عبدالرحمن علي الزبيب*
التعليم أساس المجتمعات وتطويرها وتنميتها ومن دون تعليم ذي جودة عالية لا يمكن تحقيق تنمية وتطوير في المجتمع، ومن دون تطوير وتنمية للمجتمع لا يمكن ايجاد تعليم ذي جودة عالية، لأن التنمية والتطوير يحتاجان الى تعليم جيد والتعليم الجيد يحتاج الى امكانيات مالية وقدرات والتي لا يمكن توفيرها الا اذا وجد اقتصاد جيد يستطيع تغطية تكاليف التعليم الجيد.
من المفترض ان يكون التعليم الجيد في سلم أولويات المجتمع والدولة لأنه اساس تنمية وتطوير المجتمع ولتحقيق ذلك يجب ان يكون للتعليم دور هام في اشباع احتياجات الدولة والمجتمع ليحظى بالأهمية ويتصدر سلم الأولويات ويحظى بالدعم والرعاية الكاملة ويتوجب ربط التعليم بسوق العمل في جميع مراحله من المدارس وحتى الجامعات.
إن أهم اسباب عدم الاهتمام بالتعليم هو أن معظم أفراد المجتمع لا يجدون ثمرة جيدة وملموسة للتعليم فمعظم من يدرس يخرج الى رصيف البطالة والبحث عن العمل ويظل خريجو الجامعات يبحثون عن العمل ويتزاحمون في اماكن محدده تكتظ بالمتقدمين بالرغم من قلة الاحتياج لهم فيما بقية مجالات العمل الاخرى تجدها فارغة ويسيطر ويتحكم فيها مجموعة بسيطة من المتخصصين الذين لا يستطيعون تغطية احتياج الدولة والمجتمع لتلك التخصصات فتنخفض الجودة ويرتفع سعر تلك التخصصات والخدمات الناتجة منها وفي بعض الحالات يتم فتح المجال لدخول عمالة اجنبية ماهرة لتغطية التخصصات المطلوبة والشاغرة والتي لم يستطع الكادر الوطني تغطيتها بسبب اختلالات في منظومة التعليم الوطنية.
وأتذكر هنا احد الاصدقاء استكمل دراسته الجامعية في احدى الدول العربية في كلية الزراعة وتفاجأ عند اعلان النتائج بان جميع خريجي تلك الدولة وعقب صدور نتائج نجاحهم تم توزيعهم مباشرة في سوق العمل بحيث كان يتم التأشير امام اسم كل طالب مكان العمل الذي جرى توزيعه فيه لاستكمال اجراءات التوظيف ويتم اعداد ذلك بحسب الاحتياج وبالتنسيق مابين تلك المؤسسات وبين الجامعات وبالفعل كانت تلك الدولة تشهد تطوراً كبيراً بسبب ربط التعليم بسوق العمل.
وفي وطني وأيضاً في معظم الدول العربية نجد فجوة كبيرة بين مخرجات التعليم وسوق العمل بسبب العشوائية وانعدام الخطط والاستراتيجيات الوطنية وغيرها من الاسباب الذي افقدت التعليم ثمرته وحرمت سوق العمل من تلك الثمرة.
وهنا يتبادر الى ذهننا تساؤل بسيط:
لماذا لم يستطع الكادر الوطني تغطية احتياجات سوق العمل بالتخصصات الهامة والتي تحتاج الى معارف ومهارات محددة ؟
والاجابة على هذا التساؤل هي عدم ربط سوق العمل بالتعليم.
ولتوضيح الاجابة أكثر نؤكد أن هناك عشوائية وخللاً في استراتيجيات التعليم الحالية حيث يلاحظ انها تنحرف عن الاهداف المرجوة منها في تغطية سوق العمل وانحرفت الى مسارات اخرى ليس لها علاقة بسوق العمل واحتياجات المجتمع والدولة لها ما يؤدي الى اهدار امكانيات وقدرات وطنية هائلة في تكاليف ونفقات التعليم دون تحقيق الثمرة منها واستمرار المفهوم الخاطئ بأن التعليم هو فقط مصدر اهلاك ونفقة وليس مصدر استثمار وايراد.
ولمعالجة هذا الخلل الجسيم يتوجب ان يتم الشروع في اعداد استراتيجية وطنية للتعليم وربطها بسوق العمل.
ولا نقصد هنا فقط التعليم الجامعي بل ايضاً التعليم ما قبل الجامعي منذ الروضة والتمهيدي وحتى الثانوية العامة يجب ان يشمل كل ذلك استراتيجية وطنية يتم بموجبها تحديد احتياج سوق العمل وربطه مع التعليم في مسار واحد.
لأن ربط التعليم بالعمل لا يحقق فقط تغطية لاحتياجات سوق العمل فقط بل سيطور من التعليم وأيضاً يطور من سوق العمل لتغطية المستجد منها وعدم التقوقع في انظمة تعليم قديمة بل ستتطور بتطور سوق العمل.
وأهم تلك التطورات هو الاهتمام باكساب الطلاب المهارات وعدم الاكتفاء بالمعارف والمعلومات ونقصد هنا وجوبية ادماج التدريب في منظومة التعليم لما للتدريب من دور كبير في استكمال ايصال ورسوخ المعلومات والمعارف في أذهان الطلاب بربطها بالواقع التطبيقي وعدم حصرها في الجانب النظري منها فقط.
وموضوع ربط التعليم بسوق العمل كان هو الوصفة السحرية لجميع المجتمعات التي انتشلت من وضعها البائس واصبحت في مقدمة دول العالم تطوراً ومنها دول شرق اسيا التي قطفت ثمار ربط التعليم بسوق العمل مبكراً ومازالت وتطورت مجتمعاتها بتطور سوق العمل وتطور التعليم لديها بربطه مع سوق العمل والذي حذت معظم دول العالم حذوها ومنها على سبيل المثال لا الحصر الولايات المتحدة الامريكية حيث وبحسب ما ورد في الموسوعة الحرة العالمية ويكيبيديا قامت بتطبيق نظام الانتقال من التعليم للعمل هي عبارة تشير إلى اتفاقيات التدريب على العمل والتدريب المهني والتعليم التعاوني أو البرامج الأخرى المصممة لإعداد الطلاب لدخول سوق العمل.
وقد تم تطبيق هذا النظام التعليمي في الولايات المتحدة مبدئيًا على نطاق محدود كاستجابة للتدريب على العمل مثلما كان يحدث في آسيا.
ويستخدم نظام “تهيئة المدرسة لبرامج العمل” في تقديم فلسفة الأنشطة القائمة على أساس التعلم في المدرسة والعمل والاتصال في مراحل مبكرة من رياض الأطفال حتى يتعرض التلاميذ للمهن التي من الممكن أن يعملوا بها في المستقبل.
ويركز نظام “تهيئة المدرسة لبرامج العمل” على فكرة التعلم مدى الحياة. ويتم تمويل ورعاية نظام “تهيئة المدرسة لبرامج العمل” عن طريق وزارتي العمل والتعليم بالولايات المتحدة الأمريكية على المستوى الفيدرالي بداية من رياض الأطفال وحتى الجامعة التي تكون مدة الدراسة بها أربع سنوات، ومنظمات المجتمع المحلي، وأكثر من مائة شريك تجاري داعم.
ويعتبر برنامج تهيئة المدرسة لبرامج العمل جزءًا من حركة الإصلاح الشامل للتعليم التي تتضمن تشكيل معايير جديدة تركز على مستوى أعلى من مهارات التفكير ومعايير جديدة على أساس التقييم وامتحانات التخرج مثل شهادة الإتقان الأولي مما يضمن استعداد الطلاب للتدريب على العمل أو الاستعداد للجامعة عند بلوغهم 16 عامًا، ويعتقد من يقومون بالإصلاح أنه من الضروري والمنصف أن يتخرج جميع الطلاب وهم مهيؤون للعمل ومستعدون للجامعة بدلا من تتبعهم بطريقة أو بأخرى او ضياعهم بلا هدف..
ولتوضيح ذلك أكثر سنورد بعض النقاط الهامة لتحقيق التكامل وتوحيد مسار التعليم وسوق العمل بما يؤدي الى تطوير التعليم وتطوير سوق العمل أيضاً كالتالي :
1. وجوب التحفيز في جميع المراحل الدراسية:
يجب ان يتم تطبيق آليات جديدة في التعليم تدمج التعليم بالواقع واحتياجاته وان يكون التعليم ملامسا لاحتياجات ومشاكل واحتياجات المجتمع مهما كان الواقع صعب ومر ولكنه افضل في الخيال الجميل الذي لا يلامس الواقع.
ولتحقيق ذلك يجب ان يتم انشاء جمعيات طلابية في جميع المدارس وفتح المجال لجميع الطلاب للانخراط في جمعية طلابية وتكون كل جمعية متخصصة في مجال معين مثلاً: مجال الطب – الهندسة – القانون – الزراعة – الصناعة – التجارة – الاختراعات العلمية – الشعر والقصة – الترجمة – التدريس- الميكانيك – الطاقة – الامن – الجيش….الخ من التخصصات ).
بحيث يتم ربط الطلاب من سنوات دراستهم الاولى بمسارات العمل ويؤدي الى انخراطهم مبكراً في مسار محدد من مسارات سوق العمل وبناء على ذلك يتم تحديد احتياجات كل مسار وتغطيتها فالتخصصات العلمية مثلاً يتم منح المنخرطين فيها دروسا اضافية لتقوية التخصص لديهم ورفع قدراتهم ومهاراتهم والتخصصات الأدبية يتم منحهم دروسا اضافية في الجوانب الادبية لرفع قدراتهم ومهاراتهم في تخصصاتهم ويستمر الطالب منذ بداية مراحله الدراسية وهو يسعى لتحقيق هدف واضح ويكون تحديد ذلك الهدف من البداية حافز له لتحبيب التعليم له وتحوله من مجرد الزام واجبار الى متعة واختيار.
2. التطبيق العملي
بعد ان يتم توزيع الطلاب في جميع المدارس والجامعات في جمعيات تخصصية بحسب ميول كل طالب يتم اكساب الطلاب معلومات ومهارات عملية ولا يمكن ان يتحقق ذلك الا بالتطبيق العملي في الواقع فيتم مثلاً اعداد برنامج زيارة لأشخاص ناجحين في تخصصاتهم فمثلاً الذين يرغبون بالتخصص في الطب يتم تحديد زيارة طبيب الى المدرسة للقاء اعضاء جمعية الطب في المدرسة وشرح قصة نجاحه وآليات عمله ثم ايضاً تنفيذ زيارات ميدانية الى مستشفيات للاطلاع عن كثب على هذا التخصص مما يحبب للطلاب الانخراط فيه وبذل اقصى الجهود الممكنة للحصول على المعلومات والمعارف المرتبطة بهذا التخصص.
وكذلك يتم تنفيذ نفس الالية لجميع التخصصات الأخرى ( الهندسة – التجارة – القانون – الزراعة – الصناعة – الادارة – الطاقة – الميكانيك – الطاقة…الخ من التخصصات).
ولا يكون هذا البرنامج التطبيقي لمرة واحدة بل يكون برنامجا طوال العام وفقاً لجدول زمني محدد بحيث يتم تغطية كافة الاقسام في جميع التخصصات طوال المرحلة الدراسية بحيث لا يستكمل الطالب دراسته الا وهو ملم بكافة تفاصيل التخصص الذي يرغب الانخراط فيه.
3. تنظيم التوزيع بحسب الاحتياج
يستلزم ان يتم الترويج لجميع التخصصات في سوق العمل بشكل متوازن وان يتم توزيع الطلاب في مسارات العمل وفقاً لنسبة الاحتياج الوطني العام ووفقاً لاستراتيجية التعليم الوطنية بحيث لا يتم تركيز وتجميع معظم الطلاب في تخصص محدد واغفال التخصصات الاخرى بسبب قصور او ضعف في الترويج للتخصصات الاخرى بل يتوجب ان يتم الترويج لها بشكل جذاب وحافز ليتوزع الطلاب في جميع التخصصات بشكل طوعي بحيث يتم توزيع الطلاب في جميع المدارس بنسب مؤية محدده تتوازن تلك النسب مع نسبة الاحتياج لهذا التخصص فيتم رفع نسبة التخصصات النادرة والتي يحتاج المجتمع والدولة لتغطيتها ويكون ذلك بآلية علمية قائمة على الدراسات الاجتماعية للميول الانسانية لكل طالب وتحفيزه للوصول الى هدفه وتخصصه من دون اجبار أو اكراه بحيث يتخرج جميع الطلاب ولهم هدف محدد يتوازن ويتوافق مع نسبة الاحتياج الوطني للتخصصات الراغبين الانخراط فيها.
4. تحفيز مسارات التعليم لتغطية الاحتياج
يجب أن تستوعب استراتيجية التعليم الوطنية جميع مسارات التعليم وجميع الطلاب في جميع المدارس والجامعات بلا استثناء لتغطية الاحتياج الوطني بالتخصصات المطلوبة بمهارة جيدة وبأعداد تغطي الاحتياج لها.
وان لا يترك ذلك فقط للاختيار العشوائي بل يتم منح المميزات لجذب اكثر عدد من الطلاب لتخصصات معينه لها احتياج كبير في المجتمع والدولة وعلى سبيل المثال لا الحصر تخصص الزراعة يلاحظ ان هناك أحجاماً عن الانخراط الطلاب بهم رغم احتياج المجتمع والدولة لهذا الاختصاص بجميع اقسامه ويحجم معظم الطلاب عن الانخراط في المجال الزراعي بسبب مبرر البعض بانه يستلزم بذل جهد أكبر من التخصصات الاخرى.
ويتوجب لتصحيح هذا الخلل ان يتم منح الحوافز المناسبة لجذب عدد كبير من الطلاب ومنها على سبيل المثال لا الحصر منح الطلاب في المدارس شتلات زراعية مجانية للزراعة و تنفيذ زيارات ميدانية لمزارع نموذجية للتحفيز.
وفي الجامعات يستوجب منح حوافز جيدة كما هو مطبق في معظم دول العالم والذي تقوم بمنح خريجي كليات الزراعة قطع ارض صالحة للزراعة بشكل مجاني ويتم صرفها من اراضي الدولة واشراكهم في عمليات اصلاح الاراضي الزراعية ومنحهم التسهيلات الممكنة من ماء وبذور وقروض ميسره تمكنهم من زراعة تلك الاراضي المصروفة لهم.
وكذلك جميع التخصصات الأخرى يتم تحفيز الطلاب للانخراط فيها بحسب الاحتياج.
5. وجوب ربط جميع الوزرات والمؤسسات بما يوازيها من كليات الجامعات
من أهم اسباب اختلالات التعليم هو عدم ربط جميع كليات الجامعات العامة والخاصة بالوزارات والمؤسسات العامة والخاصة فكل وزارة ومؤسسة تصنع استراتيجتها بعيداً عن التعليم والبحث العلمي مما يؤدي هذا الى تخلف هذه المؤسسات وتكلسها ويفترض ان يتم تحديث آليات عملها بشكل مستمر ومثمر ولن يتحقق ذلك مالم يتم ربطها بالجامعات والكليات وان يتم اصدار قرار ملزم بالربط ولا يتم اعتماد أي كلية أو جامعة مالم يكون لها علاقة تربطها مع الوزارة أو المؤسسة في القطاع العام أو الخاص وكذلك لا يتم اعتماد خطط وموازنات أي وزارة أو مؤسسة الا اذا التزمت بالربط مع احدى الكليات ذات نفس التخصص فمثلاً كليات الحقوق يستوجب ان يتم ربطها مع وزارة العدل وجميع مؤسسات القضاء و المحاماة وغيرها من المؤسسات ذات العلاقة بتخصصها والربط المقصود بها هنا ليس فقط ربط قيادات الكليات بقيادات الوزارات والمؤسسات بل ربط جميع طلاب تلك الكليات بجميع تلك المؤسسات مما يعزز من الالمام بمهامها بحيث لا يتخرج الطالب الا وقد حدد تخصصه في قسم يرغب التخصص فيه هل في القضاء أم النيابة العامة ام المحاماة وبما يؤدي الى تقليل الوقت والجهد الذي يتم تبديده من قبل جميع الخريجين لعدم تحديد هدفهم في وقت مبكر وعدم المامهم بمهام كل مؤسسة ذات علاقة بتخصصهم بالاضافة الى ان ذلك الربط يوزع الخريجين على جميع المؤسسات ذات العلاقة بحسب الاحتياج ولا يكدسهم في قسم محدد ويغفل اقساما أخرى ذات اهمية.
6. تصحيح نظام القبول في الجامعات
من أهم اسباب اختلالات منظومة التعليم الاستخدام الخاطئ والمعكوس لآليات القبول في الكليات حيث يخضع القبول في الكليات لمعادلة شاذة وخاطئة مبنية على اسس تتناقض مع واقع واحتياجات الدولة والمجتمع فيتم رفع المعدلات والمستوى الدراسي لقبول الطلاب في التخصصات العلمية ويتم تخفيض نسبة القبول والمستوى الدراسي في التخصصات الانسانية بما يؤدي الى خلل في تغطية احتياجات المجتمع والدولة من الطلاب.
وبسبب هذا الخلل نجد آلاف الخريجين على رصيف البطالة لأنهم اضطروا للانضمام الى كليات انسانية بالرغم من ان رغباتهم في كليات علمية وكان العائق لذلك هو الشروط والمعايير الخاطئة فمثلاً طلاب كانوا يرغبون في دخول كلية الطب ولم يوفقوا في الانضمام لها بسبب الشروط القاسية والمجحفة ويسبب ذلك خللا في ميزان الاحتياج فنجد جميع المستشفيات تحتاج لعدد كبير من الاطباء ولا يوجد العدد الكافي لتغطية الاحتياج بسبب ذلك الخلل وبسبب ان عدداً كبيراً من الطلاب اضطروا لدخول كليات انسانية مخالفة لرغباتهم وتكدسوا في ارصفة الشوارع والبطالة لارتفاع عددهم وتشبع تخصصاتهم بينما هناك احتياج كبير في تخصصات اخرى تم حرمانهم منها بسبب خطأ اجراءات القبول والتسجيل.
ولمعالجة ذلك يجب أن يتم تصحيح آليات القبول في جميع الكليات وربطها باحتياجات سوق العمل ويتم عكس هرم القبول بحيث يتم تخفيض نسبة القبول لجميع الكليات العلمية ورفعها في الكليات الانسانية وبحسب الاحتياج الفعلي لها في الواقع العملي.
7. تحديث مناهج التعليم وتطوير سوق العمل
اذا ما تم ربط التعليم بسوق العمل وتحول التعليم من مناهج نظرية الى تطبيق عملي سيتم التطوير المستمر لمناهج التعليم بما يتواكب مع سوق العمل وسيتم اضافة تخصصات جديدة وتطوير التخصصات الاخرى وعلى سبيل المثال تخصص الطاقة الشمسية لا يوجد هذا التخصص حالياً ولا يوجد منهج يوضح هذا المجال الهام الذي يغطي احتياجات عدد كبير من افراد المجتمع للطاقة منها لو تم ربط مناهج التعليم بسوق العمل سيتم استحداث مواضيع ومناهج واقسام متخصصة في الطاقة الشمسية لاكساب الطلاب المعارف والمعلومات والمهارات اللازمة في هذا المجال الهام وبما يؤدي الى تغطية احتياج سوق العمل بالكادر المؤهل المتخصص في هذا المجال وكذلك جميع المجالات.
كما أن ربط التعليم بسوق العمل سيؤدي الى مواكبة مناهج التعليم للتطورات والتحديث الحاصل في سوق العمل ومناهج التعليم وبنظرة فاحصة نجد ان معظم مناهج التعليم الحالية في المدارس والجامعات مناهج قديمة يتوجب تحديثها لتتواءم مع التطورات الهائلة، فمن غير المعقول ان يتم تعليم مناهج تم تأليفها في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي والزام الطلاب بها رغم مضي اكثر من اربعين عاما تقريباً عليها وخصوصاً المواد العلمية التي تتطور باستمرار.
لذلك يجب ان يتم تحديث جميع مناهج التعليم بما يتواكب مع التطورات العالمية وخصوصاً في المواد العلمية من جميع النواحي المواد وايضاً آليات ووسائل التعليم وبربط التعليم بسوق العمل سيتم ايضاً تحديث سوق العمل باستمرار لمواكبة الجديد والمستجد وعدم التقوقع في نظريات وآليات عمل قديمة.
8. تطوير البحث العلمي في الواقع العملي
بربط التعليم بسوق العمل سيتحول الطلاب في المدارس والجامعات الى باحثين ومطورين لسوق العمل فيتم معالجة كثير من الاختلالات التي تعترض جميع مجالات سوق العمل وتطورها وتكسب الطلاب مهارة وخبرة كبيرة تؤهلهم ليس فقط لمعرفة احتياجات سوق العمل وآليات عملها بل وتطويرها ويتحول سوق العمل الى مجال بحثي مستمر للطلاب.
وهنا اتذكر في أحد المؤتمرات العلمية الهامة عن سوق الدواء انه تم استعراض دراسة احصائية اوضحت ان اكثر من 80% من سوق الدواء العالمي تحتكرها بضع شركات عالمية بسبب سيطرتها على المراكز البحثة الدوائية العملاقة فبسيطرتها على البحث العلمي سيطرت على وسائل الانتاج والتطوير.
وبالمثل لو تم تطوير البحث العلمي في جميع المدارس والجامعات لتحول جميع الطلاب الى باحثين وخلايا نحل مجتهدة في جميع التخصصات وتحولت المدارس والجامعات الى مراكز بحثية مرموقة وتم تصحيح ومعالجة كثير من المشاكل والمعيقات التي تعترض سوق العمل وتعطله ببحوث تخصصية هامة يتطور بها الجميع.. التعليم وسوق العمل ايضاً.
وتتحول الجامعات الى مراكز بحث علمية لجميع الوزارات والمؤسسات تكتشف وتشخص الاخطاء وتقترح المعالجات لها ويتحول التعليم وسوق العمل الى تروس هامة في ماكينة عملاقة اسمها المجتمع تتحرك بشكل كامل لتحقق نهضة مجتمعية وقفزة حضارية تنتشل الجميع من القاع الى القمة.
وفي الأخير :
نطالب وبالحاح بسرعة اعداد وتنفيذ استراتيجية وطنية للتعليم وربطها بسوق العمل وبما يؤدي الى تطوير التعليم وتحديث سوق العمل الذي يشكو من انخفاض الجودة وانعدام الثمرة وتحولت مؤسسات التعليم الى مؤسسات خيالية بعيدة عن الواقع المعاش وافتقد جميع الطلاب في وطني للرغبة والحافز في التعليم لانه لا ثمرة منه فيتعلم في المدارس والجامعات مناهج ونظريات تختلف عن ما هو مطبق حالياً في الواقع العملي ولا تغطي احتياجاته.
والمفترض ان يتم اعادة النظر في ذلك والربط الفوري بين التعليم وسوق العمل والزام جميع مؤسسات التعليم بالتنسيق والربط مع جميع أجهزة الدولة والمؤسسات العامة والخاصة وبما يؤدي الى انخراط الجميع في تطوير سوق العمل وتغطية احتياجه بخريجين ذوي مهارة ومعارف ومعلومات جيدة يطورون بها سوق العمل ومؤسسات القطاع العام والخاص وإزالة السور والعائق الكبير الذي يقطع بين التعليم وسوق العمل والذي حول التعليم الى مجال إنفاق وتكاليف لا فائدة منه وعطل سوق العمل لغياب الكوادر الوطنية الكفؤة والمؤهلة.
ولن تتحقق أي تنمية أو تطوير لمجتمعاتنا مالم يتم تطوير آليات ووسائل التعليم لتغطية احتياجات سوق العمل وهذا سيتحقق فقط بربط التعليم بسوق العمل لتطويرهما معاً.
* عضو الهيئة الاستشارية لوزارة حقوق الانسان
قد يعجبك ايضا