أكبر كذبة في التاريخ

عباس الديلمي
(الفيفا) هو الاسم المختصر للجهة أو المنظمة الدولية المسؤولة عن كرة القدم وشؤونها في العالم , ومن يتابع قرارات (الفيفا) وخاصة في منديال روسيا – الجاري – وعقوباتها المتخذة في حق من رأتهم مخالفين من فرق ولاعبين ومشجعين وممن تستعين بهم يتمنى لو أن هذه المنظمة هي المسؤولة عن شؤون العالم بدلاً عن منظمة أو هيئة الأمم المتحدة .. هذا ما خطر ببالي وأنا استعرض من ذاكرتي مساوئ الأمم المتحدة منذ نشأتها والتي لو دونت بمصداقية لاحتاجت إلى مجلدات ولسنا بحاجة للوقوف أمامها كون المواطن أو رجل الشارع قبل الباحث والمهتم خاصة في الدول المنكوبة بالأمم المتحدة وبالمال النفطي العربي ومنها اليمن وسورية والعراق وليبيا وفلسطين لا يحتاج إلى تذكير بما يكتوي به في هذه الحقبة الزمنية من عصرنا , وتحت غطاء الأمم المتحدة .
لهذا السبب نترك الأمر لرجل الشارع ونشير إشارة عابرة إلى ما يجهله بعض البسطاء من الناس وهي إحدى مساوئها الكبيرة عند نشأتها أو قبل أن تبلغ سن الفطامة ( اصبح ميثاقها نافذا في 24/10/1945 هـ في نوفمبر 47 أصدرت قرار تقسيم فلسطين).
هكذا أي بعد قرابة العامين على نشأتها نجدها تقدم على أولى جرائمها الشنعاء في حق العرب والشعوب المستضعفة وها نحن نوجز بشاعة تلك الجريمة في النقاط الآتية :
1- بعد أن اكملت بريطانيا الدور الفرنسي في عمليات الدفع بالهجرات اليهودية إلى فلسطين وشراء أراض فلسطينية من عرب فلسطينيين – مسلمين ومسيحيين – مقيمين في أوروبا والانتهاء من تكوين جماعات الهاجانا الإسرائيلية (العسكرية ) تذرعت بريطانيا بأنها لا تستطيع مجابهة العنف اليهودي وأعمال الهاجانا الإرهابية وأوكلت موضوع الانتداب والإشراف على فلسطين إلى الأمم المتحدة لتقوم بتنفيذ عملية التقسيم لفلسطين والذي تم الإعداد له بريطانيا منذ العام 1936م.
2- قامت الأمم المتحدة وفقا لتأمر الأمم أو لعبة الأمم كما تسمى بإصدار قرارين لا يدخلان ضمن مهامها وميثاق إنشائها أولهما هو قرار تقسيم فلسطين بين العرب واليهود وثانيهما هو إنشاء دولة اسرائيل على تلك الأرض فكانت فلسطين أول دولة تقسم بقرار من هذه الهيئة واسرائيل هي أول دولة في التاريخ تنشأ بقرار من الجهة نفسها “الأمم المتحدة”.
3-كان سكان فلسطين يومها قرابة مليون نسمة (ستمائة وثمانية آلاف يهودي وأكثر من مليون وثلاثمائة ألف عربي) وكانت ملكية الأرض (4.6%) لليهود و (95.4%) للعرب ومع ذلك نجد قرار التقسيم قد أعطى ثلثي الأرض لثلث السكان وهم اليهود وثلث الأرض فقط للأغلبية وهم العرب الذين يشكلون أكثر من ثلثي السكان ومن يملكون (95.4%) من الأرض وهكذا أقدمت الأمم المتحدة على هذا القرار الجائر بالرغم من أنه لا يحق لها أن تقسم دولا أو تنشئ أيضا دولا.
4- تعمدت الأمم المتحدة بقرار التقسيم أن تسلب القدس من الفلسطينيين وأن تجعلها مدينة ذات طابع دولي ولها إدارة خاصة وهنا تبرز أكذوبة الأمم المتحدة فيما تدعيه من سعي نحو إشاعة التعايش والتسامح بين الأجناس والأديان فبدلا من أن تعمل على أن تبقي فلسطين أنموذجا لتعايش أديان ثلاثة ( إسلام ومسيحية ويهودية) وسلالات وأجناس متعددة فقد تعمدت أن تحيل فلسطين إلى أرض صراع وصدام وقتال وهذه هي الأمم المتحدة منذ نشأتها وحتى يومنا أداة في يد الكبار ورحم الله صديقي الدبلوماسي الفنان علي أحمد الخضر ففي إحدى زياراتي له إلى منزله رآني واقفا أمام صورة لمبنى الأمم المتحدة على جدار مجلسه فقال لي : يا عباس هذه أكبر كذبة في تاريخ الإنسانية.

هذا مجرد مثال من شواهد تدل على أن الأمم المتحدة ما هي إلا إدارة في يد أصحاب القرار والنفوذ وأن الثقة بها ما هو إلاّ ضرب من التفاؤل إن لم نقل من السذاجة.