السلام في اليمن.. بين المبادرات وتعنت قوى العدوان
محمد صالح حاتم
السلام في اليمن ليس مستحيلا ،ولكن المطلوب هو الرغبة الدولية في إحلال السلام في اليمن ،وخاصة الدول العظمى فهي من أعلنت الحرب على اليمن وهي من ستقوم بإيقافه عندما تتأكد أنها حققت أهدافها من هذه الحرب أو فشلت فشلا ذريعا، وهذا الفشل هو الحاصل بالفعل وذلك بفضل الله سبحانه وتعالى وصمود واستبسال الشعب اليمني وتضحيات أبطال الجيش اليمني واللجان الشعبية، فعلى مدى ما يقرب من أربعة أعوام من العدوان والحرب والحصار على اليمن لم يستطع هذا التحالف تحقيق أهدافه من العدوان رغم القتل والدمار والجوع وانتشار الأمراض وتشريد الملايين من منازلهم وحدوث أكبر كارثة إنسانية في العالم فهذا هو ما حققه هذا التحالف الإجرامي في اليمن ومع إطالة أمد والعدوان على اليمن والتي لم يكن يتوقعها العدو إذ كان يعتبر حربه على اليمن نزهة وإنها لن تستمر سوى أيام معدودة أو أسابيع،ولكن لمظلومية الشعب اليمني وعدالة قضيته وأنه يدافع عن أرضه وعرضه وشرفه وكرامته وحريته ضد عدوان ظالم وغاشم جاء ليحتل الأرض ويستبيح الأعراض وينتهك السيادة وينهب الثروات ويقيم القواعد العسكرية على الجزر اليمنية، ويسيطر على السواحل ويتحكم بالملاحة الدولية، ومع مرور الأيام وما يعانية الشعب اليمني من جرائم ضد الإنسانية فقد كثرت الأصوات التي تطالب بإيقاف الحرب والعدوان على اليمن لدواع إنسانية وكثرت مبادرات السلام منذ عهد المبعوث السابق ولد الشيخ المعروف بمبادرته تسليم الحديدة مقابل الراتب ،ومبادرة كيري، وحتى مجيئ المبعوث الجديد مارتن غريفيث وهذه المبادرات للأسف لم تعرتف ان هنالك حرب وعدوان خارجي على اليمن، وانما تصفها حرب داخلية،وبعد معركة الحديدة والساحل الغربي والتي فشل فيها العدو تعالت الأصوات حول العالم لاحلال السلام وظهرت المبادرات ومنها مبادرة البرلمان الأوربي،والمبادرة التي قدمها نخبة من المثقفين والسياسيين العرب،ولاقت تأييداً من بعض النخب والساسة اليمنيين والتي تجاهلت العدوان والحصار على اليمن ،وتظل مبادرة مارتن هي الأبرز والتي قدمها بشأن الحديدة ومينائها،بهدف تجنيب مدينة الحديدة المواجهات المسلحة نظراً لأهميتها بالنسبة لليمنيين كونها الشريان الوحيد الذي عبره تدخل المواد الغذائية والمشتقات النفطية والأدوية لليمن بشكل عام ،وهذه المبادرة تعتبر مبادرة الأمم المتحدة والتي تم القبول بها من قبل المجلس السياسي الأعلى وعلى لسان السيد عبدالملك الحوثي، بشرط اشراف الأمم المتحدة على الموارد المالية للميناء مقابل أن تقوم الأمم المتحدة بتكملت المبلغ وتدفع مرتبات للموظفين،ولكنها رفضت من قبل تحالف العدوان وحكومة الفار هادي ،وهنا اتضح من هو المعرقل للسلام .
ومع تعدد زيارات المبعوث الأممي إلى اليمن وعاصمته صنعاء وكذا زيارات عدة دبلوماسيين وسفراء دوليين ومنهم السفير الفرنسي الأخيرة،وكذا الرسائل التي بعثها الرئيس المشاط الى كلا من الرئيس الروسي والرئيس الفرنسي والرئيس الصيني، والتي تضمنت في مجملها اطلاعهم على ما يرتكبه تحالف العدوان من جرائم بحق اليمنيين، مطالب هذه الدول القيام بدورها في الضغط على تحالف العدوان بإيقاف عدوانه على اليمن وهذا ليس من باب الضعف ولكن من باب حرص المجلس السياسي وحكومة الإنقاذ على احلال السلام ودعمها لاستقرار المنطقة بأكملها،والتي لن يوجد هذا الاستقرار الا بالسلام في اليمن ووجود دولة يمنية مركزية قوية تحمي حدودها وسواحلها البحرية وتؤمّن ممرات الملاحة البحرية في البحرين العربي والأحمر ومضيق باب المندب.
وفي ظل هذه المتغيرات والتحركات والمبادرات والدعوات للسلام في اليمن والذي سيتحقق في يوم ما مهما طال أمد الحرب،إلا أن هذا كله قوبل بتعنت وغطرسة واستكبار وحماقة من قبل تحالف العدوان ومرتزقته.
فالحل في اليمن لمن أراد أن يبحث عنه ليس بعيدا وليس محالا بل موجود وقريب منا جدا ،فعلى المجتمع الدولي ان يعترف ان هنالك عدوان خارجي على اليمن وليست حربا داخلية،وقبل أي حوار أو مفاوضات يتم إيقاف والعدوان ورفع الحصار وفتح المطارات وتسليم المرتبات ،واطلاق جميع الأسرى والموقوفين من جميع الأطراف والسماح بدخول المساعدات الإنسانية لليمنيين وخاصة النازحين وبعدها حوار شامل بين الفرقاء السياسيين اليمنيين جميعا دون استثناء على أساس دولة واحدة ديمقراطية وما اختلف فيه يكون الشعب كاملا هو الحكم وتكون الأمم المتحدة مشرفة ولا يكون هنالك تدخلات خارجية بين المتحاورين،وأن يتم إلزام دول العدوان بإعادة إعمار اليمن.
وبعدها يكون هناك حوار بين اليمن والسعودية والإمارات لإعادة العلاقات الى طبيعتها على أساس حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية،وعدم الاعتداء مجددا.
ما لم فلن تنجح المبادرات وإن كثرت، ولن تسُمّع الأصوات المنادية للسلام وإن ارتفعت .
فنحن اليمانيون مع السلام العادل والشامل، لسنا دعاة حرب، ولكن كلما مدت أيادينا للسلام قوبلت برفض وتعنت من قبل دعاة الحرب والقتل والإجرام.
وفي الأخير علينا نحن اليمانيون ان نعي وندرك اننا نحن الخاسرون وان القتلى كلهم يمنيين وأن الدم الذي ينزف يمني، وأن التدخلات الخارجية والعدو الخارجي لن ينفع اليمن ولن يحقق السلام والأمن والاستقرار لهذا البلد لأن عدوانه علينا وحربه ضدنا من أجل تدمير بلدنا وتمزيق وحدتنا، ونهب ثرواتنا واحتلال أراضينا والسيطرة على سواحلنا،فلا تساعدوه على تحقيق أهدافه ومخططاته وتنفيذ مشاريعه في بلدنا ومنطقتنا بشكل عام.
وعاش اليمن حرا أبيا، والخزي والعار للخونة والعملاء .