د. محمد النظاري
كلما اقتربت بطولة عالمية، منت الجماهير الرياضية نفسها بنصيب وافر من المتعة والتشويق وهي تشاهد الفرق والمنتخبات واللاعبين الذين تشجعهم، يلعبون أمام أعينها.
ولكن تجار الرياضة الذين أمعنوا في قتل المتعة عبر تشفير البطولات الرياضية، أفسدوا كل جميل في عالم الرياضة.
لم تكن لتجرؤ تلك القنوات الرياضية وعلى رأسها بي إن سبورت، على محاربة الرياضيين من خلال حرمانهم من مشاهدة المباريات، لولا السياسة التجارية لإمبراطورية الفيفا، التي زاد جشعها، وأصبحت متعة الجماهير آخر اهتماماتها.
اقترن التشفير بمغالاة الثمن أضعاف مضاعفة عن السعر الذي اشترت فيه القنوات الحصرية حقوق البث من الفيفا.
كان بإمكان الفيفا أن يقوم هو مباشرة عبره حصريا ببيع حقوق المباريات للاتحادات الوطنية، وبذلك يغلق الطريق أمام احتكار قناة بعينها لمنطقة جغرافية كاملة تتحكم فيها كيفما تشاء.
إن الفساد الذي يعيشه جعله لا يقوم ببيع حقوق البث منه مباشرة، فالصفقات التي من تحت الطاولة والتي تذهب عائداتها لشخصيات بعينها، هي من جعلت الفيفا يبيع الجماهير الرياضية للقنوات المحتكرة.
كأس العالم الذي نعيش مراحله الأخيرة، شهد صعوبة كبيرة في مشاهدته لدى قطاع واسع من الجماهير، نتيجة ارتفاع ثمن أجهزة التشفير، إلى جانب المغالاة أيضا في الأجهزة الكاسرة للشفرة، والتي غالبا ما تفشل في نقل كل المباريات.
كانت الشاشات العملاقة متنفسا للجماهير الرياضية، ولكن تضاؤل عددها وتباعد مكانها والحالة الأمنية، جعلتها أيضا صعبة على الجماهير التواقة لمشاهدة المباريات.
من خلال المباريات التي جرت في دور المجموعات، فإن تشفيرها حرام كبير، فالعرض الذي قدمته كثير من المنتخبات لم يستحق إطلاقا شراء كرت لمشاهدتها.
إذا استمرت عملية التشفير، فإن الثقافة الرياضية ستتقلص وهذا سيؤثر ليس فقط على الجماهير بل على اللعبة برمتها، ولهذا ينبغي على الفيفا مراعاة هذه السياسة الخاطئة وتصويبها بما يعود بالفائدة على اللعبة وجماهيرها.