الضمير المزيف..!!!
حمير العزكي
لا يموت الضمير في الإنسان إلا بوفاته ومفارقته الحياة، واستخدام مصطلح موت الضمير في حال عدم التفاعل مع المظلوميات ورفض واستنكار الوحشية والإجرام ليس مناسبا وان كان حتى على سبيل المجاز والنسبية، فالضمير كالوعي لا يموت ولا ينعدم في الإنسان الحي السويّ، ولكنه يتعرض لحملات تهميش واستغفال تصل حد التغييب الذي يفقد معه الإنسان قدرته على التمييز بين الحقيقة الجلية والكذب المحض وبين ما ينفعه وما يضره وما يستحقه ومالا يليق به وهو في كامل وعيه المغيَّب.
ومادام الضمير الإنساني لا يموت فما الذي يحدث له؟ ما يحدث انه يتحول إلى ضمير مزيف مازال ينبض بالحياة ولكنها حياة يتحكم بها الغير الذي تحركه مصالحه وأهدافه اللامشروعة، فيقع الضمير تحت ضغط التزييف الممنهج للحقائق والتلاعب بالمعايير القيمية المبدئية من خلال التعتيم والتضخيم، فلطالما تم التعتيم على أقسى المآسي وأفظع الجرائم وأبشع المجازر وأبلغ الانتهاكات بحق الإنسان، ولطالما تم أيضاً التضخيم لقضايا تافهة مقارنة بغيرها المتعامى عنها وأخرى مفبركة بفجاجة وادعاءات كاذبة واتهامات لا يؤيدها واقع ولا تثبتها دلائل بل واعتماد شائعات وترويجها كحقائق!!!!
لعل ما حدث في اليمن منذ بداية العدوان السعودي الأمريكي على اليمن من جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بهمجية ووحشية غير مسبوقة وبتعمد وإصرار على ممارستها وتكرارها يجعلنا ونحن نرى الضمير الإنساني لا يتحرك تجاهها بينما يتحرك بقوة في قضايا أخرى نجزم بحياته ونحسم قناعتنا بتزييفه فما الفرق بين أطفال اليمن الذين يقتلون بطائرات العدوان السعودي الأمريكي ويدفنون تحت الركام ويحاصرون لسنوات حتى الموت جوعا و مرضا وبين أطفال الكهف في تايلاند الذين حوصروا فقط لبضعة أيام!!!؟؟؟؟
كما لفت انتباهي أيضاً التعتيم المتعمد على الانتهاكات التي تمارسها قوى العدوان وعلى رأسها الإمارات في السجون السرية في عدن وغيرها من المناطق المحتلة والتي ترقى في بعضها إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية حسب تقارير بعض المنظمات الحقوقية الدولية ولكن دون تحريك ساكن ضدها ودون أي تحرك إنساني تضامني رافض لها فيما تتبنى محكمة العدل الدولية حكما لصالح قطر بخصوص ما تعرض له مواطنوها من تمييز وسوء معاملة!!!
كما نلاحظ أيضا تضخيم المرتزقة للقصة المفبركة التي زعموا فيها تعرض مواطن للاعتقال والتعذيب من قبل الأجهزة الأمنية في حكومة الإنقاذ الوطني وعرض القصة في أكثر من مؤتمر صحفي!!! بينما يتعرض المئات في سجون الاحتلال السرية لأ بشع أنواع التعذيب والانتهاكات بعلمهم و على مرأى ومسمع منهم ولأشخاص يعرفونهم جيدا ولاينبسون ببنت شفه!!!! كم يبدو ذلك غريبا ولكن الأغرب حقا تلك الضمائر المزيفة التي سلمت أمرها لأولئك المجرمين؟؟