رجال الأعمال يؤكدون على تحييد الاقتصاد ويطالبون الجهات الحكومية بالتنسيق الكامل بين البنك المركزي في صنعاء وعدن ومارب
الثورة/ أحمد الطيار
دعا اللقاء التشاوري حول تداعيات وآثار تراجع سعر صرف العملة الوطنية أمام العملات الخارجية على الاقتصاد الوطني والقطاع الخاص الذي نظمته الغرفة التجارية بأمانه العاصمة امس بصنعاء كافة الجهات الحكومية والدولية لإتاحة الفرصة للتنسيق الكامل بين البنك المركزي اليمني في كل من عدن وصنعاء ومارب لإدارة سياسة نقدية موحدة للبلاد تعمل على الحد من تدهور الريال ووضع معالجات فعالة لاستقراره وضبط سوق الصرف بالطرق القانونية .
كما اكد اللقاء على تحييد الاقتصاد الوطني وكافة أنشطة القطاع الخاص وتجنيبه مخاطر الحرب وحذر من انهيار الاقتصاد الوطني إن استمرت وتيرة تراجع العملة الوطنية بهذا الشكل قائلا: حينها لن يجدي الندم شيئاً وسيكون 30 مليون إنسان يمني في مهب الريح .
ودعا اللقاء إلى تعاون الجميع بإخلاص ووطنية في إنقاذ ما يمكن إنقاذه، مؤكدا أن القطاع الخاص طرح مبادرة تحييد الاقتصاد في عام 2016م وكانت كفيلة وما تزال بتجاوز التأثيرات السلبية واستمرار النشاط الاقتصادي بعيداً عن براثن الحرب والصراعات وكفيلة بتوفير الحد الأدنى من المعيشة للشعب اليمني .
وفي بداية اللقاء شدد محمد محمد صلاح نائب رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية بأمانة العاصمة على ضرورة قيام كافة الجهات الرسمية بواجبها الوطني في المحافظة على استقرار العملة وحماية الريال اليمني وتجنب الانزلاق نحو الهاوية والانهيار على رأس الجميع وبالدرجة الأولى على رؤوس المواطنين البسطاء الذين يتجرعون المر والعلقم جراء هستيرية التضخم والافتقار لمصادر الدخل وبالأخص الفئات الأكثر فقرا والتي باتت تمثل 85 % من السكان حسب المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة .
و أضاف صلاح : إن القطاع الخاص التجاري والصناعي أول من يعاني من مخاطر تراجع سعر الصرف بل إنه يناله النصيب الأكبر من ويلات هذه الحالة المصرفية التي تتسبب في تآكل رأس ماله وانهيار أنشطته وتعرض التجار ومنشآتهم للإفلاس .
وشدد صلاح على ضرورة تلافي هذا المصير من خلال اتخاذ كافة التدابير والإجراءات الممكنة للتعامل مع هذا الملف بعدل ومهنية مهما كانت الظروف.
وقال إن الغرفة التجارية الصناعية بأمانة العاصمة تنطلق في مناقشة وتبيان مخاطر وتداعيات تراجع العملة على الاقتصاد الوطني والقطاع الخاص من واجبها الوطني ومسؤوليتها أمام الله لتوضيح مخاطر هذه الأزمة والتأثيرات السلبية التي خلفتها الأوضاع الاقتصادية في الساحة الوطنية على كل القطاعات .
من جانبه أشار الدكتور يحيى بن يحيى المتوكل رئيس المرصد الاقتصادي للدراسات والتوقعات الذي شارك في تنظيم اللقاء إلى أن هناك أسباباً جوهرية لضعف العملة الوطنية وتراجعها باستمرار أمام العملات الأجنبية وتكمن أهم تلك الأسباب في الضعف الهيكلي المزمن للاقتصاد الوطني ليس من الآن فقط ولكن منذ وقت طويل حيث يعاني الاقتصاد الوطني في الأساس من خلل هيكلي في قطاعاته تمثل في الاعتماد على مورد اقتصادي واحد فقد على إثره القدرة الإنتاجية المتوازنة وهذا ناتج عن عدم قدرة وتنوع الاقتصاد الوطني وكل ذلك جعل العملة الوطنية تتعرض لاهتزازات من حين لآخر .
مشيرا إلى أن التعامل مع هذا الملف يجب أن يكون بعيدا عن الهرقطات التي يتغنى بها السياسيون خصوصا أولئك البعيدين عن الوطنية، مشيرا إلى أن التراجع الحالي للعملة ناتج عن هذا الضعف الهيكلي للاقتصاد الوطني أولا فيما يتحمل العدوان السعودي الأمريكي ومرتزقته الجانب الثاني وهو ما يجب على السياسيين الاعتراف به.
منوها بجملة من المؤثرات التي أسهمت في تراجع الريال منها الأموال المطبوعة من قبل حكومة بن دغر والفار هادي وإصدارها في زمن قياسي وما نجم عن العدوان على اليمن أيضا من طلب للتمويلات، والسياسات التي اتخذتها دول العدوان في حربها الاقتصادية بإضعاف العملة اليمنية وإصدارها بدون رصيد لتمويل عدوانها على اليمن، كما لعب المضاربون دورا كبيرا في تفاقم المسألة وهذا يكشف كله المخاطر المحدقة بالشعب اليمني لأن المعالجات لا يجب أن تهم طرفاً دون آخر.
كما قدم الدكتور علي سيف كليب استاذ الاقتصاد بجامعة صنعاء ورقة عمل، التحليل الاقتصادي لسعر الصرف “الريال اليمني” أشار فيها إلى أن مشكلة سعر الصرف ليست وليدة اللحظة بل هي قائمة منذ زمن طويل وهذا ناجم عن عدم التقييم الحقيقي لسعر الصرف “الريال اليمني”، مبينا أن هناك عدداً من اللاعبين الحقيقيين في سوق الصرف من ضمنهم البنك المركزي والبنوك والوسطاء وشركات الصرافة والسماسرة وهناك من يعمل لمصلحته ومصالح آخرين، منوهاً بأن وظيفة سعر الصرف في اليمن لم تكن في يوم ما وظيفة حقيقية تعمل بأسس علمية واقتصادية وغابت الأهداف لهذه الوظيفة ولم يتم تنفيذ آلية عملية وحقيقية مترابطة مع القطاعات الاقتصادية فيما المشكلة الحقيقية تتمثل في عدم نموذج تنموي لليمن يعمل عليه ,ودعا لاستخدام سياسية علمية حقيقية متوازنة تراعي الجوانب النقدية والتجارية والمالية في اليمن .
وقد فتح النقاش حيث ادلى رجال الأعمال برؤاهم ومقترحاتهم للحلول والمعالجات وبينوا كيف اثر تراجع العملة الوطنية على قطاعات الاستيراد ومستوى الطلب على السلع وارتفاع أسعار السلع ومدى التأثير المتوقع على المستهلكين وتغطية احتياجاتهم.
كما بينوا بالأرقام المخاطر في مستويات الفقر والتي باتت اليوم تفوق 85% من السكان مما يستدعي تحركا محليا وإقليما ودوليا لإنقاذ الوضع الاقتصادي في اليمن خصوصا وان الحرب تنهش اليمنيين من جهة والفقر والجوع من جهة أخرى.
وقد خرج اللقاء بجملة من التوصيات ابرزها التأكيد على تحييد الاقتصاد الوطني ورفض اتخاذه ورقة سياسية وعسكرية من قبل الجميع والدعوة لضرورة إعادة الثقة بالعملية المصرفية في اليمن وإتاحة المجال للبنوك الوطنية بالعمل المصرفي وعودة السيولة النقدية إليها وأكد المجتمعون على ضرورة التعامل بحزم ضد المتلاعبين بالعملة الوطنية في سوق الصرف وفقا لنصوص وإجراءات القانون .
كما أكد اللقاء على أن القطاع الخاص اليمني هو الرائد للنشاط الاقتصادي والمحرك الأول له ولهذا يجب أن تحظى كافة الرؤى والمقترحات التي يطرحها بالتنفيذ والعناية والاهتمام من قبل الجهات الحكومية دون تسويف.
وحيا اللقاء الدور الذي تلعبه الغرفة التجارية الصناعية بأمانة العاصمة والاتحاد العام وكافة الغرف اليمنية لتجسير التواصل وتوحيد رؤى وخطوات القطاع الخاص اليمني، وشدد على تعزيز هذه الخطوات ومباركتها على كل الصعد ،ونوه بأهمية تحركات ونشاطات كل الخيرين في تعزيز خطوات القطاع الخاص وأنشطته للخروج بالبلد ومجابهة ازماته وتوضيحها وبيان المعالجات حيالها .
كما أشاد بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني في الضغط للوصول لسلام ورفع المعاناة عن الشعب اليمني جراء الحرب العدوانية الظالمة .
وطالب اللقاء كافة المنظمات المحلية والدولية بالوقوف مع القطاع الخاص اليمني والضغط على كافة الأطراف لوقف الحرب وإعادة الإعمار وتنمية الاقتصاد الوطني لتحقيق الأدنى من المعيشة للشعب اليمني .
وقد دعا الحاضرون كافة مجتمع الأعمال في اليمن للتوحد تحت مظلة الغرف التجارية وتعزيز علاقات الإخاء والتعاون بينهم وفي كافة الأطر مع العمل على تنظيم لقاءات رسمية تجمع رجال الأعمال ومنظمات المجتمع المدني والأكاديميين للتباحث في حلول عاجلة وفقا لرؤية مصلحة الجميع ومصلحة البلاد، كما طالبوا بتحركات جماعية للضغط الجماهيري والدولي على الفاعلين الرئيسيين في الحروب على اليمنيين.