كوميدياء سوداء
يسلم حسين
الاعتصام يقلق القوى المتنفذه في محافظة المهرة ويخلق لديهم حالة اضطراب نفسي وهلوسات تذهب إلى البعيد تربطها بمزاعم وافتراءات لا أساس لها من الصحة قدر ما هي تعبير حي وفاعل وناجع ضد قضية نفوذ أجنبي واحتلال سعودي هو رأي العين لا يمكن التغافل عنه ومداراته إلا لمن لديهم ارتباطات مشبوهة يقبلون بالتنازل عن الأرض ويفتحون للأجنبي طريق المرور إلى أرضهم .ولا عجب أن نجد أولئك الذين يمتون بصلة إلى قوى النفوذ والاحتلال ويدافعون بكل ما لديهم من قوة على وجود الأجنبي في بلادهم، لا عجب أن نراهم مذعورين كأنما أصابهم الجنون حين يجدون اعتصاما له مطالبه المشروعة في رحيل القوى المتنفذة الغاشمة عن الأرض المهرية ويشطحون وينطحون في الفراغ لأنهم بلا هدف يسيرون ومن أجل دعم الاحتلال يقفون دونما خجل وهو أمر يندى له الجبين أن تجد ابن الأرض يتنازل عن انتمائه بيسر وسهولة ويزبد ويرعد لمجرد اعتصام أو مقال ينادي بالسيادة للأرض ورحيل القوات العسكرية السعودية .هكذا نجد الذين أغواهم بريق المال يخشون الحقيقة ويفرون منها خشية مواجهتها بضمير المنتمي. وبصدق إلى لغة الاتهام والإدانة وتوزيع صكوك الولاء لمن يريدون .مثل هذه اللغة الممجوجة لا يمكنها قطعا وهي تسوق للاحتلال أن تقف عائقا أمام المجتمع المهري المنادي بالحرية والسيادة والرافض لكل ما ينافي الولاء للأرض .هذا أمر على قوى التربص التي تورط نفسها في العمالة والارتهان أن تدركه جيدا وأن تفيق من غيبوبتها وتتخلص من عالق هزيل يضعها في مواقف لا تحسد عليها وتثير أسى وشفقة المهري كمواطن بسيط كل ما يطمح إليه محافظته تبقى بمعزل عن الصراع وهي في الأساس كذلك وأن تكف السعودية ومفرداتها من عسكرة الأرض بذريعة مكافحة الإرهاب التي لا تنطلي على المواطن البسيط ما بالنا بقوى مهرية فاعلة وناجعة وقادرة على تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود ومتمكنة من الدفاع عن وجود وتواجد الإنسان بقوة الانتماء إلى قيم الحق والخير والجمال في مواجهة ترسانة القتل وآلة الدمار وعسكرة البلاد التي يبرر تواجدها من فقد القدرة على التماسك مهما كان المغري إذ لا شيء يمكنه أن يعادل قوة الانتماء إلى الأرض المهرية بثقافتها وعراقة تاريخها وقدرتها على تجاوز أي مؤامرة حتى وإن كانت من العيار الثقيل، هكذا هو المجتمع المهري لمن لا يفقهون قولا ويضطربون من مطالب عادلة وينحون باتجاه تهم ملفقة كأسلوب قمعي يسنده الاستبداد وآلته العسكرية التي تريد المهرة أرضاً بلا هوية، بلا انتماء، بلا قضية ليسهل للنفوذ السعودي تحقيق مشروعه في السيطرة والاحتلال ليصل بعدئذٍ إلى ما يريد .وإذاً فمقاومة المحتل وأجندته أمر مفروغ منه مهما عسكر الحياة واستقطب المنتفعين وجعل أبواقه تلقي التهم جزافا على كل صاحب مبدأ شريف .وهنا نقول الحق بيٍّن لا يمكن التدليس عليه أو إنكاره فشتان بين من يدعو إلى سيادة الأرض واستقلالها ورفض الوصاية والنفوذ والاحتلال وبين من يقف مع عسكرة أرضه وإفقادها السيادة وجعلها خانعة ذليلة مطواعة للاجنبي .أي عاقل يمكنه أن يميز الخبيث من الطيب بسهولة ويسر .وإذا فمن يكلف شيوخ المهرة الذين منحت لهم ألقاب السعودة بجنسية قابلة للسحب عند الاستغناء لتجنيد القبائل الذين لهم الوصاية عليهم إنما يحاول عبثا أن يوجد هوة في المواطنة المهرية وتمايز لعين اهدافه إشعال حرائق في الأرض الغالية المهرة ليمر (بريمر) الجديد من بوابة الصراع إلى مآربه .هذه القضية يفهمها جيدا الأحرار والشرفاء الذين اربكوا فعلا مشاريع الغواية والنفوذ والاحتلال وستجد المملكة نفسها في ظرف وجيز عاجزة تماما عن السير في طريق محفوف بالمخاطر وإن الاحتلال للمهرة يشكل استقطابا واسعا وتلاحما وتضافرا لكل القوى النضالية الخيرة في المنطقة وفي العالم ومثلما سقط رهان النفوذ الإماراتي في سقطرى وكشف زيف القوى التي لم تكن صادقة في تعهداتها كذلك الحال مع السعودية التي ترتكب على الأرض سلوكا مؤلما وقاسيا على المهريين جميعهم وهم يجدون على سبيل المثال نقاط تفتيش عسكرية بطاقم سعودي تطالب ابن الأرض بإثبات هويته أي كوميديا سوداء هذه حين يسألك الغريب والمحتل عن من أنت في ديرتك وبين أهلك وأي تجاسر وصل بهذه القوى ومن معها أن تستحدث نقاطا خارج القانون ودونما إذن من الشرعية .إنه تهجم يستفز الإنسان في أنبل ما يمتلكه أرضه وعرضه .والأغرب والأكثر إدهاشا يستفز المهري أن تجد من أبناء المحافظة من يدافع عن هذا الاحتلال وزيادة على ذلك يدين الرافض له بأسلوب حضاري بكونه عميلاً للخارج أو مهرباً ……إلخ، اللغة الممجوجة التي هي عبارة عن هذيان لأنها تسوق وتشرعن وتتعصب لاحتلال سعودي لا لبس فيه ولا غموض.القضية إذاً إننا أمام موجبات انتماء ودفاع عن استحقاق مجمتع مهري لن تلهيه لعبة الغماية السعودية ولن يكف عن المطالبة بالرحيل وسيجعل هذا قضية القضايا بالنسبة له ويصعدها إلى مستوى دولي قانوني حقوقي ويمتلك القدرة على ذلك كما أن الحق أقوى من الباطل ومزاعمه، وفي كل الأحوال كان يمكن للمملكة أن تكون أكثر قربا لو أنها تبنت مشاريع تنموية في التعليم والكهرباء والمياه…..إلخ .كانت ستعبر عن سلوك رفيع يراعي حق الجوار لكنها لجأت إلى الإحتلال هكذا دون أي خجل وإلى تنفيذ تطلعاتها في امتلاك حيوية “الجغراسياسية” المنافذ البرية والبحرية باعتبارها امتلاكاً، سيطرة وتحكماً على ممرات تجارية تخول لها اللعب على السياسي وفق أجندتها.المملكة لا يعنيها تنمية المحافظة والتعليم لأبنائها لأنها تريد جيلا مدجنا اميا لا يقرأ أبعاد وأهداف الاحتلال السعودي .وهي في كل الأحوال دولة تحارب التنمية في كل بلدان الجوار وتدفع بسخاء لخلق اضطرابات وشراء ذمم ومن أجل ارتهان قوى لسياستها.غير أنها حتما ستفشل في المهرة وستجد نفسها عاجزة تماما عن تنفيذ مآربها، المجتمع المهري ينتمي بقوة إلى الأرض يعشقها يرى فيها وجوده، يمنح كل ذرة فيها نبضه وحياته لذلك لا يساوم ولا يهادن ولا يتنازل وله طرقه الحضارية والسلمية لإخراج ودحر المستعمر، ثقته بالله كبيرة، تمسكه بالحق قوي .وسيبقى في خندق الحرية والسيادة والاستقلال مهما كانت العسكرة للمحافظة ومهما تآزر معها من لا يرجون لأرضهم الخير والنماء.