أوقفوا العدوان ؛ شعار دون المهمات والتضحيات ..

عبدالجبار الحاج

حروب سعود علي اليمن التي مر عليها قرن تارات بشكلها العسكري كما هي اليوم وأخرى بإلحاق القرار اليمني تبعا للمشيئة الخارجية المطلقة وبالذات السعودية ثم الإمارات في العقد الأخير فضلا عن تبعية الأمريكان والغرب عموما. ونتج وينتج عن تلك الحروب الطويلة احتلالات لأراضي وجزر ومياه اليمن وقتل قادتها، آخرهم اغتيال الشهيد  الرئيس الصماد وقبل ذلك مئات من قادة اليمن..وبالتالي فإن هذا اللون من العداء المستفحل والحقد الدفين والأطماع التاريخية  والإسراف في الحروب والقتل والإلحاق لا يمكن إيقافها إلا بحرب واحدة لإنهاء كل الحروب، وذلك لن يتأتى إلا بحرب تحرير وطنية شاملة لاتنتهي إلا بنصر نهائي وكامل يسترد الحقوق التاريخية في كل شبر من الأرض والمياه والجزر  ويضع حدا للتمادي الموغل والمسرف في الإبادة والاحتلال والإلحاق السياسي، ويجعلها آخر الحروب ومفتاح التحولات الكبرى في اليمن والمنطقة العربية عموما.

إن شعار أوقفوا العدوان وكفى الذي استخدم منذ أول أيام العدوان  ولا يزال يستخدم ويطلق منذ الأيام الأولى للعدوان فهو إلى اليوم شعار ربما انطلى على البعض أغراضه ومقدماته  الاستسلامية في عهد ومطبخ صالح وأزلامه كشعار يفضي إلى التسليم بنتاج الحرب فيما لو توقفت إذ يضمن العدو تحقق أهدافه من الحرب ويتبرأ من تبعاتها ويحافظ على بقائه وسيطرته على ما احتل وسيطر..ويجعل التفاوض بمقدمته ونتائجه خاضعا لمشيئة العدوان وحده ويجعل اليمني  مجرداً وأعزل من كل سلاح عسكري وسياسي..

انه شعار لا يرتفع إلى مستوى المسؤولية التاريخية وهو شعار يتبخس  التضحيات  وأن طالت الحرب، وهي ستطول حتما، لكنها على نحو خطاب أوقفوا العدوان فإنه لا طائل منها بل  ستكون بلا ثمن أو استحقاقات وطنية كبرى. وبالتالي فإنه شعار لا يمكن أن ينطوي إلا على مدلولات ومذاهب استسلامية محضة.

وإلا فلنوجه السؤال..ماذا لو أوقفوا العدوان أيها السادة ؟.ألا يعني أننا لا نروم من قتالنا سوى إيقاف العدوان  ؟!. ثم ألا يعني أن نتيجة حربنا وتضحياتنا منذ مئة عام من حرب الثلاثينيات وحرب الستينيات  تباع كل تضحياتها  مقابل إيقاف العدوان وما ترتب ويترتب عليها من استيلاء وتقدم وسيطرة للعدو على أرضنا وبالتالي عودة الهيمنة في سلام ملغوم..هذا هو النتاج النهائي فيما لو ظل إيقاف الحرب هدفنا وديدننا ؟!  ألم يكن مضمون  حروب الدفاع من جانبنا مجرد حروب دفاعية وتراجعية حتى غدت كما ينتج في الواقع كل حروبنا دفاعية تراجعية وكأن الدفاع المحض والانسحاب استراتيجية عسكرية يمنية وبالضبط في كل حرب  وما ترتب عليها من تراجع وتمدد وتوسع للعدو في أراضينا وجزرنا وتوقفت تارة باتفاقية الطائف في الثلاثينيات وتارة بالمصالحة الوطنية كما في الستينيات  وهكذا تبدو حروباً عبثية بالنسبة لليمنيين وحروباً مظفرة لآل سعود.

في الثلاثينيات حازت السعودية على أراض واسعة وفي الستينيات عادت واستولت وسيطرت على القرار السياسي المطلق في شمال اليمن.

إذن ماهي الاستراتيجية التي ينبغي أن تتبع وتعلن في حربنا حتى لا يؤول نتاجها إلى مآلات خاسرة كما تلك الحروب والتضحيات التي مضت؟

الجواب بكلمة:

أنها استراتيجية حرب التحرير الوطنية.

ماذا نقصد بحرب التحرير الوطنية وماذا نقصد بحرب واحدة لأنها كل الحروب ؟

باختصار نقصد بحرب تحرير وطنية إننا نواجه حروباً واجتياحاً واحتلالاً وقتلاً وإبادة من قبل العدوان وليس مجرد اعتداء عابر ومحكوم زواله بزمن وجيز وقصير على أطراف البلد..

إننا نواجه حرب للعام الرابع  ونتج عنها احتلال للمياه والأرض والجزر وهي امتداد لحروب  مئة عام..وبالتالي فان مواجهتها ليست حرباً دفاعية محضة ينتج عنها التراجع بالنسبة لنا والتمدد للعدو.. أليس احتلال سقطرى وميون والساحل ومارب والجوف وعدن وأجزاء كبيرة من الجنوب  هو واقع  حال  وليس توقعاً ومخاوف ؟؟

إذن فحرب التحرير الوطنية هي حرب يجب أن تتصدى لها جبهة واسعة يصبح فيها الأنصار جزءاً من قيادتها وألويتها.

وحرب التحرير الوطنية تستوجب تعبئة شعبية واسعة تضع كل اليمنيين أمام مهمات التحرير والبناء وتحقيق برنامج زراعي وصناعي للاكتفاء الذاتي فلدينا من الأرض ما يكفي لحاجاتنا.

وإشراك كل الشعب يستوجب من أي قيادة تتحمل إدارة الحرب تأمين العمل والإنتاج لكل الشعب ويستوجب ذلك النظر في حجم الأرض الزراعية والصالحة للزراعة في عموم اليمن وتمكين الفلاحين المعدمين من الحصول على قطعة ارض تفي لحاجة الفلاح وتوفر فائضا محليا في السوق، وهذا يتطلب سياسة اقتصادية جديدة جديدة ومنظومة قانونية جديدة تعيد النظر في واقع الأراضي الزراعية  التي نهبت خلال عقود في كل أنحاء اليمن.

إن حرب التحرير الوطنية هي تسليح اليمنيين جميعا في جبهات المواجهة وفي الداخل بأسباب الحياة والإنتاج وليست مجرد عمليات حربية محضة لا تلتفت للواقع الاقتصادي.على الرغم من أهمية جبهة قتال العدو والعمل على توسيع قاعدة مقاومة العدوان  والتحرير  من خلال حركة مقاومة وطنية وجبهة تحرير وطني واسعة الامتداد والعمق الشعبي.

إذا  أنجزنا ذلك بخطوات وقرارات  وإجراءات وطنية  كبرى لعلها تستلزم خيارات ثورية تهد البنى والمنظومات السياسية والقانونية القائمة بجملة مراسيم ومصفوفة قرارات كبرى وإلا فإن الحرب لن تفضي إلى نتائج تضمن النصر والتحرير وتقضي على طبقة الفساد والاحتكار تلك الطبقة التي تسمى طبقة المستثمرين وهي ليست سوى اسم جرى تحت عناوينه نهب إقطاعات الاقتصادية العامة وممتلكاتها من أموال وأراض باسم الخصخصة والاستثمار.

إن حرباً واحدة لإنهاء كل الحروب هي التي نريدها أن تكون آخر الحروب مع الجوار السيئ والطامع واللدود  وبالتالي هي استراتيجية حرب طويلة تنهك العدو وتضمن النصر.. ونتاج آخر هذا النوع الطويل من الحرب استعادة كل الأرض وهزيمة العدو هزيمة لا يفكر بعدها بمجرد الأذى لليمن ويكون الدرس والعبرة عنده  بأنه خاض آخر حرب انهزم فيها وأعاد كل الأرض الذي احتلها خلال مئة عام وأجبر على التعويض لما كل ما سببته حروبه في اليمن..

هذا الدرس  الذي نريده بكلفة ربما أعلى ولكن بنهاية تضمن النصر والتحرير والسلام والسيادة. هي  ما سيجعل من  هذه الاستراتيجية في هذه   الحرب  آخر الحروب التي تؤسس اليمن الحر والمستقل والواحد والنامي وتضمن  المستقبل  المستقر والنهج الكامل السيادة.

وإنها بهذا المضمون والتوجه ، حرب تؤسس لما بعدها لمستقبل فيه سلام مضمون  لا يتزعزع سلام يعيد ويستعيد كل الأراضي المحتلة  وفيه العدو يجبر على تسديد كامل غير مشروط لفاتورة التعويضات  بقوة  هذه الإرادة وبضمانة هذه الاستراتيجية، ولهذا علينا أن نبدأ بإشراك كل الشعب في حرب وطنية وإشراكه في حرب استئصال الفساد ومنابعه وأسبابه وإشراكه في جبهات القتال والزراعة والصيد والصناعة من خلال جبهة وطنية واحدة متحدة.

لنبدأ كل شيء من الخطوة الأولى الصائبة في الاتجاه الصحيح  في الحرب والتنمية والعدالة وبالثورة التي تضرب الفساد المتجذر لا بالمداهنة  بإرادة الشعب وتضحياته، لا بالرهان على حلف الفسدة والنهابة  اللصوص..

قد يعجبك ايضا