قمة بلا عرب
عبدالفتاح علي البنوس
هناك في الظهران السعودية عقد ما يسمى بالقادة والزعماء العرب قمتهم الاعتيادية ، القمة العبرية الهوى والهوية ، والتي أطلقوا عليها كذبا ودجلا قمة القدس ، وهي في الحقيقة قمة الدس والنميمة واليهودة ، قمة التطبيع مع الكيان الصهيوني ، قمة الولاء والتقرب من هذا الكيان المحتل الغاصب ، قمة قالوا عنها عربية ولكنها ظهرت بلا عرب ، فكل من حضروا هذه القمة تحدثوا بنفس صهيوني إسرائيلي يهودي ، جلساتها ومناقشاتها كلها صبت في جانب التحريض على استمرار العدوان على اليمن ومباركة العدوان الرباعي الأمريكي البريطاني الفرنسي الإسرائيلي ، وإدانة واستنكار قيام القوة الصاروخية اليمنية بإطلاق الصواريخ البالستية صوب الأهداف والمنشآت الحيوية والإستراتيجية السعودي داخل العمق السعودي ، واعتبار ذلك من الانتهاكات الصارخة للقوانين والمواثيق والمعاهدات الدولية وما أسموه بالسيادة السعودية على أراضيها ، دونما أدنى إشارة إلى الجرائم والمذابح التي يرتكبها العدوان السعودي الإماراتي الأمريكي والذي دخل عامه الرابع ، والذي استخدمت فيه أحدث القنابل والصواريخ الأمريكية والبريطانية ، علاوة على مهاجمة النظام السوري ودعم ومباركة العدوان الرباعي على العاصمة دمشق والوقوف في صف الجماعات الإرهابية والإجرامية فيها ، والعزف على وتر استخدام الجيش السورير السلاح الكيماوي في دوما .
منتهى السخف والانبطاح والعمالة للريال السعودي والدرهم الامارتي الذي يصرف لهم بالدولار الأمريكي مقابل اتخاذ مواقف مخزية ومذلة ومهينة لهم ولدولهم وشعوبهم ، حيث بدا واضحا بأن الإغراءات السعودية كانت وراء الكلمة الهزيلة التي ألقاها الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الذي تحول في القمة إلى مندوب للسعودية في مصر ، فذهب لمهاجمة أنصار الله ومعاتبتهم على إطلاق ما أسماها بالصواريخ البلاستيكية صوب المدن السعودي مشيرا إلى أنه لن يقف مكتوف اليدين جراء استمرار إطلاق الصواريخ البالستية اليمنية ، كما ذهب السيسي السعودي إلى مهاجمة قطر بصورة غير مباشرة واتهمها بدعم واحتضان الجماعات والتنظيمات الإرهابية وتوفير الغطاء الإعلامي لها في إشارة غير معلنة لشبكة الجزيرة الإخبارية القطرية ، وتجاهل السيسي الاعتداءات الصهيونية على أبناء الشعب الفلسطيني والممارسات القمعية التي يمارسها جنود الاحتلال في حق الفلسطينيين ، وعلى شاكلة السيسي ظهر عاهر البحرين متحدثا عن الخطر الإيراني والتدخلات الإيرانية المزعومة في شؤون الدول العربية ودعمها لما أسماها بالجماعات الإرهابية والانقلابية ، وكلها خبابير وهرطقات ساذجة تعكس هشاشة وضعف هذه الأنظمة وحجم انبطاحها للاملاءات الأمريكية .
يطبعون مع إسرائيل ويتحالفون مع هذا الكيان المحتل ويصرح المهفوف محمد بن سلمان بأن من حق من أسماهم بالإسرائيليين في إقامة دولتهم على الأراضي الفلسطينية ، ورغم ذلك يطلقون اسم القدس على هذه القمة ، في استغلال قذر للمقدسات وللقضية الفلسطينية التي باعوها بثمن بخس نزولا عند رغبة الخليفة ترامب ، الذي يضيغ معهم مضامين صفقة القرن والتي تشير التسريبات الأولية بشأنها إلى أنها ستحمل في طياتها الاعتراف بإسرائيل كدولة والدخول في علاقات وتحالفات معها ، فهل رأيتم أحقر من هؤلاء على مر التاريخ ؟! وهل شاهدتم دياثة كتلك التي يمارسها قادة وزعماء وملوك ورؤساء العهر والعمالة في بلاد العرب ؟!
بالمختصر المفيد قمة لا عرب فيها حاضرون ، ولا عروبة فيها حاضرة ، هي عبرية لا خير منها يرتجى ، فكم عقدت من قمم ولقاءات واجتماعات كان فيها القادة العرب يتفقون على أن لا يتفقوا ، وكم هي القمم التي اتفقوا فيها على قتل بعضهم بعضا ، ومباركة وتأييد ذلك والدفاع عنه وهنا قمة السقوط والانحطاط ، فهؤلاء لا يمتون للعرب والعروبة بأدنى صلة ، فهم للعبرية والعبريين أقرب ، وستظل قممهم لعنات تلاحقهم وتطاردهم على مر التاريخ ، وستظل الشعوب العربية أمام استحقاقات ثورية ملزمة وضرورية تجتث هذه الأنظمة والأصنام التي تحكمهم وتستأثر بثرواتهم ومقدراتهم وتقحمهم في مغامرات وصراعات لا تسمن ولا تغني من جوع ، ولا تحصد غير استنزاف الثروة وحصد الأرواح وتدمير البنى التحتية وتمكين الأعداء وأدواتهم من انتهاك سيادة دولهم والسيطرة على سلطة القرار فيها وإقحامها في دوامة من الصراعات ذات الأبعاد الطائفية والمذهبية والسياسية والحزبية والعنصرية والمناطقية .
هذا وعاشق النبي يصلي عليه وآله .