تحقيق/ محمد العزيزي –
>قتل.. تعذيب.. شجار.. مشاهد مروعة في شهر الرحمة والتسامح
> قد يقول البعض في رمضان من الغريب أن يحدث خلاف أو شجار بين شخص وآخر لأن الجميع صائمون عابدون تائبون وإن حدثت حادثة عارضة ليست محل اهتمام على اعتبار رمضان شهر الرحمة والعبادة لكن ما سنورده في هذا التحقيق قد لا يتخيله مؤمن مسلم وصائم أن نسمع مثل هذه الحوادث في شهر رمضان وأنه لزاما على أي شخص إذا ما واجه أي مصيبة أو مشكلة تحرش أو سب أو شتم أو نزق يجب أن يقول كما علمنا ديننا الإسلامي »اللهم إني صائم« .. نعم من الواجب أن يكون المسلم في هذا الشهر العظيم كذلك خالياٍ من المعاصي والسيئات والزلات والانفعالات لأن الصيام يعلمنا دروسا كبيرة في الصبر وتحمل الجوع والعطش وقوة تحمل الآخرين والصبر عليهم وعلى هيجانهم .. في هذا التحقيق حاولنا أن نجمع من المعلومات القدر البسيط من الأرقام والحوادث التي وقعت خلال رمضان.. نتابع التفاصيل.
- كنت في نهار أحد أيام رمضان بسوق الحصبة وسط العاصمة صنعاء فإذا بي أرى صاحب تاكسي ينزل من على سيارته ويقوم بركل عربية فاكهة الرمان وقلبها رأسا على عقب والدخول في عراك مع صاحب »العربية« البائع المتجول الذي انتثرت فاكهة الرمان على الشارع .. تدخل الناس والمارة لفك العراك وفجأة وإذا بشخص صاحب عربية أخرى يمتشق »صميل« من عربيته ويتجه صوب صاحب التاكسي ويوجه له ضربة »بالصميل« في العمود الفقري الذي سقط على الفور مغشياٍ عليه فوق الرمان تحت إطارات »العربية«.
المعتدي فر على الفور بعد فعلته إلى مكان بعيد واختفى عن الأنظار وسط ذهول الجميع.
الحاضرون “المفارعون” حاولوا إفاقة وإنعاش السائق المغشي عليه رشوه بالماء بدأ السائق يستفيق أحد الحاضرين قال: والله الرجل أكل قتلة »يقصد ضربة قوية« لم يستطع جمع قواه وهو أيضاٍ صائم كما قال: تدخل المواطنون ورجل خير لحل الموضوع ولملمة المشكلة جاء رجال المرور الذين تواجدوا لمعرفة حالة الزحام والتجمهر في الشارع وبالفعل تم الصلح بين سائق التاكسي وصاحب عربة الرمان وصديقه الذي أغار على الرجل وضربه.
أب يقتل ابنته
> هذه حالة كنت شاهد عيان عليها أما الحالة الأخرى قد تكون بشعة نوعا ما لكنها حدثت في شهر رمضان .. ماذا حدث ما الذي حصل¿ فالذي حدث هو أن طفلة لم تبلغ 14 عاما لقيت حتفها بسبب أن والدها وضع لها سماٍ قاتلاٍ في طعامها بعد قام بتعذيبها لعدة أيام في شهر رمضان المبارك.. مهما يكن جرم هذه الطفلة لا أعتقد أن عاقلاٍ وغير ذي دين أن يمكن أن يقدم على مثل هذه الفعلة غير الإنسانية.
أمن محافظة ذمار أكد هذه الواقعة البشعة والتي حدثت في إحدى مناطق المحافظة وأنه وبعد المعاينة تأكد رجال الأمن أن الطفلة توفيت بسبب السم والتعذيب وأن الأب متورط بهذه الجريمة البشعة واللاإنسانية والتي وقعت في هذا الشهر الذي يهذب النفوس كونه شهر الطاعات وتلاوة القرآن لا شهر إزهاق الأرواح التي حرم الله.
سرقات في رمضان
> مركز الإعلام الأمني أفاد عن مصدر أمني بأمانة العاصمة أن أمن الأمانة ضبط 56 هاتفا جوالا مسروقا في صنعاء القديمة فقط .. طبعاٍ حالات السرقة منتشرة وقضاياها كثيرة جداٍ في كل مناطق ومديريات ومحافظات البلاد ليس في سرقة الهواتف المحمولة ولكن سرقة المحلات التجارية والمنازل والباعة ونشل المواطنين في الأسواق.
قتل
> قضية أخرى هزت العاصمة صنعاء وهي واحدة من الجرائم البشعة التي تناولها الإعلام أيضاٍ وهي مقتل الفنان الكوميدي والرسام المبدع سام المعلمي نجل الزميل عبدالجبار المعلمي على يد مسلح مجهول في منطقة صرف شرق الأمانة وهذه الجريمة وقعت أيضاٍ في منتصف رمضان »أوسطه مغفرة«.
إطلاق الرصاص والاعتداءات بالسلاح لا يتوقف ففي محافظة إب وقع يوم الاثنين الماضي اشتباك بين مسلحين أوقع الاشتباك قتيلين وإصابة خمسة أشخاص آخرين وبحسب مصدر أمني أن أسباب الاشتباكات جاءت على إثر خلافات بين عناصر مسلحة نصبت نقاط تفتيش في الطريق العام بأحد مديريات المحافظة وبين أبناء المنطقة.
ثمن القات أرواح
> وفي الضالع أيضاٍ نرصد هذا الحدث حيث قتل شخصان أحدهما طفل بطلقات نارية بسبب خلاف حول أسعار القات في إحدى مناطق مديرية قعطبة بمحافظة الضالع حيث اطلق رجل النار عل الطفل البالغ »12« عاما الذي اختلف معه على ثمن القات فما كان من والد الطفل إلا أن سدد للقاتل طلقات ببندقيته الآلية فارداه قتيلا حسب المصادر الأمنية.
قتل وسرقة
> محافظة تعز لم تكن في رمضان بعيدة عن القتل والاعتداء والسلب حيث سجلت حادثة مقتل التاجر الزريقي وسط تعز والسوق التجاري حالة من الذعر والتذمر والخوف من تزايد القتل والاعتداء أمن محافظة تعز أكد أيضاٍ أنه ألقى القبض على أحد عناصر العصابة التي قامت بقتل التاجر الزريقي ونهبت 10 ملايين ريال كانت بحوزته بكل تأكيد إن هذه القضايا التي أوردناها في هذا الاستطلاع ليست الوحيدة التي تقع في تلك المناطق ولكننا أخذنا عينات لهذه الجرائم التي وقعت في بعض من هذه المحافظات لعلنا نحصل من وزارة الداخلية إحصائية متكاملة لكل الجرائم التي تم ارتكابها في عموم محافظات الجمهورية خلال رمضان الذي يوشك على الانتهاء.
صفراء قبل الإفطار
> يقول صاحب العربية الذي تشاجر مع صاحب التاكسي: إن الشجار كان بسبب طلبه أن أفسح له المجال لكي يركن سيارته بقرب الرصيف المزدحم أصلاٍ بالباعة المتجولين وعندما رفض ذلك قام بالاعتداء.
وأضاف علي حسن الوصابي »25« عاماٍ أن »صفراء« ما قبل الإفطار تكون حاضرة وأي شخص لا يصبر ويتماسك أعصابه قد يرتكب جريمة وهذا بالطبع مخالف لتعاليم الدين والصوم.
هوة كبيرة
> يرى الدكتور طاهر الحزمي مدرس في علم النفس الاجتماعي قسم الخدمة الاجتماعية بكلية الآداب أن من يرتكب جرائم في رمضان بالذات فهو مريض نفسيا وسلوكيا وغير سوي لأن من أهم دروس شهر رمضان والصوم هو الصبر وقدرة الإنسان المسلم المؤمن على كبح جماح الغضب والسيطرة على كل المؤثرات التي يمكن أن تدفعه لارتكاب خطأ ما بسيط وليس الوصول إلى ارتكاب جريمة.
ولفت الدكتور الحزمي إلى وجود هوة كبيرة بين المواطن والدين وتعاليم الدين السمح والسبب في ارتفاع الجريمة وتعاضم هذه الهوة غياب التوعية ودور المسجد والعلماء والإعلام في نشر التوعية وكيفية التعامل مع عموم الناس لبعضهم البعض لأن الأساس في الدين المعاملة والتطبيق.
أما المحامي فائد سرحان فيؤكد أن تزايد ارتكاب الحماقات والجرائم في وسط المجتمع من بعض الأشخاص هو نتيجة انتشار السلاح الذي يعد بالدرجة الأولى الوسيلة المشجعة لأخذ الحقوق وبسرعة.
ويضيف المحامي سرحان بالقول: ضعف الوازع الديني والأمية والتوعية بالتعاليم الدينية بالإضافة إلى الحالة العامة التي يعيشها كل أبناء الوطن والأمة العربية والإسلامية من فوضى وممارسات القتل والسرقة والاعتداء على حقوق وحريات الآخرين دون أي حساب أو عقاب أو رادع لإيقاف مثل هذه التصرفات وحماية المجتمع من الغوغائيين وهواة المشاكل.
غير مسبوقة
> العقيد أحمد الأفقي مدير التوجيه المعنوي بأمانة العاصمة أكد لنا أن عدد القضايا والجرائم التي رصدتها إدارة أمن العاصمة خلال الشهر الماضي وضبطت بعضها بلغت حتى يوم السبت قبل الماضي »976« قضية منها »18« قضية قتل والبقية توزعت بين سرقة المنازل والمحلات التجارية وغيرها من الأعمال المخالفة للنظام والقانون.
وقال: نحن نتابع الأحداث والقضايا والجرائم التي ترتكب في البلاد وهي في الحقيقة شيء مؤسف جداٍ لأنها تحدث في بلاد الإيمان وفي مجتمع محافظ وملتزم دينيا متمسك بالتعاليم الإسلامية مؤكداٍ أن جرائم القتل تتزايد في أوساط المجتمع اليمني خصوصاٍ في شهر رمضان وبشكل غير مسبوق يجب علينا جميعاٍ الوقوف أمامها وبشكل أكثر جدية ونبحث عن الحلول لمواجهة هذه الظاهرة.
وطالب الأفقي وسائل الإعلام ورجال الدين ومنظمات المجتمع المدني بضرورة تكثيف التوعية والنصح بما يحفظ علينا الأمن والسلامة والتعايش دون ارتكاب للموبقات وأبشع الجرائم.
الختام
> حاولنا التواصل مع بعض المسؤولين في وزارة الداخلية لتزويدنا بالمعلومات والإحصائيات التي حدثت في شهر رمضان ليس لشيء ولكن لتعزيز القارئ بهذه المعلومات التي يجب أن تكون لنا جميعاٍ رادعاٍ حقيقياٍ وتوعية بمخاطر تزايدها خصوصاٍ ونحن نعيش أياماٍ ليست ككل الأيام وشهراٍ ليس ككل الأشهر لكن العاملين في وزارة الداخلية لم يكونوا متفاعلين معنا.. ولا ندري ما هي الأسباب ولماذا لا يتجاوبون معنا.