يُظهر تقرير المخدرات العالمي لعام 2016م، الذي أصدره البرنامج العالمي لمكافحة المخدرات والجريمة (UNODC)، التابع للأمم المتحدة، أن نحو 250 مليون شخص في العالم، أي نحو 5%، يتعاطون المخدرات غير المشروعة بمختلف أنواعها.
وشهدت الدول العربية بشكل عام؛ وبعض الدول الخليجية بشكل خاص، ارتفاعاً مخيفاً في معدلات مدمني المخدرات خلال السنوات القليلة الماضية، وما يجعل التعامل مع هذه المشكلة صعباً هو قلة المعلومات والأرقام الرسمية عن حال المخدرات في العالم العربي، سواء من ناحية الاتجار أو الزراعة أو التعاطي. ووفقاً لإحصاءات غير رسمية فإن عدد المدمنين في العالم العربي تجاوز 10 ملايين مدمن.
الخطير هنا هو إعلان وزارة الداخلية السعودية، أمس الأحد ضبط 17 مليون حبة كبتاغون في موسم الاختبارات، الذي وصفته بأكثر المواسم النشطة لمروجي المخدرات، إلى جانب الإجازات الصيفية، وبداية العام الدراسي، وموسم العيد، وموسم الحج، والإجازات الأسبوعية.
واللافت هو ارتفاع عدد متعاطي الكبتاغون في المملكة مقارنة بالعام الماضي؛ حيث ضبطت مليونا حبة كبتاجون خلال موسم الاختبارات للعام الدراسي الماضي (2017م)، أما هذا العام فضبطت 14 مليون حبة كبتاغون تم ضبطها في مكة المكرمة وحدها، ومليونان و800 ألف حبة تم ضبطها في محافظة جدة خلال موسم الاختبارات الحالي.
ويشهد تعاطي المخدرات في السعودية تصاعداً مطرداً، يعكس تزايد حجم ترويجها وتعاطيها وتهريبها إلى البلاد، ففي ظل غياب الأرقام الرسمية عن أعداد المدمنين، وسعي مسؤولين لتهوين المشكلة، تعكس الإحصائيات الرسمية الصادرة عن السلطات السعودية عن كميات المخدرات المضبوطة أن ثمة سوقاً كبيراً جداً في المملكة.
وبحسب المعلومات الرسمية أعلنت وزارة الداخلية السعودية عام 2016م، عن القبض على 1776 مهرب مخدرات، بمتوسط 4.9 مهربين يومياً، وهو عدد أكبر من المقبوض عليهم عام 2015م الذي بلغ 1461 مهرباً، وأكبر بكثير ممَّن اعتقلوا عام 2014م وكانوا نحو 1309 مهربين.
وبلغ إجمالي ما جرى ضبطه في العمليات الأمنية من مواد مخدرة بنفس الفترة 24.7 مليون قرص كبتاغون (إمفيتامين) مخدر، و19.1 طن من الحشيش، و14.9 كيلوغرام من الهيروين الخام، بالإضافة إلى 8.2 كيلوغرام من الأفيون المخدر، و27 كيلوغراماً من مادة الشبو المخدرة، و61 ألفاً و400 قرص خاضع لتنظيم التداول الطبي (ممنوع تداولها من دون وصفة طبيب تحتفظ بها الصيدلية).
وفي 25 أبريل 2018م قالت “هيومن رايتس ووتش”: إن “السعودية أعدمت 48 شخصاً منذ بداية عام 2018م، نصفهم بسبب جرائم مخدرات غير عنيفة، ولا يزال العديد من المدانين بجرائم مخدرات ينتظرون تنفيذ أحكام الإعدام بعد إدانتهم من قبل نظام العدالة الجنائية الظالم في السعودية”.
وأضافت: “نفذت السعودية حوالي 600 إعدام منذ بداية عام 2014م، أكثر من 200 منها لقضايا مخدرات”.
ولعل ما هو أخطر من ظاهرة انتشار المخدرات في المدارس السعودية، انتشارها بين المعلمين، حيث ذكرت هيئة الرقابة والتحقيق في المملكة، أن عدد المتهمين من المعلمين بلغ في 520 قضية جنائية عام 2017م إلى جانب 2430 قضية تأديبية باشرتها هيئة الرقابة والتحقيق مع 2728 متهماً، وفقاً لما نشرته صحيفة “مكة” في 22 نوفمبر 2017م.
وقالت الهيئة إن عدد السعوديين منهم بلغ “2568 متهماً، وغير السعوديين 160”.
ورُغم محاولة التهوين من مشكلة المخدرات، فإن أصواتاً عاقلة في الأوساط الأكاديمية والأمنية تنبه بين فترة وأخرى إلى وجود المشكلة وحجمها ومخاطرها على بنية المجتمع السعودي.
وفي هذا الإطار وصف الأمين العام للجنة الوطنية لمكافحة المخدرات السعودية، فيصل الشثري، تصريحات بعض الجهات الحكومية عن المخدرات بأنها “مضللة”، وقال: إن “50% من القضايا التي تباشرها النيابة العامة تتعلق بالمخدرات”، معللاً ذلك بـ”قصور اللجنة وبعض الجهات ذات العلاقة في جوانب التوعية”.
وكان المتحدث الرسمي باسم اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات السعودية قد دعا، في 21 أبريل 2018م، أولياء أمور الطلاب والطالبات إلى ضرورة الانتباه لسلوكيات أبنائهم، وما قد يبدو عليهم من تغيرات سلوكية، وقال بندر الرميحي، في بيان: إن ”على الآباء متابعة أبنائهم خلال فترة الامتحانات؛ وذلك بمعرفة أوقات انصرافهم، وبرنامجهم اليومي بعد الخروج منها حتى عودتهم إلى المنزل”.
وأكد أن “السنوات الماضية كشفت كثيراً من السلوكيات التي تظهر خلال فترة الامتحانات من سلوكيات غير آمنة مثل تعاطي المخدرات”.
وأوضح الرميحي أن “ترويج الكبتاغون ينشط بين الطلاب أيام الامتحانات، تحت تسميات وأوصاف مختلفة، مثل (حبوب السهر) و(عقاقير التركيز)”، لافتاً إلى أن “الطلاب يروجونها بينهم اعتقاداً بأنها تحسن الحفظ”.
قد يعجبك ايضا