مرحلة الغموض في السياسة العالمية
محمد أحمد المؤيد
في الوقت الذي كان فيه العالم قد دخل في أوج الفتنة التي كانت قاب قوسين أو أدنى من ملحمة عالمية دقت طبولها من على أبواب محافظة إدلب السورية التي في ظني أنها – المعركة – كانت لن ترحم تجار الحروب وعشاقها , والتي لاشك أنها كانت ستلقي بظلالها على كل قاصٍ ودانٍ في هذه المعمورة لولا التدخل الإلهي الذي دائماً ما ” يمهل الظالمين ولا يهمل ” وهو رحيم ودود بعباده المؤمنين , لأن الحرب العالمية الثالثة لو اندلعت فلن تستثني أحداً في العالم شاء أم أبى , ولذا كان على المتخاصمين – وهو ما حدث فعلاً – أن يتلعثموا ويتمظهروا بالدبلوماسية الزائدة (يمسكوا بإحدى يديهم في طرف الكرفتة أو العقال وهو تعبير عن الاضطراب وعدم الرضى بما يحصل ) وينتقلوا من أسلوب المواجهة بالسلاح ” وجه لوجه ” إلى أسلوب الصراع السياسي بغية ترتيب الوضع لكلا منهما بأسلوب اسمه ” ذر الرماد على العيون ” , وذلك عن طريق اختلاق قضايا عالمية تثير الرأي العالمي وتشعل الأخبار العالمية والتساؤلات بين عامة الناس وفي الشارع والتي عادةً لا تنتهي إلا بانتهاء ترتيب الوضع فيما بين المتخاصمين والبدء إما من جديد أو طمس القضية من أساسها ” بفص ملح وذاب ” .
حقيقة أنه لا يوجد من ينكر أن القضية السورية قد فضحت التكتلات العالمية التي كان يكتنفها الغموض أحيانا ولفترة ماضية من الزمن إلا أنها فعلا قد كشفت النقاب عن جل الدول التي تدعي الحيادية والترفع عن التدخلات في شؤون الدول والشعوب العالمية وخاصة تلك الداعمة للوبي الصهيوني , وكيف أنها لم تحرك ساكناً في قضية اليمن والعراق وليبيا وتونس وغيرها من الدول العربية , لكن عندما يكون الأمر متعلق بدولة حدودية مع العدو الإسرائيلي المحتل لأرض فلسطين , فهنا قامت القيامة ولم تقعد وخاصة مع الفشل الذريع لخطة تدمير الدولة السورية التي لم تنجح , فراحوا يعلنون وبشكل فوري واضطراري بالتدخل الصريح والواضح مع من تتناسب سياستهم مع سياسة العدو الصهيوني المغتصب للأراضي الفلسطينية والذي بتدمير سوريا يخلو لهم الجو في الجولان ولبنان وفلسطين المحتلة وتوسيع دائرة الاستيطان فيها , وكذا الهيمنة على أي دولة مجاورة بحيث لا تعير لها أي اعتبار أو خوف وقلق من أي اعتداء مستقبلي قد يفتك بإسرائيل المحتلة , كما هو شأن فرنسا وبريطانيا وكثير من الدول وخاصة الأوروبية التي تعمل من تحت الطاولة , ولذا فمع اشتداد الأزمة ودخولها مرحلة الحسم والقضاء على ما بقي من نوازع الفتنة السورية , وما حدث من احتشاد وتكتل لكلى الجانبين , والتي بدا من خلال تلك الجدية المطلقة من الجانب الروسي بحسم المعركة باعتبارها الداعم لنظام الأسد ومن إلى صفهم كإيران وحزب الله وتركيا التي كانت من أشد الدول حرصا في عدم حسم المعركة ” لحاجة في نفس أردوغان ” ولكن بطريقة المراوغة والغموض وخاصة من بعد زيارة أردوغان لألمانيا.
ولذا فمع احتدام الوضع في إدلب السورية وعدم وجود عوامل داعمة للموقف الأمريكي ومن إليها من الدول , وخاصة عندما وجد خلاف فيما بينها وبين تركيا في الآونة الأخيرة , الأمر الذي من شأنه شكل صفعة قوية لأمريكا ولم يحفزها لخوض غمار المعركة , بل وصار عليها أن تنسحب من الجو المشحون بالتوتر العالمي بشيء من الفبركة الإعلامية وخلق نوع من الغموض في مسار السياسة العالمية , وذلك من خلال إثارة قضايا هامشية وغير مهمة ولكن أثارتها وجعلها في غاية الأهمية بل وهو حديث المرحلة , وهو الأمر الذي به يثير الرأي العالمي وإغفالهم عن قضية الانسحاب للإرهابيين إلى أفغانستان والعراق , وهو ما كشفه تصريح الجانب الروسي وتأكيدهم أن أمريكا تعمل ذلك فعلياً وصرحت به الأردن عبر مغادرتهم لأراضيها في رحلات جوية منسقة بعد أن كانوا قد توافدوا إليها , في حين أن العالم ينشغل بقضايا الغموض التي نصبت لإغفال الناس عن الترتيبات الأمريكية من خلف الستار , وهو ما أثير فعلا كقضية الصحفي السعودي (خاشقجي) , في حين أن آلاف اليمنيين الأبرياء تراق وتزهق دماؤهم وأرواحهم ولمدة أربعة أعوام والنظام الأمريكي يكون أكبر داعم للسعودية وحلفائها منذ أربعة أعوام وحتى اللحظة والعالم لم يحرك ساكنا كما عمل بقضية (خاشقجي) , وكذا موضوع منع السلطات الجزائرية ارتداء الحجاب في المرافق الحكومية – (والذي نأسف من هكذا قرار من دولة عربية إسلامية وهو انحلال منها عن مبادئ الدين رغم كونها بلد المليون شهيد … وهو استغراب منا كيف بدت حكمة ” بوتفليقة ” غير حكيمة في موضوع عقائدي كهذا…..!!!?) – , وهو الأمر الذي بدت فيه أمريكا والسعودية في لعبة (القط والفار) (واحد يأخذ الثمار والآخر يفتح الزنبيل) , وكلها تبدو سياسة حجب الأنظار عن مسار المعركة المحسومة في سوريا والتغطية على هزيمة التحالف (الأمريكصهيوسعوأوربي) مع نظام الأسد والجيش السوري وروسيا .
..ولله عاقبة الأمور..
إلى من يهمه الأمر …..
كل يوم يذهب أحدنا ليشتري ماء صحة ( حدة , شملان , صنعاء , حدين , وغيرها من الشركات والماركات ) وإذا كل يوم وصاحب البقالة يعطي الناس سعراً أرفع من اليوم الذي قبله وتسأل صاحب البقالة لماذا هذه الارتفاعات المتتالية رغم استقرار سعر الصرف … فيرد :” كل يوم والتاجر يعطيني سعراً أرفع من ذي قبل..!!!?) ولا ندري هل هم التجار أم هم أصحاب الشركات !!!? …. أفتونا جزاكم الله خيراً.