“واشنطن والرياض ودبي أقرب لكم من الحديدة”
عبدالعزيز أحمد البكير
قيل في المثل اليمني العربي أمثال تنطبق على واقعنا اليمني والعربي اليوم منها “من احب الفتنة كسب المحنة” ومعنى ذلك من عمل ما يضحك الجاهل بكى من عواقبها الحليم.
نعم بدأت الحرب بتراشق بالكلام، فالكلام مفتاح الحرب وفيه نهاية الحرب.. ومن لم يقتد بالكلام والحكمة والمنطق فهو ساع بالرجال وقود حرب باستمرار، حتى يأتي الكلام بالحل، وحل أي خلاف مهما طال أمده وأمد الحرب التي نشبت على إثره “لا يكون إلا بالحل السياسي السلمي” وفي اليمن لن تحل الخلافات إلا بالحل السياسي السلمي، واليمنيون يعلمون ذلك وقد اتفقوا على الحل السياسي السلمي مرتين بإشراف أممي، الاتفاق الأول في العاصمة صنعاء برعاية المعوث الأممي إلى اليمن “حينها” السيد جمال بنعمر في إحاطته الأخيرة إلى مجلس الأمن.
والاتفاق الثاني تم بين اليمنيين في الكويت بإشراف المبعوث الأممي اسماعيل ولد الشيخ، الذي قال في تصريحاته إن اليمنيين اتفقوا على الحل الذي سيعلن في الجولة القادمة، وتم العمل على إفشال التوافق السياسي السلمي الذي توصل إليه اليمنيون لماذا؟ لأن أمريكا والرياض ودبي ومن في ركابهم لا يريدون الحل السلمي في اليمن، فعملوا على إفشاله بغرض تحقيق ما يهدفون إليه ويسعون لتحقيقه وهو الحسم العسكري والقضاء على كل مقومات وأسس الدولة وإطالة أمد الصراع الذي يستهدف اليمن بجميع مكوناته وبمختلف توجهاته السياسية والاقتصادية والعسكرية، وهذا ليس خافياً على أحد وأصبحت أعمالاً وممارسات مكشوفة لدى الجميع وهي التأجيج والتصعيد بين اليمنيين وليس التوفيق بين اليمنيين بل العكس، ليسهل لهم تحقيق ما جاءوا لتحقيقه وأعلنوا بداية تنفيذه في 25 مارس 2015م وهو العدوان على اليمن وحصار اليمنيين واحتلال الأراضي اليمنية ونهب ثرواتها، فالحل أصبح أمريكياً – سعودياً – إماراتياً – وليس يمنياً – يمنياً، فمثلا عبدربه منصور هادي وبن دغر ومن معهما لا يملكون من الأمر شيئاً فهم مشرعنون لا شرعيون يمتلكون رأياً أو موقفاً له أثره الإيجابي لإيجاد أي حل للقضية اليمنية ، فـ “عبدربه” وحكومته التي تقيم في الرياض رهينة للرأي الإقليمي والدولي الذي يتحكم في الحل في اليمن بيد السعودية والإمارات وأمريكا، كيف يكون لعبد ربه وحكومته رأي وقد منع من الهبوط في مطار عدن والبقاء في المحافظات الجنوبية التي تسيطر عليها وعلى موانئها وأجزاء من المحافظات الشمالية الشرقية محتلة ولم يتمكن عبدربه من العودة الى عدن إلا بعد أن سمحت له ولحكومته دولة الإمارات ” والجميع يدرك ذلك” وقد أعلن عبدربه وحكومته في رسالة الى مجلس الأمن قالوا فيها إن ما يتم في المحافظات الجنوبية ليس تحت سلطتهم وسلطة الدول التي تحالفهم ويقصدون بذلك خارج سلطة السعودية، فالسعودية قائدة العدوان والحصار والاحتلال مع حلفائها من دول وقوى العمالة والارتزاق الذين أطمعتهم خلافاتنا كيمنيين باحتلال بلادنا وتسخير كل ما لديهم من إمكانيات وأموال اشترت بها مواقف الدول واستأجرت المرتزقة للقتال ضد شعبنا اليمني. مستغلين خلافاتنا الداخلية نحن اليمنيين وأوضاعنا الاقتصادية وحالتنا الممزقة ومظهرنا المتآكل وأحوالنا المضطربة لتحقيق أهدافهم وتنفيذ ما خططوا له لاحتلال اليمن وقتل قياداتها ومحاكمتهم وكانت دول العدوان من خلال ما حشدت من الإمكانيات المادية والبشرية والعسكرية تعد لضربة عسكرية خاطفة ومحددة في بلادنا على غرار الغزو الأمريكي البريطاني للعراق، فأخطأوا في حساباتهم وغامروا في غزوهم وعدوانهم على بلادنا، وينطبق عليهم في ذلك المثل القائل: “لا تغامر في دخول جحر مجهول تقصد قتل ثعلب وتصادف أسد” نعم أخطأوا في الحساب لأن الحرب في اليمن ليست نزهة ولم ولن تنجح مخططاتهم الخبيثة بالرغم مما حشدوا لها من الأموال الطائلة والأسلحة الحديثة والعتاد الهائل والقوة البشرية التي لم تحقق أهدافهم في ضربة خاطفة على غرار ما تم في العراق، فاليمن بطبيعتها الجغرافية وبيئتها الاجتماعية عصية على الاستعمار وغير حاضنة وقابلة للتعايش مع الأجنبي والدخيل والمستعمر وهناك تجارب لليمنيين مع الطامعين بالاستيلاء على بلادنا واستعمارها وهي كثيرة منذ بداية القرن الخامس للميلاد وبعده نذكر بعضا منها على سبيل المثال ، الاحتلال البيزنطي الروماني وحليفه الحبشي الذي تعهد رجال الدين الرومان بدعم نظام الملك الحميري في حينه الموالي لهم، وخلال خمسة وسبعين عاماً من الدعم والاحتلال إلا أن رومانيا والحبشة فشلتا في تمكين الملك الحميري والتمكن من الاحتلال وتنفيذ مخططاتها وتحقيق مصالحها وأطماعها في بلادنا حينذاك، في بداية القرن الخامس للميلاد، وجاء الاحتلال بريطانيا العظمى التي لا تغيب الشمس عن ملكها لاحتلال المحافظات الجنوبية من الوطن والذي دام 120 عاماً ولم تستطع بريطانيا العظمى تجاوز ميناء عدن والمعلا ولم تستطع أن تدخل المحميات الجنوبية إلا بموافقة واتفاق مع السلاطين والمشيخيات وبدعم واتفاق تركي – بريطاني لتمكينها من تحقيق علاقة بسلاطين ومشيخيات المحميات الجنوبية، وخرجت بريطانيا غير عظمى، وكذلك تركيا لم تحقق أي شيء من مطامعها حيث قاومها اليمنيون وانتصرت اليمن وإرادة اليمنيين، واليوم سينتصر اليمنيون كما انتصروا بالأمس وستخرج الرياض ودبي وواشنطن من بلادنا غير عظيمة وغير مأسوف عليها وستنتصر اليمن ويتوحد اليمنيون فهم مهما اختلفوا حتما سيتفقون واليمن لليمنيين جميعا واليمن مقبرة الغزاة..
ونؤكد هنا أن الحل لن يكون إلا يمنياً – يمنياً سلمياً سياسياً ولن يستطيع أي طرف إقصاء طرف آخر، كما لم يستطع أي طرف أن يحكم اليمن بمفرده، فاليمن بلد حضاري عريق ولديه موروث ديمقراطي مدني إنساني مجيد وله تجاربه وقدراته التي ينتصر بها على خصومه ويقهر الصعاب ، فليقرأ تاريخ اليمن من يجهل التاريخ وسيعرف أن اليمن واليمنيين أقوى من كل الظروف.. وهاهي الأمم المتحدة والمبعوث الأممي والدول الكبرى مدعوة اليوم إلى سرعة إغلاق ملف الحرب في اليمن الذي بلا شك سيكون لمصلحة الأمن والسلم في اليمن والمنطقة، ونقول للدول الخليجية لا تفجروا في خصومتكم ولا تمعنوا في قتل اليمنيين، شعب الإيمان ونجدة العرب ، والعرب بدون اليمنيين بدون مهد وأصل أو جذور ، وبدون اليمنيين الإنسانية والتاريخ الحضاري والإنساني القديم منتقص فاليمن جزء أصيل من الحضارة والتاريخ الإنساني العريق لا يمكن تجاوزه أو تجاهله ، والإيمان بدون اليمنيين غير مكتمل فأهل اليمن أصحاب شهادة الامتياز بالإيمان من النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فلا يغتر علينا أو يجهل حقنا قومنا أهل النفط والترف ، فإننا أمة نحمد الله معتزون بالله وبرسوله ، راضون بالقليل من العيش، فلا يقل شكرنا كدر العيش ولا يذهب بصبرنا كثر الابتلاء ولا يعيبنا الفقر ولا تحنينا الحاجة ولا نسلم للضعف ولا نستسلم في ميادين المنازلة والمواجهة ولا نقبل المساس بكرامتنا، ولا يرهبنا الموت ولو جاءنا عيانا ومد يده إلينا لمددنا أيدينا إليه بشموخ وكبرياء العربي المؤمن القوي بالله وبوعده لعباده المؤمنين ، وها أنتم يا تحالف العدوان وقياداته قد حشرتم لقتالنا جيوش الارتزاق في العالم وسخرتم أموالكم وفعلتم بنا ما لم يفعله فرعون عصره ، فما ابتأسنا ولا انحنينا أمام طغيان الأمم وإرجافها وظلمها وفجورها، بل ثبتنا ثبات الجبال الرواسي دفاعا عن أرضنا وعرضنا وكرامتنا لم نعتد على أحد ولم نحقد على أحد ولم نتنكر لعروبتنا وديننا رغم ما حل بنا من الأذى والظلم والعدوان، ها نحن نقول وبأعلى صوت نحن أهل اليمن ومهد العرب وجند الإسلام ونجدة العرب وحماة الديار لا يستقل قدرنا إلا جاهل لا قدر له ولا ينكر حقنا في التاريخ والحياة والوجود إلا مريض تجرد من القيم الدينية والأخلاقية والإنسانية ونحن أحفاد السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار من أبناء عدنان وقحطان، الثابتون على العهد الوافون بالوعد حيث وضعنا الله ورسوله لن نحيد عهدنا أو يمسنا مس في ديننا وعقيدتنا أو نخون عروبتنا أو نتنكر لهويتنا فنحن من نعتز بالله ورسوله وبعروبتنا وإسلامنا وقيمنا الإنسانية وتاريخنا ولن يؤثر على ثقافتنا وسلوكنا ما حل بنا من الأذى من أبناء قومنا ، بل إننا ندعو العرب “العرب الشرفاء الأحياء” من الأمة العربية بكل أقطارها إلى مراجعة مواقفهم وأن يتقوا الله في أنفسهم وأهلهم ودينهم وأرضهم وعروبتهم ومقدساتهم وتاريخهم، فإننا عندما ندعوهم إنما ندعو دعوة حريص على عروبته وقرابة ونسب بل دعوة مشفق على ما أصاب الله الأمة بهم وبسلوكهم وسياستهم وأخلاقهم، وليست دعوة ضعف واستعطاف فو الله ثم والله ثم والله إن لم أبق في اليمن من العرب إلا أنا وحدي وأنتم ترون أنفسكم أنكم أعلى وأرقى وأرفع مني في الخليج لكفرت بعروبتكم وعشت العروبة وحدي هذه هي مبادئنا في اليمن العربية الشامخة وقيمنا الوطنية والدينية والأخلاقية التي نعيش ونؤمن بها ..
الأمين العام للحزب القومي الاجتماعي
وزير الدولة في حكومة الإنقاذ الوطني