التعليم يصنع النهضة والقوة
حمود أحمد مثنى
تناول مفكرو المسلمين موضوع التعليم حيث قالوا:
ليس من فريضة من بين جميع فرائض الشريعة وأحكام الناموس أوجب ولا فضل ولا أجل ولا أشرف ولا أنفع للعبد ولا قرب له بعد الإقرار بالله والتصديق بأنبيائه ورسله فيما جاءوا به وخبروا عنه من العلم وطلبه وتعليمه. ويبدو أن ما يشبه هذه النظرية لدى اليابان فالفكرة التي يتمثلها اليابانيون منذ الأزل هي أنهم أبناء السماء والشمس ثقب السماء الذي نزلوا منه إلى الأرض المقدسة (اليابان) وما دونهم من البشر ليسوا من السماء بل هم (أشباه بشر) ولما دار عليهم الزمان رغم عزلتهم الأشد من أي عزلة في الأرض وبعدهم بمجموعة جزرهم عن العالم ولا يتمتعون بموقع استراتيجي، فقد غزاهم الأوروبيون الباحثون عن أسواق لبضائعهم ومواد خام لمصانعهم صعق اليابانيون من أشباه البشر المتجرئين على غزو أبناء السماء في أرضهم المقدسة بواسطة السفن الحديثة فالمدافع والصليب على مقدمة البارجة الحربية أجبرهم على الخضوع مؤقتاً خوفاً من الإبادة والاستعداد للانتقام، تلفتوا حولهم دائرياً وأفقياً وعمودياً للبحث عن حل لهذه المهزلة فكان الجواب التعليم هو الحل.
قال أول وزير تعليم في اليابان في عصر التحديث عام 1885م أرينوري موري ( التعليم في اليابان ليس الغرض منه تكوين أناس يتقنون العلوم والآداب والفنون وإنما هو تصنيع الأشخاص المطلوبين للدولة) وهذا التحدي خلق حالة أطلق عليها ( جنون التعليم ) عام 1890م وبالتالي فإن أبناء السماء سوف تتخلى عنهم السماء وتسخطهم أشباه بشر فالأمة كلها معباة من أجل الأطفال وتعليمهم يخدم الأمة وقد فرض على الأطفال نظام تعليمي فيه جهد هائل من أجل تلقي كم عظيم من المعلومات حتى اعتقد الدارسون لمنهج وأسلوب التعليم الياباني من غير اليابانيين بأن قدرة وطاقة الطفل الياباني لن تتحمل ذلك الجهد والكم الهائل من المعلومات.
وقد وصفت بعض المنظمات المعنية بحقوق الإنسان اليابان بأنها تخلق النمل العبقري ومن ضمن العملية التعليمية نظام الامتحانات الذي به تقاس قدرة الطالب على استظهار قدراته ،فاليابانيون يقولون أن التعليم ليس من أجل العلم وإنما من أجل اليابان.. إننا نعلم أبناءنا الصدق والحقيقة من أجل أن يكونوا يابانيين ، وفي نظام الامتحانات المجنون هذا نجد أنه من النادر أن يرسب طالب واحد في هذه الامتحانات والنتيجة هذه ليست بتلك البساطة بل إن الآباء والمفكرين والباحثين عن حل استحدثوا مراكز التقوية (جوكو) أو مدارس موازية للنظام التعليمي والذي يمنح الشهادات ولا يقل عن أهمية عن التعليم الرسمي وعند الانتهاء من المراحل التعليمية قبل الجامعية يكون الطالب قد حقق أصعب وأقسى مرحلة في حياته وهناك ممن يصف دخول الطالب إلى الجامعة بعد ذلك بأنه مكأفاة له لاجتيازه جحيم الامتحانات.
وهناك عشرات الجامعات أشهرها جامعة (توادي) التي تحتل أعلى قمة في الجامعات
إذاً الفكرة اليابانية والبناء ياباني والعلم شرقي وغربي فنجحت اليابان وتخلف العرب رغم أسبقية النهضة العربية التي بدأت في مصر عام 1805م والسبب قيل (أن حركة التحديث التي انطلقت من مصر لم تكن مصرية ولا عربية في جوهرها لا من حيث القيادات السياسية ولا من حيث مقولات الفكر السياسي والانتماء القومي الأيدي العاملة والمهندسون والصناع والمخططون من العناصر المجلوبة إلى مصر بلغت مئات الآلاف في منتصف القرن التاسع عشر من كل اجناس أوروبا وسرعان ما عادة كل الكفاءات إلى أوطانها ، على عكس اليابان التواقين إلى النهضة والقوة كانت القيادة والعمال والمهندسين والصناع والمخططين يابانيين .
ونفس الأمر في كوريا الجنوبية التعليم هو الذي صنع كوريا وغير حالة الفقر والتخلف إلى إحدى الدول الكبرى صناعيا فسنوات التعليم الابتدائي والإعدادي والثانوي متطابقة مع نظامنا ولكن المنهج والأسلوب مختلف بحسب الأهداف والغايات التي يتطلع إليها الشعب الكوري مع قيادته .