تسييس الحج … الأهداف و العواقب

> السعودية توظف المشاعر المقدسة في خلافاتها السياسية

 

الحج شعيرة دينية بالغة الأهمية لدى المسلمين الذين تجاوز عددهم 2 بليون شخص وفق موقع «ورلد مسلم ببيوليشن».
والحج والبيت الحرام لجميع المسلمين, ويؤدي نحو مليوني مسلم، وفدوا من شتى بقاع الأرض، شعائر الحج ويوم الاثنين صعد جميع الحجاج إلى جبل عرفات ويبدأ عيد الأضحى اليوم الثلاثاء حيث يرمي الحجاج الجمرات على مدى ثلاثة أيام.
إن النظام السعودي وفي إطار ممارسة بعض الضغوطات على بعض الدول والحكومات التي تربطها مصالح وعلاقات دبلوماسية واقتصادية وسياسية مع الرياض, يقوم بتسييس الحج وفي كل عام تعلو الأصوات المنتقدة والمتهمة للنظام السعودي نظراً لقيامه بتسييس الحج قبل موسمه أو بالتقصير في إدارة شؤون الحج وعدم الاهتمام بتأمين سلامة الحجاج بالوجه الاكمل.
تؤكد العديد من التقارير الإخبارية بأن الحكومة السعودية تقوم برفع حصّة الحجاج للعديد من الدول التي تقوم بدورها باتخاذ بعض المواقف السياسية المساندة للرياض على الساحة الإقليمية والعالمية ولذا ومع اقتراب موسم الحج في عام، تعلو الأصوات في العديد من بلدان العالم الإسلامي والعربي للمطالبة بفصل الحج عن السياسية وعدم استخدام السعودية لهذه الشعيرة الدينية في إطار مشاريعها السياسية.
وفي هذا الشأن أفادت تقارير بأن السعودية منعت الحجاج القطريين من أداء الفريضة للعام الثاني على التوالي.
واتهمت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية القطرية، في بيان السعودية بـ”تسييس الفريضة الدينية”، رافضة الأنباء التي تُفيد بأنها منعت مواطنيها، من أداء فريضة الحج، لهذا العام.
وقدمت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في قطر 3 شكاوى إلى الأمم المتحدة بشأن مواصلة السعودية تسييس مناسك الحج وما تبعها من انتهاكات بحق المواطنين والمقيمين في قطر.
وأشارت إلى أن القطريين تكبدوا خسائر مادية ومعنوية كبيرة بسبب منعهم من أداء فريضة الله والركن الخامس من أركان الإسلام.
ووجه أحمد الريسوني، نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، انتقادات حادة للمملكة العربية السعودية، متهماً إياها بتسييس الحج وذلك بمنع سياسيين معارضين لها من حقهم في أداء فريضة الحج والتضييق على الوفود التي لها خلافات مع النظام الحاكم في السعودية.
واتهم الشيخ أحمد الريسوني، الرئيس السابق لحركة التوحيد والإصلاح المغربية ونائب الأمين العام لاتحاد علماء المسلمين، الحكومة السعودية بما وصفه بـ “سعودة الحج”.
كما قال عضو الرابطة المحمدية للعلماء المسلمين في المغرب الشيخ “عبد الحافظ صادق”: ان استغلال السعودية للحج للضغط على الدول الإسلامية والعربية لتبني سياساتها أو حتى لرشوة أشخاص سياسيين وإعلاميين ودبلوماسيين ليكونوا أبواقا لها، يدافعون عن مصالحها وخصوماتها مع الدول الإسلامية الأخرى أمر مرفوض شرعا وقانونا” ولفت إلى أن هذا السلوك البشع قد لمسه العالم أجمع خلال موسم الحج الماضي عندما قامت الحكومة السعودية بمنع الأشقاء القطريين من أداء فريضة الحج لأسباب سياسية وأشار الشيخ “صادق” أن ما حصل مع قطر ليس بالأمر الجديد، بل تكرّر سابقاً مع ايران وقبلها مع سوريا واليمن، فضلاً عن دول أخرى.
واعتبر الناشط الحقوق السعودي “يحيي عسيري”، أن هذا التوظيف الكامل للحج واستغلاله سياسيا واقتصاديا هو استغلال واستخدام لبيت الله الحرام وليس خدمة له ولضيوف الرحمن ولفت قائلا: “إن ما يحدث الآن هو محاولة لترسيخ وتقوية دعائم السلطة التي تستبد بالإدارة والقرار وحتى بالتفسير الديني للدين الإسلامي الحنيف وتستبد بكل ما يجري على هذه الأرض حتى المقدسات، التي أصبحت مثل الرهن الموجود تحت السلطة السعودية”.
وفي الإطار نفسه صرحت الحكومة السورية بإنَ السلطات السعودية تواصل فرض قيودٍ على المواطنين السوريين وتمنعهم من أداء فريضة الحج وذلك بسبب عدم وجود أي علاقات دبلوماسية بين الرياض ودمشق الرئيس السوري ومنذ العام 2012م، طالبت السعودية من جميع السوريين المتطلعين لأداء فريضة الحج بالحصول على تأشيرات دخول من سفارتها المتواجدة في بلدان أخرى غير سوريا.
من جهتها, أبدت الحكومة الماليزية رفضها التام لأي محاولة لتسييس فريضة الحج وأعربت بأنه لا ينبغي أن تلعب السياسة دوراً في تشويه المسؤوليات الدينية تجاه الأمة الإسلامية وفي الهند خرج الالاف من المسلمين في مظاهرة ضد النظام السعودي الذي حرم الكثير من المسلمين من أداء شعائر الحج ورفع المحتجون لافتات مناهضة للسعودية تطالب بعدم تسييس الحج وعدم ربط الخلافات السياسية مع الدول بأداء مناسك الحج والعمرة، كما طالب المحتجون بتحرير المشاعر الإسلامية من الإدارة السعودية.
وفي إندونيسيا نظمت الهيئة الدولية لمراقبة إدارة الحج وقفة احتجاجية بمشاركة عددا من المؤسسات المحلية والعالمية واتحادات طلبة الجامعات الإندونيسية ولقد طالب المتظاهرين السلطات السعودية بإشراك الدول والمؤسسات الإسلامية في إدارة الحرمين الشريفين ودعوا إلى عدم استخدام فريضة الحج كورقة سياسية لممارسة الضغوطات على بعض الدول الإسلامية والعربية.
وأولت الصحف العربية اهتماماً بيوم عرفة الذي يتوجه فيه أكثر من مليوني مسلم لتأدية ركن الحج الأعظم وسط اتهامات متبادلة بين السعودية وقطر بتسييس الحج..
وقالت صحيفة الراية القطرية في افتتاحيتها: “مع شروق شمس هذا اليوم المبارك ووقوف الحجاج على صعيد عرفات الطاهر، تم التأكيد رسميا أنه لا حج للقطريين والمقيمين في قطر للعام الثاني على التوالي”.
واتهمت الصحيفة,السعودية بمواصلة تسييس الحج, و التدخل في أتون الخلافات السياسية واستخدامه كورقة ضغط ضد الدول التي تختلف مع سياستها.
وأضافت الصحيفة أن السعودية “مطالبة بالنأي بالفرائض الدينية عن القرارات السياسية تعظيماً لشعائر الله سبحانه وتعالى وحفظاً لموقعها الديني”..
وكذلك اتهمت القدس العربي اللندنية في افتتاحيتها السلطات السعودية بـ “تسييس الحج”.
انتقادات بريطانية
في بريطانيا التي يشكل المسلمون نحو ثلاثة ملايين نسمة من سكانها, يحرص كثير منهم على زيارة البقاع المقدسة لتأدية مناسك العمرة والحج, فقد أثارت مؤسسات حقوقية تساؤلات حول تسييس الحج وتأثيراته على حقوق الحجيج.
وقد أصدرت هذه الهيئة تقريرا حمل اسم انتهاكات السعودية في الحرمين ضمنته نقاطا عدة أهمها استمرار السعودية في احتجاز واعتقال العديد من المعتمرين من دول مختلفة خصوصا تلك التي تختلف معها سياسيا استخدام الحج كورقة ضغط سياسية في منع زيادة حصة بعض الدول الإسلامية الحج أو منع الحجاج من السفر من بلدانهم كما هو الحال بالنسبة للقطريين تفتيش الحجاج ومصادرة هواتفهم النقالة هذا فضلا عن تدمير وتشويه الأماكن التاريخية والأثرية الإسلامية مثل تدمير بيت حليمة السعدية مرضعة الرسول صلى الله عليه وسلم والبيوت الأثرية المحيطة بها حسب قول الهيئة ويأمل كثير من المسلمين في بريطانيا ودول أوروبية أخرى ألا تساهم المشاكل السياسية في حرمانهم من حق زيارة البقاع المقدسة أو التأثير على تأدية مناسكهم موسم الحج يتشوقوا المسلمون كغيرهم من مسلمي العالم إلى زيارة البقاع المقدسة لتأدية ركن من أركان الإسلام الخمسة لكنهم يتخوفون من أن يؤدي تسييس الحج إلى حرمان بعضهم من زيارة المشاعر المقدسة.
تسييس الحج في الإعلام الأجنبي
قالت شبكة فوكس نيوز الأمريكية إن السياسة تدخلت في فريضة الحج، حيث قامت السعودية بمنع حج القطريين هذا العام بسبب الحصار المفروض على الدوحة من قبل الرياض وحلفائها، كما منعت في 2016م الإيرانيين من الحج بسبب توتر العلاقات مع طهران، وقالت الشبكة: لعل الأكثر إثارة للدهشة، هو أن الكنديين وجدوا أنفسهم في الآونة الأخيرة معرضون للغضب السعودي، بعد أن عبرت الدبلوماسية الكندية عن رفضها لسياسة الاعتقالات في حق نشطاء حقوق الإنسان التي تنتهجها السلطات في الرياض. وفيما مرّ موسم الحج العام الماضي من دون حوادث كبرى، إلا أن الأزمة الخليجية ألقت بظلالها على الحج، واتهمت الدوحة الرياض بتسييس الحج بعد أن فرضت السعودية والإمارات والبحرين ومصر في الخامس من يونيو 2017م الحصار على قطر.
ومن جهتها، قالت صحيفة لوريون لوجور (صحيفة لبنانية ناطقة باللغة الفرنسية) أن قطر أكدت أن مواطنيها لم يتمكنوا من المشاركة في أداء فريضة الحج هذا العام، حيث قال مسؤول حكومي لوكالة فرانس برس “لا توجد فرصة هذا العام للمواطنين القطريين والمقيمين للسفر إلى الحج”. وأضاف أن “تسجيل الحجاج من دولة قطر لا يزال متوقفا ولا يمكن منح تأشيرات لسكان قطر بسبب عدم وجود بعثات دبلوماسية” بين البلدين.
ونظراً لكل هذه الانتقادات الموجهة للنظام السعودي، فإنه ينبغي على كل الدول الإسلامية والعربية الوقوف في صف واحد لمنع تسييس فريضة الحج وتوظيف هذه المشاعر المقدسة في خلافاتها السياسية التي توسعت وطالت الكثير من الدول العربية واستغلتها في ابتزاز الأنظمة الإسلامية والشعوب لتحقيق أهدافها السياسية.

قد يعجبك ايضا