محمد المنصور
ادعاءات رئيس وزراء العدو الصهيوني نيتنياهو بشأن البرنامج النووي الإيراني قد تكون مقدمة لإعلان ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي وإدخال المنطقة إلى مزيد من التصعيد ، واحتمال المواجهة العسكرية قائم.
الأمريكان والسعوديون والصهاينة والأتراك وحلفاؤهم العرب والغربيون لا يريدون عودة الاستقرار لسورية ، ولا يريدون أي دور لروسيا وإيران في المنطقة يوازن الدور الأمريكي ولو بنسبة معينة ،
وبالطبع فإن الصراع الاستراتيجي على موارد المنطقة النفطية والغازية وعلى المصالح والنفوذ والهيمنة التي يريدها الأمريكان أبدية يأتي في طليعة الأهداف المحركة للمواجهة مع إيران ومحور المقاومة ، إضافة إلى تعزيز الوجود الصهيوني المهيمن على المنطقة بلا أي منافس.
ترامب وإدارته اليمينية الصهيونية المتطرفة يريد وبالشراكة مع بريطانيا وفرنسا وإسرائيل ومن خلال ممارسة الضغط والعدوان العسكري على إيران وروسيا وحزب الله في سوريا ابتزاز تلك الأطراف وإضعاف دورها وتقوية الجماعات الإرهابية، وصولا لإمكانية دفعها للانسحاب من سورية كهدف استراتيجي للكيان الصهيوني وأمريكا والغرب والمتمثل في إضعاف سورية ومصادرة دورها القومي ، ومن ثم تمرير ما سمي صفقة القرن. وتعني صفقة القرن إنهاء القضية الفلسطينية والتخلي عن القدس وحق العودة للشعب الفلسطيني، والتي تعمل إدارة ترامب على تنفيذها بتواطؤ سعودي إماراتي وعربي وإسلامي رسمي.
لقد كان رضوخ النظام الرسمي العربي لقرار ترامب المشؤوم بالاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني ونقل سفارته إليها مشجعا للإدارة الأمريكية المتطرفة والعنصرية والمعادية للإسلام والمسلمين على المضي في عدوانها على الشعب الفلسطيني والشعوب العربية والإسلامية وحقوقها المشروعة في فلسطين والقدس ، ومواصلة الحرب والعدوان على اليمن وسورية وغيرها من البلدان.
سخرية ترامب من السعودية والدول الخليجية وتهديداته لها وابتزازها بحجة حمايتها آتت ثمارها مئات المليارات ذهبت للخزينة الأمريكية ولمصانع الأسلحة وما يزال حلب البقرات السمان الخليجية – حسب تعبير ترامب – يجري بشره وبسفه قل نظيره في التاريخ.
أمريكا وبسبب خضوع الأنظمة العربية والإسلامية باتت اليوم تخوض حروبها العدوانية على اليمن وسورية والعراق وليبيا والمنطقة بالوكالة ، وبالمال العربي والدم العربي ودون أن تخسر جنديا أو دولارا واحدا بل إنها تستفيد أيما استفادة ببيع أسلحتها وخبراتها وتسويغ تدخلاتها وتواجدها العسكري ، وبهذه الاستراتيجية الاستعمارية المربحة تبدو إدارة ترامب كمن يعد العدة لمواجهة إيران عبر أدواته في المنطقة ولا يستبعد مشاركتها المباشرة فيها.،
الحرب الأمريكية على إيران بشتى أشكالها ليست جديدة فمنذ قيام الثورة الإسلامية في إيران عام 1979م استخدمت أمريكا الحروب الناعمة والخشنة والحصار الاقتصادي ، لكنها وبالمحصلة نستطيع القول أنها فشلت، وان إيران استطاعت تجاوز ظروف الحصار والاستهداف الخارجي ، وأصبحت تمتلك ناصية مشروع سياسي وعلمي واقتصادي وعسكري متقدم.
والمؤكد أن الموقف المبدئي للجمهورية الإسلامية الإيرانية المناصر للقضية الفلسطينية يمثل أساس الخلاف مع الإدارات الأمريكية المتعاقبة.
سعت أمريكا والكيان الصهيوني وحلفاؤهما في المنطقة إلى محاولة إضعاف إيران ودورها عبر استهداف الحلقات التي تشكل محور المقاومة وهي:
حزب الله بالعدوان الصهيوني عام 2006م، – حركتا حماس والجهاد في العدوان الصهيوني على قطاع غزة خلال عامي 2009و2008م.
– سورية بالحرب الداخلية وتحت عنوان الثورة منذ العام 2012م وحتى اليوم.
أثبت هذا المحور قوته وفاعليته في تحجيم المشروع الصهيوني، وقدرته على إبقاء القضية الفلسطينية حية وحاضرة وإفشال مشاريع التسوية السياسية مع الكيان الصهيوني.
أحرجت قوى المقاومة الأنظمة التي هرولت للاعتراف بالكيان الصهيوني ووقعت اتفاقيات تطبيع معه ، من ثم كانت الحرب على قوى المقاومة في فلسطين ولبنان والعراق بتوصيفها من قبل الصهاينة والأمريكان والمتصهينين العرب حربا على إيران ونفوذها في المنطقة.
لن تكون الحرب المباشرة على إيران بالسهولة التي يظنها أعراب الخليج والأمريكان والصهاينة، ونتائجها لن تكون في صالحهم ، فالحرب إذا اشتعلت ستكون حرب شعوب وستعم المنطقة كما قال السيد حسن نصرالله.
تجارب الثلاثين عاما الماضية من المواجهات مع الصهاينة في لبنان وغزة ، ومع الأمريكان في العراق تشهد بهزيمة الصهاينة والأمريكان وانتصار قوى الممانعة والمقاومة.
استطاع حزب الله اللبناني مواجهة الجيش الصهيوني المدجج بأقوى الأسلحة في عدوان تموز 2006والحق به هزيمة نكراء باعتراف الصهاينة أنفسهم وعبر تقرير فينوجراد الرسمي الصهيوني.
فشل العدوان الإسرائيلي على غزة 2009/2008م في تحقيق أي انتصار على قوى المقاومة المدعومة من سورية وإيران وحزب الله في غزة المحاصرة والمعزولة.
هزمت قوى المقاومة العراقية الجيش الأمريكي وجيوش الحلف الثلاثيني وأجبرته على الانسحاب، بدعم من إيران وسورية وحزب الله.
وفي مواجهة قوى الإرهاب والتكفير التي اجتاحت سورية والعراق بدعم سعودي أمريكي صهيوني استطاعت قوى محور المقاومة هزيمة المشروع التكفيري لداعش في العراق ، وهي على وشك أن تلحق به الهزيمة النهائية في سورية رغم الدعم الأمريكي لداعش والنصرة والجيش الحر الذي يحاول إبطاء تقدم الجيش السوري وحلفائه في مناطق الإرهاب المتبقية.
تجربة الشعب اليمني والجيش واللجان الشعبية في التصدي للعدوان السعودي الأمريكي الإماراتي التحالفي ومن معهم من المرتزقة وضعت قوى تحالف العدوان بقيادة أمريكا وبريطانيا وفرنسا قاب قوسين أو أدنى من الهزيمة المحققة.
يقاتل اليمنيون تحالف العدوان في ظل حصار شامل ، وتفوق جوي مطلق ، وفي ظل انعدام الحليف ، وفي ظل إمكانات مادية لا تقارن بما يمتلك العدوان.
تجربة الصمود اليمني بوجه العدوان والحصار السعودي الأمريكي لاشك بأنها عززت في اليمن والمنطقة والعالم من قابلية هزيمة المشروع الصهيو أمريكي ، وإلغاء تفوق أسلحته المتطورة أمام مظلومية الإنسان المؤمن بعدالة القضية والإيمان بالله والحق في الحرية والكرامة والاستقلال.
للإيرانيين وغيرهم من شعوب المنطقة أن يشاطروا الشعب اليمني الشعور بالظلم وأن يشيدوا ببطولات وصمود الشعب اليمني في مواجهة العدوان ، كما من حقهم أن يروا في هذا الصمود بشائر انتصار لكل شعوب المنطقة، وهزيمة للمشروع الأمريكي الصهيوني السعودي.
بناء على تلك المعطيات والوقائع فإن العدوان الأمريكي الصهيوني السعودي على إيران – إن وقع – ستكون نتائجه ليس أقل من هزيمة كاملة لمحور الشر والعدوان ، وسيكون نصيب الكيانين الصهيوني والسعودي من تلك الهزيمة هو الأكبر، لاعتبارات كثيرة.
حسابات المواجهة المباشرة مع إيران معقدة ومتشابكة لاعتبارات سياسية ومذهبية واقتصادية ، وذات ارتباط بصراع القوى الدولية ، وإذا ما قرر المتطرفون الصهاينة في واشنطن والرياض وتل أبيب فإن المحور المقابل وشعوب المنطقة ولأسبابها الخاصة ومظلومياتها ستكون على موعد مع القدر ، وسيكون النصر حليفها بإذن الله.
Next Post