الثورة / عادل محمد
إرادة الشعوب في الحرية والاستقلال هي المنتصرة دوماً مهما حوصرت هذه الإرادة من قبل أعداء الحرية.. أعداء الشعوب، ومهما تكالبت ضدها أنظمة القمع والاستبداد.
بيان علماء اليمن والعراق وفلسطين ولبنان بشأن التطبيع مع الكيان الصهيوني الغاصب الذي أكد من خلاله علماء الدول الإسلامية على حرمة التطبيع معتبرين ذلك خيانة عظمى للمقدسات الإسلامية والحقوق الإسلامية ولدماء الشهداء الذين مضوا في سبيل استعادة الحق المغتصب طيلة مراحل الصراع مع الكيان الصهيوني.
هذه الخطوة الإيجابية تعتبر نقطة تحول في مسار الصراع العربي – الإسرائيلي في هذه المرحلة العصيبة من تاريخ المنطقة العربية التي يحاول حكام الخليج وأمراء الانحطاط تسويق دولة إسرائيل في أوساط المجتمعات العربية – الإسلامية واعتبارها جزءاً من جغرافية الوطن العربي والإسلامي وهذا الوهم الذي تحاول أنظمة الخليج تسويقه لا يمت للحقيقة بصلة كون دولة إسرائيل تمت زراعتها باعتبارها أداة وظيفية للقوى الاستعمارية وتم تأسيس هذه الدولة على يد عصابات القتل والاغتصاب فهذا الكيان الغاصب لا يملك مشروعية وجوده الأخلاقي ناهيك عن أحقيته في امتلاك حدود جغرافية مع الآخرين.
واعتبر البيان الصادر عن الهيئات العلمائية في اليمن والعراق وفلسطين ولبنان ان المسجد الأقصى وقضية فلسطين هي قضية الأمة الإسلامية الأولى والمركزية وأنها معيار فارق بين المحقين والمبطلين والمؤمنين والمنافقين والأحرار والعبيد في هذا العصر.
ولاشك أن هذا التقييم الصادر عن رؤية إيمانية صائبة يدرك مخاطر تهويد المقدسات الإسلامية وما يمثل هذا التهديد من تداعيات مؤلمة على صعيد الهوية الإسلامية لذلك كانت كلمة علماء الأمة بهذا الصدد واضحة كل الوضوح وقاطعة لكل احتمالات التاؤيل، حيث اعتبر علماء الأمة أن مسار الحفاظ على الهوية الإسلامية مرتبط بالمشروع الإسلامي المقاوم لوجود الكيان الصهيوني الغاصب وهذا المسار هو التوجه الذي اختارته الشعوب العربية – الإسلامية عندما أعلنت رفضها لتحويل مدينة القدس إلى عاصمة لكيان الاحتلال وتمسكت بانتماء القدس الشريف إلى العروبة والإسلام، وبالمقابل نجد أن أنظمة التخاذل والتطبيع، هي من تقف في وجه إرادة الشعوب وتقف حائلاً امام تحرير المقدسات من دنس الغزاة الصهاينة.
حيث طالب البيان كافة علماء العالم الإسلامي باستنهاض همم الشعوب وإحياء قيم الاخوة والوحدة والتآلف وتوجيه الأمة إلى الاعتصام بحبل الله المتين والتمسك بكتابه المبين نزولاً عند قوله تعالى (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته اخوانا”.
وأكد بيان العلماء على تحريم انفاق أموال وثروات ومقدرات الشعوب العربية والإسلامية في اشعال الحروب ودعم اقتصادات دول الاستعمار والاستكبار العالمي التي تستنزف ثروات الأجيال إلى خزائنها من أجل حماية عروش وأنظمة الحكام السائرين في فلكها في الوقت الذي يرزح فيه معظم أفراد شعوب المنطقة تحت خط الفاقة والفقر ويعانون من انتشار الأوبئة والأمراض وتدهور كل أسباب العيش الكريم.
من خلال قراءة فاحصة لمضامين بيان علماء الأمة نخلص إلى أهمية استثمار هذه اللحظة التاريخية وتحشيد الطاقات لمواجهة مشاريع الاستبداد العالمي الهادفة إلى احتلال الأوطان وتدجين الشعوب.
العلامة فؤاد ناجي عضو رابطة علماء اليمن يرى أن الاحتلال الصهيوني ليس مجرد احتلال أرض، بل هو بدء مرحلة كاملة وشاملة من التهويد والتزييف لهوية الأمة وخصوصيتها الدينية والاجتماعية والثقافية، كما قال الله تعالى ( وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا).
إن احتلال فلسطين لم يكن ليحدث لولا أنه قد أخذ ضمانات من خلال الأنظمة التي ارتمت في أحضان الانجليز في ذلك الوقت كالنظام السعودي وقد تسربت بقلم الملك عبدالعزيز وثيقة بخط يده تثبت موافقته على منح الأرض العربية للكيان الغاصب والذي يثبت ذلك أن النظام السعودي منذ انعقاد “وعد بلفور” وهو يسعى لتهميش القضية الفلسطينية وإلهاء العالم العربي والإسلامي بالصراعات الداخلية عن قضيتهم المركزية وكذلك جرجرة الدول العربية للتطبيع مع الكيان الصهيوني على حساب القضية الأم، حتى وصل به الحال اليوم إلى أن يقاتل كل من يحمل شعار “الموت لأمريكا.. الموت لإسرائيل” كما هو حاصل اليوم في عدوانه الظالم على اليمن وقتاله في سوريا والعراق، لقد جربنا طيلة مائة عام خديعة عملية السلام لكنها لم تحرر شبراً من أراضينا المحتلة ولم يتحرر جنوب لبنان إلا بسلوك درب الجهاد والاستشهاد مما يدل على أن الأمة لا يمكن أن تحقق الوعد الإلهي إلا عندما تعود إلى الجهاد في سبيل الله وهو ما يسلكه يمننا وشامنا اللذان دعا النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم لهما بالبركة وعلى أيديهما سيكون تحرير المسجد الحرام والمسجد الأقصى اللذين ربط الله بينهما في سورة الإسراء.
وأهاب العلماء بالخطباء والمرشدين والمثقفين والشعراء والأدباء ورجال الإعلام والفكر إحياء القضية الفلسطينية في قلوب أبناء الامة العربية – الإسلامية من خلال العمل الإعلامي والتربوي والإرشادي المكثف وإقامة الفعاليات الموسعة وكذا من خلال إعادة النظر في المناهج التربوية والتي يجب أن تحتوي على قيم الأخوة الإسلامية والمحبة والتآلف وإعادة الشعوب إلى مبادئ العزة والكرامة والحرية والاستقلال.
إن فشل العدوان على اليمن سيمتد بإذن الله إلى القدس لإيجاد صحوة إسلامية عربية تتبنى النهج المقاوم لكل المخططات الاستعمارية التي تستهدف الأرض الإسلامية والمقدسات الإسلامية لذا فبوصلة اليمنيين في مقاومة العدوان إنما تتجه إلى تحرير الأٌقصى الشريف والقدس العربية وانقاذهما من براثن المستعمر الغاصب.
إنه الإيمان الصادق والقضية العادلة في مواجهة الطغيان أمراء التطبيع، الحالمين بعالم جديد، عالم منزوع الهوية ومرتب وفق أجندة الزمن الأمريكي بحيث تكون إسرائيل في قلب هذا العالم ويدار عبر شركات توظيف الإرهاب، أمراء الخليج يحملون بالسلطة على انقاض الأواصر والقيم ويسعون إلى تقديس الأشخاص على انقاض التضامن العربي.