اعتبر موقع “ميدل إيست آي” البريطاني أن ما تقوم به الإمارات من محاولات لنشر السلام في المجتمعات الإسلامية محاولة ساخرة تخدم الذات ومجرد علاقات عامة.
ونشر الموقع مقالا للكاتب “أسامة الأعظمي”، المحاضر في كلية ماركفيلد ببريطانيا، قال فيه إن جريمة القتل الشنيعة التي تعرض لها الصحفي “جمال خاشقجي” وضعت ضغوطا على الدول الغربية للتوقف عن التعامل مع ولي العهد السعودي “محمد بن سلمان”.
فأقوى رجل في السعودية تعتبره أكبر مؤسسة استخباراتية في العالم مسؤولا عن مقتل الصحفي عندما بعث فريقا لجره إلى القنصلية السعودية في إسطنبول وقتله وتقطيع جثته ثم تذويبها.
وأكد الكاتب أن “محمد بن سلمان” المندفع المتهور هو تلميذ شخصية أخرى أمهر منه وأخطر وهو ولي عهد أبوظبي، “محمد بن زايد”، بحسب ترجمة “القدس العربي”.
وكما كتب قبل فترة في موقع “كارنيغي”، فالإمارات متورطة في عمليات إجرامية وتصرفات متهورة مثل السعوديين، بخلاف أن لديهم آلة علاقات عامة فعالة، كما ناقش كل من “ريتشارد سكولسكي” و”دانيال أر دي بتريس”.
فالإمارات ليست أحسن من جارتها السعودية, فهي متورطة في حرب اليمن التي قتلت فيها الآلاف وشردت الملايين وقامت بحملات قمع للمعارضة الداخلية إلا أن شبكة العلاقات العامة الذكية كانت مهمتها أن تظل هذه الممارسات تحت رادار الرقابة العالمية.
ومن هذه المبادرات المؤتمر الدولي الخامس، المنبر لنشر السلام بين المجتمعات الإسلامية الذي يرعاه وزير الخارجية “عبدالله بن زايد”.
وأنشيء المنبر عام 2014 في محاولة لمواجهة الثورات العربية، ويقوده العالم والسياسي الموريتاني “عبدالله بن بيه”.
وبناء عليه، فقد تحدث “بن بيه” في افتتاح المنبر عن أهمية طاعة المواطنين لولاة أمورهم في الدول الإسلامية، في وقت اعتبر فيه الدعوات للديمقراطية بمثابة “إعلان حرب”.
وأصبح “بن بيه” من أكثر الشخصيات المطلوبة في العالم الإسلامي نظرا للرعاية الإماراتية له، وعُين قبل فترة رئيساً لمجلس الإفتاء الإماراتي الذي يقدم نفسه بأنه رمز “الاعتدال الإسلامي”.
ويرى الكاتب أن كلا المؤسستين هما جزء من السلاح الإماراتي للشرعية الدينية في منطقة يعتبر فيها الدين جزءاً لا يتجزأ من الفضاء العام.
ويضيف: كما لاحظ ميكافيلي قبل 500 عام, فالدين هو وسيلة لا تقدر بثمن في يد الأمير، ويبدو أن حكام الإمارات واعون لهذا الأمر.
وأشار إلى أن الذراع اليمنى لـ”بن بيه” هو العالم الأمريكي المسلم “حمزة يوسف”، الذي وصفته “الغارديان” مرة بأنه “من أكثر الشخصيات المسلمة المؤثرة في الغرب”.
وللرجلين سجل في المشاركات العامة في الشرق الأوسط والغرب، وأصبحا اليوم في خدمة حكام الإمارات ويخدمون برنامجها عن الاعتدال ويقدمونه للرأي العام الدولي.
ويقول الكاتب إن الأداة السياسية للمنبر يمكن تلخيصها من خلال المواقف العامة لقادته.
ففي 31 أكتوبر ، نشر “حمزة يوسف” على حسابه في “إنستغرام” رسالة تضامن مع اليهود بعد الهجوم الإرهابي على كنيس في بيتسبرغ بالولايات المتحدة، ووقّع على الرسالة “بن بية” بصفته رئيسا للمنبر.
لكن هذا المنبر صمت تماماً عن الحرب في اليمن، ولا يوجد أي سجل عن قيام المنبر الذي “ينشر السلام” بنقد الحرب في اليمن، لذلك كان غريبا أن ما يهم المنبر ليس الكارثة الإنسانية في اليمن، لكن شجب أي إرهاب يقع في منطقة بعيدة في العالم وليس ما يجري في أفقر دولة في المنطقة.
وفي مسألة قتل “خاشقجي”، كتب راعي المنبر، “عبدالله بن زايد” قبل ثمانية أيام تغريدة عبّر فيها عن دعمه للسعودية.
وانتقد الكاتب ما أسماه الرسائل المتناقضة من بريطانيا التي شجبت وزارة خارجيتها اعتقال طالب الدكتوراة “ماثيو هيجز” وحكم المؤبد عليه في أبوظبي، لكن نفس وزارة الخارجية كانت مشاركة في أجندة المنبر، فقد شاركت “سارة خان”، المبعوثة الخاصة البريطانية لمكافحة التطرف.
ولن يكون هناك بالتأكيد أي نقاش لما حدث لـ”خاشقجي”، ولا شجب لحرب اليمن.
وأشار إلى أنه لو كانت وزارة الخارجية جادة في نشر التسامح الديني، فعليها أن لا تمنح الغطاء للإمارات ومظهر نشر السلام.