– يستخدم البعض مصطلح عرب إسرائيل للإشارة إلى الفلسطينيين الذين صمدوا في أرضهم إبان نكبة عام 1948م، أولئك الذين لم يغادروا قراهم، على الرغم من دخول الاحتلال الإسرائيلي إليها، فيما يشكك البعض في وطنيَّتهم، ويعتبرونهم من المطبِّعين مع الکيان الإسرائيلي، أما في هذا التقرير فلن تكون وطنيتهم محل تساؤل عندما نمسح الغبار عن الصورة التي أراد الكيان الإسرائيلي أن يزرعها في مجتمعنا.
فهم جزء لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني، يعانون معه ويحزنون لحزنه ويضحّون كما يضحي فلسطينيو الضفة الغربية وقطاع غزة والفلسطينيون في الشتات، سنستعرض في هذا التقرير أحوالهم، وظروف حياتهم، إضافة إلى الصراع الذي يعيشونه، بين هوية الاحتلال الإسرائيلي، وهويتهم العربية الفلسطينية.
من هم عرب 48
يشكِّل السكان العرب الأصليون حوالي 20% من سكان الأراضي المحتلة، ويدعوهم الكيان الإسرائيلي (الأقلية غير اليهودية)، كما أنَّ أغلب هؤلاء العرب من المسلمين، حوالي 80% منهم، ثم يأتي المسيحيون حوالي 11%، وأخيراً الدروز والشركس، حوالي 9%، ويبلغ عدد العرب داخل حدود الكيان الإسرائيلي مليون وسبع مائة وواحد وسبعين ألفاً.
كما أنَّ أغلب العرب، الذين استطاعوا البقاء في مناطقهم، أو العودة إليها قبل صدور قانون الجنسية الإسرائيلية عام 1952، تمكنوا من الحصول على الجنسية، باستثناء عشرات الآلاف من الفلسطينيين المقيمين في القدس الشرقية، الذين اقتصرت بياناتهم على الإقامة الدائمة، أو حتى بدونها، علماً أنَّ سلطات الاحتلال تتعامل مع طلبات التجنيس القادمة من القدس الشرقية بحذر شديد، كما يرفض جزء من سكانها وسكان الداخل الحصول على الجنسية أصلاً.
التمسك بالهوية
وفي ذات السياق وحسب قانون المواطنة الإسرائيلي، حاز المواطنة جميع من أقام داخل الخط الأخضر في 14 يوليو 1952 (أي عندما أقرّ الكنيست الإسرائيلي القانون). هذا القانون أغلق الباب أمام اللاجئين الفلسطينيين الذين لم يتمكنوا من العودة إلى بيوتهم حتى هذا التاريخ، حيث يمنعهم من الدخول إلى فلسطين المحتلة كمواطنين أو سكان محليين.
بقوا على أرضهم وحافظوا على كيانهم وهويتهم الوطنية عرب 48 هم الجزء الحي من الشعب الفلسطيني الذين صمدوا رغم كل محاولات الاقتلاع والإقصاء والتهميش والإنكار الذي مارسه الكيان الإسرائيلي منذ عام1948م حتى اللحظة.
أما فيما يتعلق بالعمل السياسي والعضوية في الكنيست فهم يمثلون الأحزاب العربية الوطنية داخل الكنيست وذلك لإضفاء وترسيخ الشرعية السياسية والمدنية للمليون فلسطيني داخل الخط الأخضر وهو ما لا يروق لليمين الإسرائيلي الذي يحاول مراراً وتكراراً إبعادهم عن الكنيست لإبقائها يهودية نظيفة من العرب كما يزعمون.
تعود قصة هذه الشريحة من الشعب الفلسطيني والأمة العربية إلى سنة النكبة في العام .1948 فحينها قام الكيان الإسرائيلي غير الشرعي بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الصادر في شهر تشرين الثاني 1947 والذي يقسم فلسطين إلى دولتين عربية ويهودية مناصفة تقريباً “لكن الحقيقة أن القرار أعطى اليهود 51% من فلسطين والعرب 49% “.
العرب كما هو معروف رفضوا قرار التقسيم بالإجماع فيما استغلت الصهيونية الوضع وأقيمت الدولة العبرية الباطلة على مساحة 78 % من فلسطين ولم يبق بأيدي العرب سوى الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية.
الترحيل بالقوة
وقد عملت السلطات الصهيونية على ترحيل أكبر عدد من العرب من فلسطين إلى الدول العربية يساندها في ذلك الانتداب البريطاني.
وتم الترحيل بالقوة في بعض الأماكن بواسطة ارتكاب مذابح بحق المدنيين فيما رحل الباقون لوحدهم خوفاً من وصول المذابح إلى بيوتهم وقراهم. ومع ذلك بقي في تخوم الكيان الإسرائيلي حوالي 160 ألف فلسطيني هم الذين يعرفون اليوم باسم عرب 48 لكن الأغلبية منهم بقيت بفضل الوعي بضرورة التمسك بالوطن والاستعداد للموت في سبيل الحفاظ على الأرض.
فناضلوا وقاوموا ورموا بأجسادهم أمام شاحنات الترحيل وصمدوا في وجه سياسة الترحيل بكل قوة، واضطر العديد منهم إلى ترك قراهم ومدنهم والعيش في بلدات أخرى داخل الوطن ولم يغادروه حتى لا يصبحوا مشردين، وهم يعيشون اليوم في عشرات المدن والقرى المعروفة: الناصرة وأم الفحم وشفا عمرو وسخنين والطيبة وباقة الغربية وحيفا ويافا وعكا واللد والرملة وغيرها.
في النهاية؛ تبقى فلسطين عربية الهوية والانتماء وتأبى الذل والرضوخ للکيان الإسرائيلي الذي لا يفقه من معجم الإنسانية شيئاً إلا اغتصاب الحق والأرض والقتل والتهجير. وسيأتي ذاك اليوم الذي سيرفع فيه الکيان رايات حداده وتعود القدس إلى أهلها وشعبها عروساً يرفرف مجدها فوق جبروت المحتل.
Next Post