من ينصف القاضي ؟
حسن الوريث
لم تكن علاقتي بحكام الرياضة مرتبطة فقط بعملي في مجال الإعلام الرياضي لكنها بدأت منذ وقت ليس بالقصير، حيث كنت ألعب كرة القدم وبعض الألعاب الرياضية سواء على مستوى الحي أو المدرسة وعندما التحقت بنادي الفتح ومن ثم نادي النجم الذي صار فيما بعد نجم سبأ لكنها تواصلت واستمرت بحكم عملي الإعلامي وهذا ما جعل ارتباطي بهم يزداد بل ويتطور بل ويتعمق أكثر وجمعتني بالكثير منهم علاقة صداقة أعتز وافتخر بها رغم تقصيري الكبير في حقهم كصحفي وإعلامي بما يفترض قيامي به تجاههم من الإنصاف.
بالتأكيد أن الحكام هم أحد أضلاع الرياضة الذين لا يمكن أن تسير الرياضة بدونهم وبدون هذا الضلع الهام إذ لا يمكن أن تقام أي مباراة رياضية في أي لعبة دون وجودهم لكن مع كل ذلك فهم في اعتقادي الضلع الأكثر مظلومية فمن يخسر في الميدان لا يجد أضعف منهم يعلق عليهم خسارته بل أن الأمر يصل في بعض الأحيان إلى الاعتداء عليهم سواء بالشتم أو الضرب أو غير ذلك وأحيانا لا تجد الاتحادات الرياضية أقرب واضعف منهم لإيقافهم وتجميدهم والاتكاء عليهم إذا ما زاد الضغط عليها وتريد إلقاء اللوم على من لا يجد من يدافع عنه فيكون الحكام هم الضحية.
كانت هذه المقدمة الطويلة نوعا ما مدخلا لتسليط الضوء على إحدى الفئات الرياضية الضعيفة والتي قررت أن أسخر قلمي لمحاولة إنصافهم ولو بالحد الأدنى الذي أستطيعه بحسب وعدي الذي قطعته على نفسي خلال لقائي ببعض الحكام في بطولة النادي الأهلي صنعاء الرمضانية وخاصة الحكام حسن قرمة وأمين ردمان ومحمد المطري والذين تحدثت معهم وكانت شكواهم مريرة من الأوضاع الصعبة للحكام ومعاناتهم وعدم الاهتمام بهم وبالتأكيد أن ما زاد إصراري على الكتابة في هذا الموضوع هو لقائي بأحد أعمدة التحكيم الرياضي الكابتن الخلوق والحكم الدولي السابق ناجي أحمد حسن والذي يؤلمني عدم الاهتمام به من قبل المعنيين في الاتحاد أو الوزارة نظرا لحالته الصحية وظروفه الصعبة والمفترض أن يجد هو وغيره من الحكام الذين افنوا جزءاً كبيراً من حياتهم في خدمة الرياضة وقدموا عصارة جهدهم، يجدوا كل الرعاية والاهتمام والتقدير نظير كل ذلك.
عندما سألت الحكم كمال الغيل في إحدى جلسات نقاشي الرياضية شبه اليومية معه: هل توجد رابطة أو نقابة للحكام؟ أجابني بقوله “للأسف لا يوجد سوى لجنة الحكام التابعة لاتحاد كرة القدم والتي تتولى تنظيم أعمال ومهام الحكام وتوزيعهم على المباريات لإدارتها سواء كانت الرسمية أو غير الرسمية” وكلمة للأسف التي وردت في إجابته تؤكد أنه وربما معظم الحكام يتطلعون إلى أن يكون لهم رابطة أو كيان يهتم بشئونهم ويتابع قضاياهم وربما يعيد لهم جزء من حقوقهم المهدرة لدى الغير، وهذا الكلام أثار فضولي الصحفي والإعلامي لأتحدث وأطرح هذه الفكرة في هذه الزاوية من الصفحة الرياضية لصحيفة “الثورة” عل وعسى أن تجد آذانا صاغية من قبل الحكام أنفسهم أولا ومن قبل الجهات المعنية للتعاون معهم لإيجاد كيان نقابي لهذه الشريحة الرياضية المهمة، وبالتأكيد أننا كإعلاميين رياضيين سنكون عونا وسندا لهم لمساعدتهم في ذلك وان لا يقتصر دورنا فقط في جلد الحكام وتصيد أخطاءهم ونشرها في الصحف والمواقع والقنوات بل يفترض أن يكون لنا الدور الأكبر في دعمهم ومساعدتهم وإفراد مساحات لا بأس بها الإشادة بهم ونجاحاتهم ونشر قصص نجاحهم كما نفعل مع اللاعبين والمدربين وحتى المسؤولين لكننا بكل تأكيد لم نعطهم حقهم ولم ننصفهم كما لم ينصفهم غيرنا وهذا ما جعلني أحاول في هذا الموضوع أن أبدأ بذلك وستكون البداية كما قلت بالدعوة لإنشاء هذا الكيان النقابي للحكام الرياضيين اليمنيين بشكل عام وليس لحكام كرة القدم ومن ثم سيأتي كل شيء.
مما لاشك فيه أن هذه الشريحة التي نطلب منها دوما كرياضيين وإعلاميين وجمهور رياضي أن تكون منصفة وعادلة، لأن عملها يتطلب ذلك فهم قضاة الملاعب وبالتأكيد أن القاضي يتلخص عمله في إنصاف الناس ونحن بصراحة حين نطلب منهم الإنصاف لابد قبلها أن ننصفهم نحن سواء مسؤولين في الوزارة والهيئات والاتحادات الرياضية أو في الإعلام والصحافة من كافة النواحي ومنها المعيشية والترقيات ورفع أجورهم وفي الجوانب المعنوية أيضا.
وبصراحة سأقولها رغم أن هناك تقصيراً شديداً من جانبنا تجاههم إلا أنني سأحملهم جزءاً من المسؤولية تجاه أنفسهم وإهمالهم لأوضاعهم، وسأقول لهم أن بداية الإنصاف لكم يكون من عندكم ونحن سنساعدكم ونقف إلى جانبكم لو بدأتم بتشكيل رابطتكم أو نقابتكم لأنها ستكون البداية الحقيقية للوصول إلى حقوقكم وحينها سنصل جميعا إلى إنصاف قضاة الملاعب وإعطائهم كافة حقوقهم.