الكويت أو عُمان، وتقليص حجم التبادل التجاري مع إيران، بالإضافة إلى المُشاركة الإماراتية في العُدْوان المُتواصل على شعب اليمن، منذ نحو اربع سنوات.
Prev Post