وفد الرياض.. تعنّت في وجه الحقوق اليمنية
علي الدرواني
منذ أيام وصل الوفد الوطني الذي غادر صنعاء إلى السويد متسلحاً بعدالة القضية ومتشحا بالصمود الأسطوري، حاملاً معه آمال وطموحات الشعب اليمني في تثبيت حقوقه وصيانة سيادته والتخفيف من معاناته التي تصفها التقارير الدولية بأسوأ كارثة إنسانية في العالم من صنع البشر.
الملفات الإنسانية هي أبرز ما يسعى المبعوث الأممي مارتن قريفت لمعالجتها في هذه الجولة تحت عنوان ما يسميه “بناء الثقة”، وعلى رأسها ملف الأسرى والمعتقلين وملف الاقتصاد وتوحيد البنك وصرف مرتبات الموظفين المنقطعة منذ نقل البنك المركزي إلى عدن إلى جانب فتح مطار صنعاء الدولي أمام المسافرين والحالات الانسانية والصحية وتحييد ميناء الحديدة.
هذه الملفات الانسانية ليست محل حوار بطبيعة الحال، ولا ندري كيف تورطت الأمم المتحدة في احالتها للنقاش، وتحويلها مادة للأخذ والرد، فالحقوق لا تتجزأ ولا تقبل بأنصاف الحلول.
على كل حال، وصل الوفد الوطني حاملاً معه صلاحيات كاملة من قبل المجلس السياسي الأعلى أملاً في انجاز هذه الملفات، كما أظهر مرونة ايجابية مع ما تطرحه الأمم المتحدة وقبل بدور لها في الميناء والمطار دفعاً لذرائع العدوان.
ورغم توقيع دول العدوان على اتفاقية تبادل جميع الأسرى، كان وفد الرياض يبدي تلكؤا في تسليم كشوفات الأسرى لديه، وظهر من خلال هذا التلكؤ أنه مجرد أداة بيد الرياض وأبو ظبي، لا سيما عندما يغادر فريقهم في لجنة الأسرى بمغادرة الجلسة دون إبداء أي أسباب فقط لمجرد تلقيهم اتصالا هاتفياً من خارج الجلسة، وهذا يشير الى أن هناك نوايا للالتفاف على الاتفاق بغرض تعطيله ووضع العراقيل أمامه على الأقل، لا سيما بعد ما تداولته وسائل إعلام أثناء انعقاد جلسة النقاش للجان الأسرى وأفادت عن السماح لأسرى سعوديين بالاتصال بذويهم والتأكد من بقائهم على قيد الحياة.
التعطيل أيضاً ينسحب على ملف مطار صنعاء الدولي الذي أصبحت إعادة فتحه أمام الرحلات الدولية للمسافرين والمرضى وغيرهم من شرائح المجتمع مطلبا دوليا وأمميا وإنسانيا، وذلك بمحاولة تحويله الى مطار محلي، يزيد من معاناة المسافرين، وهو طرح غير قابل للتطبيق فضلاً عن أن يكون محل قبول من الوفد الوطني، لأنه لا يوجد مطار في اليمن قادر على أن يحل محل مطار صنعاء الدولي لا من الناحية الفنية ولا من حيث الموقع، فضلاً عن أن مطار عدن غير آمن للمسافرين، وحوادث الاختطاف للمسافرين من قبل أدوات الاحتلال في المحافظات المحتلة لا تتوقف، وكان آخرها في الأسبوع الماضي، وليس بعيداً ما طرحه بعض المراقبين من الحديث عن محاولة تشغيل شركات طيران تابعة لمستثمرين سعوديين وخليجيين للرحلات المحلية.
تعنت وفد الرياض لا يمكن قراءته إلا في إطار السعي لافشال مساعي المشاروات التي تقودها الأمم المتحدة لصالح تجار الحروب وخدمة لأجندة عواصم العدوان الرياض وأبو ظبي، وأن الرياض ارسلت هذا الوفد من أجل أن تحصل بالمشاورات على ما لم تحصل عليه بالقوة، لا سيما بعد فشل خياراتها العسكرية، وخسارتها الكبيرة في مختلف الجبهات على رأسها ما جرى من اسطورة في الساحل الغربي.
في ذات الوقت، هناك مفارقات عجيبة وفاضحة يعيشها وفد الرياض، الذي يصف نفسه بالشرعية ويدعى أنه يريد انقاذ الشعب اليمني، في الوقت الذي يرفض كل الحلول المقترحة وكل ما من شأنه تحسين وضع اليمنيين ورفع معاناتهم، كصرف المرتبات، وتحييد الاقتصاد وميناء الحديدة، وتوحيد عمل البنك المركزي، أو حتى الإفراج عن الأسرى والمعتقلين، وهي أمور أكثر ما يقال عنها أنها إنسانية، لا تمثل أي مكاسب سياسية لأي طرف، سوى أنها تستخدم بقذارة من قبل دول العدوان، بغية اركاع الشعب اليمني، وإجبار قيادته للقبول بالشروط والذهاب نحو الاستسلام، وهو الأمر الذي يثبت أن هؤلاء ليس لهم علاقة بالشعب اليمني ولا يهتمون لرفع معاناته بقدر ما يهمهم خدمة العدو وأهدافه وحماية مصالحه.
وفي ظل هذا الوضع وطبيعة وفد الرياض البائس والفاقد للصلاحيات، والذي لن يصل الى أي نتيجة طالما أنه لا يمتلك أي قرار، ولا يستطيع المضي خارج الإملاءات السعودية والإماراتية، فإنه بات من الضروري أن تتوقف هذه المهازل التي ترعاها الأمم المتحدة، وأن تعمل على تبني طاولة مفاوضات بين اليمن من جهة وتحالف العدوان على رأسها السعودية والإمارات من جهة أخرى، إلا إذا كانت تريد إطالة أمد المأساة الإنسانية، وتقبل أن تكون شريكة فيها.