الثورة نت/ متابعات
أثارت الأنباء التي كشفها مصدر في مكتب النائب العام التركي اليوم من أن جثة الصحفي جمال خاشقجي تعرضت للإذابة بالكامل بواسطة “أسيد الهيدروفلوريك” تساؤلات بشأن لجوء السعوديين لهذه الطريقة من أجل التخلص من جثة خاشقجي.
وبحسب نشرات علمية فإن هذا الحمض Hydrofluoric acid يستخدم في تصنيع الألومنيوم والحفر على الألواح الزجاجية كما يستخدم في المعامل لفصل نظائر اليورانيوم.
كما أن حمض الهيدروفلوريك سائل عديم اللون ذو رائحة مهيجة ويتبخر عند تعرضه للهواء وهو حمض له صفة التآكل والإتلاف بدرجة عالية.
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أعلن قبل نحو 3 أسابيع عن عثور المحققين على مواد سامة وكيماوية في بيت القنصل ومقر القنصلية وطرح تساؤلات عن مصير الجثة ليتحدث مكتب النائب العام اليوم عن العثور على عينات من هذه الأحماض داخل بئر بيت القنصل بالإضافة لشبكات الصرف الصحي المحيطة بالقنصلية.
ويرى مراقبون أن السيناريو الأقوى كان تنفيذ جريمة القتل والتخلص من جثة خاشقجي بهذه الطريقة لإخفاء أي أثر لها ثم رمي الكرة بالملعب التركي عبر الإصرار على خروجه من المقر واتهامها بالمسؤولية عن اختفائه لكن انكشاف القضية بعد ساعات من تنفيذها أفشل كل الخطط.
خبرة في القتل
الناشط والمعارض السعودي عبد العزيز المؤيد قال إن النظام السعودي من حيث المبدأ “يرى أنه يمتلك الحق الشرعي والأخلاقي والقانوني في التخلص من كل من يعارضه وإنهاء أثره بأي طريقة كانت”.
وأوضح المؤيد لـ”عربي21″ أن العديد من الحالات لمعارضين سبق أن أجهز عليها النظام السعودي وألصق بها تهم الإرهاب وما زال يمارس هذا الأسلوب داخل محاكمه مثل طلبات الإعدام للداعية سلمان العودة وغيره من المفكرين والشخصيات الوطنية في السعودية.
وأضاف متسائلا: “كم شخصا اختفى في السعودية ولم يظهر له أثر؟” وتابع: “لدينا قصص للعديد من الناس الذين اختفوا ولم يدر أحد عن مصيرهم في العديد من مدن السعودية وربما استخدم ضدهم الأسيد للتخلص من جثثهم ومحو آثارهم”.
ورأى المؤيد أن “استخدام الأسيد في التخلص من جسد خاشقجي لم يكن الرسالة المقصود إرسالها للمعارضين فعملية الإخفاء هي الرسالة لكن الأسيد كان الهدف منه إخفاء آثار الجريمة بالمطلق ثم الانطلاق لاتهام تركيا بالمسؤولية عن اختفائه وعدم وجود أدلة على وجوده في القنصلية أو بيت القنصل لكن الأمور لم تأت كما اشتهى القتلة”.
وأوضح: “لو لم تكشف تركيا الجريمة مبكرا لخرج الذباب الإلكتروني بحملة تهاجم تركيا وتطالب بالكشف عن مكان خاشقجي وهو ما ظهر من استخدامهم هاشتاغ اختطاف نملة وصارور الذي بدأوا التغريد به خلال بعد دخوله القنصلية وتوقف فور انكشاف الجريمة”.
ووصف المؤيد النظام السعودي بـ”النظام الداعشي” وقال إن المشكلة لدى النائب العام سعود المعجب كانت “عدم وجود انضباط إداري في عملية القتل لكنه لا يرى مشكلة في التخلص من خاشقجي وغيره وهو من طلب إعدام سلمان العودة قبل الجريمة بأيام”.
ورأى أن من قام بالجريمة “أشخاص متمرسون على القتل وطمس الأدلة فالناس تختفي بالسعودية منذ السبعينات لكن الخلل الذي حصل كشف كل شيء”.
جريمة نظيفة
من جانبه قال المحلل السياسي عمر عياصرة إن ما قام به السعوديون بتذويب جثة خاشقجي “سلوك استخباراتي قديم ويشبه ما قيل إنه حدث مع المعارض المغربي مهدي بن بركة”.
وأوضح عياصرة لـ”عربي21″ أن المخطط بات واضحا بالقتل وتذويب الجثة وعدم الاعتراف من جانب الرياض بالأمر لاتهام الأتراك بعد أيام من التنفيذ بالمسؤولية عن إخفاء الشخص وهذا الخيار ربما لجأوا إليه بعد دراسة عدة سيناريوهات للعملية.
وأضاف: “باعتقادي اللجوء للتذويب هو الأنسب لهكذا عملية لإخفاء الأدلة وترك مسرح الجريمة نظيفا دون أدلة والحديث عن وحشية الممارسة هي قضية خارج حسابات من نفذها لأنهم قتلة في النهاية والإنسانية لا مكان لها هنا”.
لكنه في الوقت ذاته رأى أن السلطات التركية قد تتوقف عن البحث عن الجثة لكنها ربما تطرح أسئلة جديدة وهي: “أين رأس خاشقجي؟ وربما لدى الأتراك أدلة أخرى مخبأة يحضرون أسئلة لها لتطرح على الجانب السعودي”.
وشدد العياصرة على أن ترتيبات الشخصية البديلة التي تشبه خاشقجي وجاءت مع فريق الاغتيال وخرج من الباب الخلفي بعد تنفيذ الجريمة ونوعية الأشخاص التي حضرت من الرياض وتخصصاتهم “كلها تورط السعوديين بأن تجعل من الصعب تصديق رواياتهم حول القصة وأن الأمر مبيت له بقتل وتذويب الرجل عبر الحمض من اللحظة الأولى”.
واعتبر أن العملية “جرت بغباء شديد كان وراءه الغرور بالقدرة على إخفاء جثة الرجل بواسطة الأسيد متناسين القدرات الاستخبارية التركية التي كشفت ما دار بداخل غرفة القتل الكاميرات التي التقطت كل التحركات بعد ذلك وأدت لكشف الجريمة بكل تفاصيلها أمام العالم”.