نيويورك
ذكر تقرير للأمم المتحدة أمس أن جماعات مسلحة في ليبيا تحتجز آلاف الرجال و النساء والأطفال في ظروف وصفها بالمرعبة، مشيرا إلى أن هؤلاء المحتجزين يتعرضون للتعذيب وانتهاكات أخرى.
وتحدث هذا التقرير الذي صدر عن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، ونُشر بالتعاون مع بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، تحدث عن “انتشار واسع النطاق لحالات الاحتجاز التعسفي وغير القانوني لفترات مطولة، والانتهاكات المتكررة لحقوق الإنسان أثناء الاحتجاز”.
وقال إن مهربي البشر و”الجهاديين” والخاطفين منذ سقوط نظام معمر القذافي عام 2011م، استغلوا الفراغ الأمني والفوضى لكسب موطئ قدم في هذا البلد الشمال إفريقي الغني بالنفط.
ورصد التقرير الأممي أنه مع “تجدد العنف في العام 2014م، اعتقلت الجماعات المسلحة من كافة الأطراف معارضين مشتبها بهم، وناقدين ونشطاء وأطباء وصحافيين وسياسيين”.
وعلّق مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، زيد بن رعد الحسين على التقرير قائلا إنه “يكشف لا عن الانتهاكات والتجاوزات المروعة التي يتعرض لها الليبيون المحرومون من حريتهم فحسب، بل ويكشف أيضاً عن الرعب المطلق وتعسفية هذه الاعتقالات للضحايا وأسرهم، على حد سواء”.
وشدد المفوض الأممي على أنه “ينبغي إيقاف هذه الانتهاكات والتجاوزات، ومحاسبة المسؤولين عن مثل هذه الجرائم، على نحو تام”.
ووفق حصيلة يعود تاريخها إلى أكتوبر عام 2017، يقبع نحو 6500 شخص في سجون حكومية تشرف عليها الشرطة القضائية في ليبيا.
ويلفت التقرير إلى عدم وجود إحصاءات بشأن مراكز الاحتجاز التابعة اسميا لوزارتي الداخلية والدفاع، ولا تلك التي تديرها المجموعات المسلحة بشكل مباشر.
وتعبر الأمم المتحدة عن الأسف لكون مراكز الاعتقال هذه، الخارجة على سلطة الدولة “معروفة بتفشي مظاهر التعذيب وغيرها من الانتهاكات والتجاوزات ضد حقوق الإنسان”.
ويرصد التقرير أشكال التعذيب الذي يتعرض له المحتجزون، مشيرا إلى الضرب على القدمين بواسطة قضبان حديدية، والصعق الكهربائي، والحرق بواسطة السجائر.
ويتحدث كذلك عن تعرض النساء المحتجزات للتعذيب، مشيرا إلى أنه “في بعض السجون يتم إجبار النساء على التعري”، ويجري التحرش بهن من قبل حراس هذه السجون.
ويسجل التقرير “ورود مزاعم متكررة تفيد بوفاة المحتجزين أثناء الاعتقال، والعثور في شوارع ومستشفيات ومكبات النفايات على المئات من الجثث التي تعود لأناس اقتيدوا واحتجزوا على أيدي المجموعات المسلحة، وكانت العديد من هذه الجثث مكتوفة الأطراف وتحمل آثار تعذيب وطلقات نارية”.
وينصح التقرير الأممي السلطات في هذا البلد باتخاذ إجراءات لمعالجة الوضع القائم، ويرى أنه “كخطوة أولى، ينبغي على الجهات الحكومية وغير الحكومية التي تسيطر فعليا على هذه المناطق وتضطلع بمهام كالحكومية أن تفرج عن المحتجزين تعسفياً، وكذلك عن أولئك الذين سُلبت حريتهم بشكل غير قانوني. ويجب نقل جميع أولئك الذين اعتقلوا بصورة قانونية إلى السجون الرسمية الخاضعة لرقابة الدولة الفعلية والحصرية”.
ويخلص التقرير إلى القول إن “الاخفاق في التصدي لهذا الأمر يؤدي لا فقط إلى إلحاق المزيد من المعاناة بالآلاف من المحتجزين وأسرهم، بل وسيفضي أيضاً إلى مزيد من الخسائر في الأرواح. كما أنه سيقوض أي جهود ترمي إلى تحقيق الاستقرار وبلوغ السلام والمصالحة”.