سقطرى تحت وطأة المحتلين الجدد

 

*الاحتلال الإماراتي يتجاوز مرحلة السرية إلى العلن.. والمرتزقة يباركون
تقرير/ سارة الصعفاني
سقطرى التاريخ والجمال والتنوع الحيوي النادر ، عاشر أغنى جزيرة في العالم بحسب المركز العالمي لمراقبة شؤون البيئة، محمية طبيعية ممتلئة بالسحر والجمال وبكائنات حية مستوطنة ونادرة ليست موجودة على الكوكب الأزرق، إحدى أهم أربع جزر من حيث التنوع النباتي والأحيائي كموطن لآلاف النباتات والحيوانات والطيور، لقبت بأكثر المناطق غرابة في العالم ،هي أكبر الجزر في منطقة الشرق الأوسط، وموطن لتجارة السلع المقدسة في طقوس المعتقدات الدينية كالبخور واللبان والمر عند قدماء المصريين والإغريق والرومان منذ بداية الألف قبل الميلاد، ما جعل البشر آنذاك يعتقدون بقدسية المكان وبكونها أرضاً باركها الإله حتى سميت ” الأرض المقدسة “، حيث يوجد في الجزيرة تسعة أنواع لبان من خمسة وعشرين نوعًا في العالم، وسميت عند الإغريق والرومان ” جزيرة السعادة “.
وينحدر اسم سقطرى من المسمى السنسكريتي القديم ‘ فيباسا خادرا ‘ والذي يعني ” الجزيرة المباركة “، وصف الاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة أرخبيل جزر سقطرى بـ ” غالابغوس المحيط الهندي ” حيث المناظر الخلابة والتنوع الحيوي النادر، ويقع الأرخبيل على مفترق طرق من الممرات المائية البحرية الاستراتيجية فهو ممر رئيسي يربط بين الشرق الأوسط وآسيا وأفريقيا ، كما أنه طريق عبور لناقلات النفط نحو آسيا.
أصبح أرخبيل جزر سقطرى من ضمن المحميات البيئية العالمية وتحت حماية اتفاقية التنوع البيولوجي التي وقعتها الحكومة اليمنية عام 1992م في المؤتمر العالمي ( قمة الأرض )، وفي عام 2000م أعلن مرفق البيئة العالمي التابع للأمم المتحدة سقطرى محمية طبيعية ، وفي يوليو 2008م أعلنت منظمة اليونيسكو سقطرى موقعاً للتراث الطبيعي العالمي، وصنفتها صحيفة ((نيويورك تايمز)) كأجمل جزيرة في العالم لعام 2010م، وفي يناير 2017م أدرجت اليونيسكو أرخبيل سقطرى كأحد المواقع البحرية العالمية ذات الأهمية البيولوجية حيث يحظر إطلاقًا أي تدخل في الحياة الطبيعية.
ووفقًا للتقديرات الجيولوجية انفصلت جزيرة سقطرى عن أجزاء العالم قبل نحو ستة ملايين سنة ما أتاح لها فرصة تطوير أجناس حيوانية ونباتية فريدة.
تذكر كتب التاريخ أن سُقُطْرَى هو اسم الجزيرة الأصلي منذ القدم، ورد اسم الجزيرة في كتب التاريخ والمعاجم اللغوية والخرائط الجغرافية ونسج حول الجزيرة عدد من القصص والأساطير بسبب صعوبة الوصول إليها في الماضي ،وعرفت في كتب المؤرخين بجنة عدن لقرب موقعها من خليج عدن بينما يربطها آخرون بالحكايات السومرية القديمة حول جنة كانت تسمى ديلمون إذ كشفت التنقيبات الأثرية الحديثة عن وجود أنقاض لمدينة مندثرة يعود تاريخها للعصر الحجري.
39 محمية
لـ سقطرى أهمية استثنائية على صعيد بيئاتها الطبيعية وتنوعها الأحيائي ؛ فالجزيرة تضم 39 محمية لا تزال في أطوارها البدائية، ونباتاتها وحيواناتها مستوطنة ونادرة كمثال محمية ديمحري بمفردها تحوي أكثر من 80 نوعًا من الأحياء و150 نوعًا من أسماك الزينة.
وتحتضن سقطرى أكبر تجمع للتنوع النباتي في العالم حيث سجل في الجزيرة حوالي 850 نوعاً من النباتات منها ما يزيد عن 600 نوع من النباتات النادرة و270 نوعاً ليس موجوداً في أي مكان آخر من العالم أشهرها شجرة دم الأخوين، كما تعيش في الجزيرة آلاف الحيوانات البرية مثل الماعز السقطري المميز وحيوان قط الزباد الذي تستخرج منه مادة الزباد العطرية.
وتحتفظ الجزيرة بتنوع كبير لأحياء أخرى كالطيور والأسماك والحشرات والزواحف ما جعلها بيئة نادرة وكنزاً طبيعياً متفرداً حيث يوجد فيها 179 نوعًا من الطيور منها 25 نوعاً نادراً وستة أنواع من الطيور المستوطنة التي تنفرد بها سقطرى، 730 نوعًا من الأسماك الساحلية ، 300 نوع من السراطين والكركند والربيان، 253 نوعًا من المرجان كقيمة سياحية وجمالية ، وما يزيد عن 60 نوعاً من الأحياء المائية مثل الإسفنج والصدفيات التي تلعب دوراً هاماً في التوازن البيئي، 75 نوعاً من الفراشات الجميلة بألوانها الزاهية ، و100 نوع آخر من الحشرات والزواحف المتنوعة.
متحف للتراث الطبيعي
تمتلك جوهرة المحيط الهندي ” سقطرى ” مقومات الجذب السياحي كمتحف للتراث الطبيعي وحاضن للتنوع الحيوي النادر والطبيعة الساحرة بشواطئ خلابة وكثبان رمالها البيضاء كأنها القطن وأشجار نخيل عالية تزيدها جمالاً وبحرٍ نقي بلون السماء نهايته الأفق تشاهد فيه لوحة فنية متحركة بأسماك الزينة الملونة ودلافين تتقافز بلياقة تدعوك لمشاهدة مواهبها وسلاحف مضيئة وطيور جميلة مختلفة بأصواتها العذبة تراها على الأشجار ومياه البحر والمحيط وبالقرب منك، إنها جزيرة استثنائية غنية بمصائد اللؤلؤ والشعاب المرجانية وشلالات مياه غزيرة مندفعة على مدار العام من أعالي جبال شاهقة وكهوف ومغارات لم تستكشف بعد مزدحمة بنقوش تاريخية ورسومات فنية وقطع أثرية قيمة، وكأن آلة الزمن تعيدك لطقوس حياة إنسان العصور القديمة .
سقطرى جزيرة الخيال تحوي كل غريب وجميل وساحر ، ما تزال تحتفظ بأسرار تاريخية كونية وطبيعية نادرة وبنمط استثنائي ليس على مستوى مكتنزاتها التي لا تقدر بثمن فحسب بل في لغتها التي تنطق ولا تكتب وثقافة أناسها وأنماط العيش فيها.. جزيرة سقطرى جوهرة يمنية ثمينة في انتظار من يلمعها وينفض الغبار عنها لا من يعبث بها ويسرقها.
لكنها اليوم تتعرض للتغريب والتدمير والنهب وانتهاك سيادة اليمن من قبل إمارات الشر ليس آخرها وصول خمس طائرات نقل عسكرية تحمل دبابات ومدرعات وجنوداً بالمئات بعد السيطرة على الميناء والمطار والقرار بذريعة استئجارها من عميل منتهي الشرعية.
الإمارات تسرق الجوهرة اليمنية
احتلال تحت ستار استثمار جزيرة سقطرى الجنة المنسية وتقديم معونات إنسانية من قبل دولة قاتلة مشاركة في تحالف العدوان على اليمن تسيطر على جزر وموانئ يمنية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب ؟!
ليس هناك استثمار بل نهب شواطئ ومحميات طبيعية هي إرث وطن، وتهريب لثرواته من نباتات وحيوانات وطيور مستوطنة ونادرة ،وتجريف وسرقة مواقع تاريخية وأثرية مصنفة ضمن قائمة التراث العالمي – أشهرها موقع القلعة التاريخية القديمة في أعلى قمة جبلية يتجاوز عمرها خمسمائة عام وحفر مقابر كهفية وصخرية يعود تاريخها لنهاية الألف الأول قبل الميلاد ، واستخراج الكنوز من أعماق البحر والمحيط بسفن صيد عملاقة تبتلع الشعاب المرجانية والأسماك الشهية باهظة الثمن لتبيعها في فنادق دبي ، وتسير رحلات جوية سياحية دون إذن من أحد ولحسابها بل انها تمنع هبوط ما تبقى من طائرات يمنية لم تتعرض لقصف طيران تحالف العدوان بعد أن أنزلت علم الجمهورية اليمنية من المقرات الحكومية ورفعت علم دولة الإمارات وصور المحتلين واتخذت قرارات العزل والتعيين فور وصولها ، وتفرض الدرهم الإماراتي في التعاملات المالية بل تحاول طمس هوية سقطرى بتجنيد المواطنين في سقطرى وإعطائهم الجنسية الإماراتية وسط هستيريا الزواج من فتيات سقطرى من أجل البقاء والتملك، وفرض الحصار على الجزيرة إذ لا إمكانية للمغادرة سوى للإمارات كعمالة ؟!
وبالنظر إلى سيطرة الإمارات على جنوب اليمن حيث باب المندب وإقامتها قواعد عسكرية في القرن الافريقي وجزيرة ميون فإن الأمر يتعلق بمخططات واسعة للسيطرة على عدة مواقع في ممر بحري لا تخفى أهميته الإستراتيجية، وبعد سيطرة الإمارات على القرارات وانتهاك السيادة واستفزاز حكومة اللاشرعية بعثت الأخيرة بعد 3 سنوات من العدوان إلى مجلس الأمن الدولي احتجاجاً على التواجد العسكري الإماراتي حيث سيطرت دولة الإمارات كلياً على مطار سقطرى ومينائها البحري، وأبلغت الموظفين هناك بانتهاء مهامهم بعد أن اعتادت رفض قرارات رئاسية وانتهاك قوانين هي جوهر الشرعية لتؤكد أنها لم تأتِ لتمكين شرعية هادي المزعومة بل جاءت لتنفيذ أطماعها العسكرية والاستراتيجية والاقتصادية من بينها احتلال الجزر والموانئ اليمنية.
أمريكا ..الحاضر الغائب
إن الأطماع الإماراتية لا تنفك عن الأطماع الأمريكية في المنطقة كما أن الإمارات تبحث عن طريق لإنقاذ اقتصادها عبر الموقع الجغرافي الاستراتيجي لليمن ؛ فمن يسيطر على سقطرى يحكم قبضته على البحار السبعة الرئيسية في العالم انطلاقاً من المحيط الهندي ومن باب المندب وبحر العرب ؛ ما جعل سقطرى محط أنظار القوى الدولية منذ عشرات القرون وحتى وقتنا الراهن.
وتأتي جزيرة ميون التي أنشأت فيها الإمارات قاعدة عسكرية وتواجدها في ميناء المخا وقرية ذوباب واحتلالها جزيرة سقطرى، وما يحدث في العاصمة الاقتصادية والتجارية المطلة على باب المندب عدن ومينائها من انتهاكات واغتيالات وقمع وسجون تعذيب ودعم للانفصال والاقتتال سوى نماذج للتوسع والنفوذ الإماراتي الطامع بإيجاد موطئ قدم له في اليمن والسيطرة الأمريكية المتخفية إذ تسعى أمريكا إلى توسيع نفوذها بشكل سري مستغلة أدواتها من حكام دول الخليج بعد انتقاد واشنطن بتوسع قواعدها العسكرية حول العالم.
وفي زمن الإعتداء على اليمن تجاوزت الأطماع الإماراتية الحديث عن ‘‘ تنمية سقطرى وتأمينها والاستثمار في ثرواتها ‘‘ لتبلغ حد عَتَه المطالبة بأخذ سقطرى بعد استفتاء المواطنين هناك ! ما دفع اليمن لإطلاق هاشتاق #الإمارات_تحتل_ سقطرى التي هزمت عبر تاريخها الضارب في القِدم الإغريق والفراعنة والفرس والروم والبرتغاليين والبريطانيين بإمكانها طرد الإماراتيين من الجزر والموانئ والسواحل والمدن اليمنية مهما تعددت جنسياتهم.

قد يعجبك ايضا