من (وعي وقيم ومشروع) معركة الحديدة والساحل الغربي.. معركة المستقبل
عبدالفتاح حيدرة
إن معركة المستقبل القادمة هي معركة (المعرفة والوعي) لذلك فإن القليل من الجهد في معرفة الوعي والتمسك بالقيم وبناء المشروع لا يضر أبدا، فعلى الرغم من ثورة الاتصالات التي توفر كل المعلومات المطلوبة للمعرفة تقريبا، إلا أن الغالبية العظمى مصابة بالكسل الذهني، فلا نكاد نعرف حقيقة ما يحدث حولنا ، والآخرون من حولنا أيضا لا يعرفون حقيقة الأوضاع لدينا، هذا الكسل في محاولة الإلمام بأي قضية قبل التحدث فيها يورطنا في إصدار أحكام عاجلة، وفي الغالب لا علاقة لها بالواقع، فكل مجموعة ترى غيرها إما شياطين يعيشون في جحيم، أو ملائكة يسكنون الفردوس الأرضي..
إن التسرع في إطلاق الأحكام علامة من علامات الإفلاس، إنها معرفة ظاهرية، لا ترقى لمستوى المطالعة، فضلا عن الثقة، والتعصب لأفكارنا وغياب ثقافه الاختلاف يؤديان لنفس النتيجة فكثيرون عندما يختلفون مع أحد لا يرونه الا شيطاناً وإذا أحبوا أحداً لا يرونه الا ملاكاً، والطرفان يرفضون الحقيقة مهما كانت ظاهرة ويصدقون الاكاذيب مهما كانت تتضاد مع المنطق والعقل والقيم والمشروع، هذا من واقع تجربة شخصية في التواصل مع شخصيات من الداخل والخارج..
أحيانا يكون طوفان المعلومات الذي نغرق فيه، هو نفسه عائقا أمام (المعرفة) الحقيقية و (الوعي الحقيقي)، خصوصا وأن هناك الكثير من هذه المعلومات تافها ومشتتا للذهن ومضللا للعقل، ليس كل المعلومات التي تكتب على النت صحيحة، وسأعطيكم مثال المواطن العربي لا يريد أن يتخيل أنه يوجد فقر مدقع في أوروبا، وأن ما يحدث في فرنسا اليوم من مظاهرات سببها هو ان الضرائب تعادل نصف الدخل وباقي ما تبقى للدخل هو فقط لأجرة المنزل والتأمين الصحي والفواتير..
البعض يعتقد وكأن الغرب أرض الميعاد وكل شيء متاح بالمجان، كيف تقنع مواطناً يمنياً يقيم الدولار واليورو بناء على عملته المتدنية وبلده المحاصر وتحاربه أغنى 17 دولة بالعالم، بل كيف تقنع المواطن العربي والشعوب العربية كلها أن الشعب الأوروبي متقشف ومقهور والضرائب أنهكته ولا شيء مجاني في الغرب، وإن شرحت له، يقول لك قرأت كذا وكذا على النت، حتى أصبح كل شخص يؤوّل الاحداث حسب عقله وفهمه هذا إذا كان يوجد عنده عقل من الأصل في التحليل والاستيعاب..