الرأي السديد موضة الانتهازية للفرص

محمد أحمد المؤيد
الانتهازية للفرص تأتي بمثابة الاستغلال لموقف معين , وخاصة إن وجدت فرصة ذهبية للتسلط أو التملك أو الحيازة للشيء , الذي ما كان للشخص الحصول عليه بسهولة , لولا وجود فرصة مكنته من ذلك , كونه كان في يوم من الأيام بعيد المنال أو من الصعوبة الحصول عليه , فعندئذٍ كان على المتقنص للفرصة أن لا يفوته ما يمكن فواته بمجرد التهاون أو الغفلة عن النيل من الشيء , وبمجرد أدنى فرصة قد تخول له الاستفادة من الشيء حال الحصول عليه.
قد يمعن الشخص في تحين الفرص والتقنص لها في مسائل بسيطة قد لا يعقبها ضرر على غيره كما يعمله غالبية الشبان في البحث والتدقيق عن وجود فرص للعمل والإبداع والتنمية والاستثمار وتحريك رؤوس الأموال , كي لا يحدث ركود اقتصادي وبطالة وغيرها من الفوائد , التي قد يجنيها ذلك الشخص أو الشركة أو المؤسسة , لكن أن يكون التقنص والتسلط والانتهازية كموضة أو إن صح التعبير كآفة في مسائل عظام قد تفتك بمجتمع بأكمله , أو قد تفتك بمجتمعات عدة , وقد تؤدي إلى خلافات كبيرة لا يسلم منها المهمل ولا الانتهازي , كونها تؤدي إلى حروب واقتتال .
فكما هو حاصل اليوم من موضة ليس في الثياب والملابس , وإنما في شتى مجالات الحياة , وهو ما تؤكده أحداث اليوم وبدقة في الانتهازية , التي (تتويقح) الدولة التركية في محاولة منها لدخول مدينة عفرين السورية , كونها مدينة حدودية مع تركيا , فعفرين الحدودية صارت عرضة للانتهازية التركية , بسبب إهمال الشعب السوري وانجراره خلف التقاتل والتناحر فيما بينهم البين.
وهو الشيء ذاته الذي صارت عليه دولة الإمارات , وما تعمله من انتهازية ساقطة في حق اليمن وثرواته ومدخراته , كما تقوم به من دخول متتال يوماً بعد يوم , وحتى اليوم في عمق الحدود اليمنية , من جهة حضرموت , ومحاولة منها لطمس معالم الحدود اليمنية في تلك المناطق , وحدوث التوغل الإماراتي فيها , وكما هو شأنها مع ميناء عدن وتعطيله , والتسلط على جزيرة سقطرى ومحاولة الاستحواذ على أكبر قدر ممكن من الجزر اليمنية , وآخر انتهازية لها كانت خلال الآونة الأخيرة , عبر تصديرها لأول دفعة من الغاز اليمني المسال من بلحاف اليمنية , طبعاً غفلة اليمنيين مع الحرب , وثقتها تلك الانتهازية المجحفة من عدو , لطالما انتظر فرصة سانحة للتسلط وباسم الدفاع عن “شرعية هادي” , وكذا انتهازية سعود وأمريكا وصهيون في قتل وتشريد وتجويع وإبادة أكبر قدر من الشعب اليمني برمته , فهي فرصة ذهبية لا تعوض , دعتهم لقتل وسفك الدم اليمني , وبدعوى الدفاع عن الشرعية المزعومة لهادي , وكذا ما يقوم به محافظ محافظة مارب , وبمساعدة الجنرال , وما يقومون به من ابتزاز ونهب للمال اليمني العام , وثروة الشعب النفطية والغازية , وتكديس الأموال ومصادرتها إلى المجهول , وترك الشعب اليمني يغرق في وحل الجوع والفقر والأزمات , وكذا ما ينتهزه الصرافون والتجار والمحتكرون في داخل الوطن , وما صرنا عليه اليوم جراء ارتفاع الأسعار أضعافاً مضاعفة , فالسعر ما قبل ثلاثة أشهر قد ارتفع اليوم بشكل خيالي , ما بالكم كم الفارق السعري لكل شيء , منذ بداية العدوان وحتى اليوم , وبدعوى فرصة الحرب والحصار وضرورة انتهازها , والذين على رأسهم تجار مواد البناء وما تشهده محلاتهم من أسعار خيالية , من دون أدنى رقيب عليهم وسلعهم , وكل يوم والمواطن في شأن من الأسعار والإحباط كنتيجة لموضة الانتهازية اللعينة.
موضة الانتهازية خطر يهدد الشعوب بشكل فعلي وقد أكد عليه القرآن منذ ألف وأربعمائة سنة فقال تعالى : ” ود الذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم فيميلوا عليكم ميلة واحدة ” صدق الله العظيم , والانتهازية ليس لها سبب معين إلا التفريط والإهمال غير المسؤول من أصحاب القرار والمواطن نفسه , فلو تكاتف الجميع لما كان هناك تفريط وإهمال , أدى إلى أي انتهازية واستغلال للهفوات والزلات , التي لا بد منها , ولكن بالتعاون والتكاتف يمكن الحد منها بشكل كبير , على الأقل حتى يتم النصر المبين بإذن الله.
..ولله عاقبة الأمور..

قد يعجبك ايضا