في مليونية تشييع الرئيس .. عندما دوى صوت الإرادة بآخر انتصارات الشهيد
أبو بكر عبدالله
كانت أشبه بمواجهة مباشرة بين الإرادة الوطنية اليمنية وأطماع قوى الوصاية سجلها أمس مئات الآلاف من اليمنيين المشاركين بمراسم تشييع الرئيس الشهيد صالح الصماد بعدما تحدوا العدوان الهمجي وأسقطوا محاولاته المحمومة إشاعة الذعر وحملهم على عدم المشاركة في هذه المراسم التي تحولت تظاهرة سياسية وطنية حملت من الرسائل ما يكفي لفضح قوى العدوان الهمجي وداعميهم الدوليين وتحويلهم إلى عصابات للقتل والاغتيال.
منذ ساعات الفجر حلق طيران العدوان فوق العاصمة بكثافة وشن سلسلة غارات استهدفت مناطق سكنية وأسفرت عن ضحايا مدنيين وتدمير منازل ومنشآت صحية في سلوك بربري فاشل حاول إشاعة المخاوف لدى المشيعين الذين تجاهلوا حماقات العدو واتجهوا جماعات وأفراداً إلى ميدان السبعين يتقدمهم كبار المسؤولين في الدولة والحكومة.
الحضور المهيب لمئات آلاف اليمنيين في مراسم التشييع أرغم طيران العدو على معاودة التحليق الكثيف فوق العاصمة وبلغ به الفجور إلى إطلاق الصواريخ على بعد أمتار من مكان المحتشدين في محاولة يائسة لتحويل الفعالية إلى أكشن على طريقة أفلام هوليود، لكن المحاولة سرعان ما تحطمت أمام سياج الإرادة اليمنية الصلبة لتنتهي لعبة التخويف الغبية بشظايا تسببت في استشهاد مدنى.
كانت تلك آخر المحاولات اليائسة لقوى العدوان والوصاية للنيل من إرادة اليمنيين الذين تجاهلوا بصدورهم العارية وعزيمتهم القوية كل ذلك العنف والتهديد وأكملوا مراسم التشييع لرئيسهم الشهيد الذي سجل في حياته سفرا حافلا بالشجاعة والصمود والتحدي.
في هذه المليونية وجه اليمنيون رسالتهم إلى دول العدوان وداعميها الدوليين وإلى العالم الحر بعزمهم المضي في مواجهة العدوان أيا كانت التضحيات كما أكدوا بالفعل لا بالقول أنهم وحدهم من يمثلون الشرعية الحقيقية في هذا البلد المثخن بالجراح ودونهم أشباح تريدهم قوى الوصاية الدولية ليكونوا أدواتها لكبح إرادتهم في الحرية والخلاص من نفوذ الهيمنة الخارجية.
لم تكن مليونية تشييع الرئيس الصماد رسالة إدانة لجريمة اغتياله بل كانت أشبه بمحاكمة علنية لتاريخ ملطخ بالدماء تورطت فيه عصابات بني سعود ومن خلفها قوى الوصاية الدولية الضالعة بالعشرات من جرائم الاغتيال السياسي التي طاولت كثيرا من الشخصيات اليمنية والوطنية مدى السنوات الماضية.
وحدها قوى العدوان والوصاية كانت تعرف فحوى رسائل مليونية التشييع، ولم تكف قنواتهم الديبلوماسية على مدى الأيام الماضية عن الضجيج وتسويق الذرائع لتبرير جريمتهم باغتيال الرئيس الصماد.
ضجوا بأن الشهيد الصماد ليس رئيسا شرعيا وانه واحد من قيادة التمرد على الشرعية .. أفرغوا ما بداخلهم ونعقوا بكل تفاصيل جرائمهم المروعة بحق الشعب اليمني مدعين أن الرئيس الشهيد كان المتسبب فيها.. حاولوا بكل فجور إقناع العالم الحر ببراءتهم من فضيحة اغتياله وتبعاتها القانونية والأخلاقية لكن الصوت اليمني الخارج من ميدان السبعين حول في ساعات ضجيجهم إلى رماد تذروه الرياح ولم يبق أمام الإنسانية سوى صورة ذلك الطوفان البشري الهائل الذي أذهل العالم برسالته عن مشروعه الوطني النابض بالحياة.
صوت اليمنيين بلغ بالأمس عواصم العالم كاشفا الجانب المظلم لجرائم العدوان وحقيقة حروب أميركا في هذا البلد الفقير وما يسطره اليمنيون من ملاحم في التصدي والانتصار لقضيتهم العادلة.
انتصر اليمنيون حقا عندما ودعوا رئيسهم بمراسم تشييع مهيب حضرتها كل أطياف اليمن وتوارى جثمانه الثرى ملفوفا بأوسمة الشرف والشجاعة والشهادة ورمزية الإرادة الوطنية المنتصرة، في حين توارت قوى العدوان الهمجي وداعميها وراء خيبات ملطخة بالخزي والفضيحة.
بوركت أيها الشهيد في مثواك فقد انتصرت عليهم حيا وميتا .. لا نامت أعين الجبناء.