المؤامرة الأمريكية والفتنة الفلسطينية

عبدالفتاح علي البنوس
في الوقت الذي ساد فيه التفاؤل داخل الشارع الفلسطيني بشأن التقارب الذي بين السلطة الفلسطينية وحركة حماس والذي أفضى إلى تفاهمات من شأنها تحريك المياه الراكدة في ملف العلاقات الثنائية بين حركتي فتح وحماس والتي تمهد لإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية على طريق تشكيل حكومة وحدة وطنية ،سرعان ما ما عاد التشاؤم من جديد في الشارع الفلسطيني وذلك عقب التوتر الذي طغى على العلاقة بين الطرفين بعد محاولة اغتيال رئيس الوزراء رامي الحمد الله والعميد ماجد فرج رئيس جهاز المخابرات العامة الثلاثاء الماضي بقطاع غزة بعد دخول موكبهما معبر بيت حانون شمال القطاع عندما أقدم مسلحون على تفجير ثلاث سيارات مفخخة استهدفت الموكب أعقبها إطلاق وابلا من النيران صوب الموكب بعد الاشتباك مع أفراد الحراسة وعلى الرغم من عدم سقوط ضحايا واقتصار الأضرار على بعض الإصابات الطفيفة في صفوف الحراسة المرافقة للموكب إلا أن وقع العملية ألقى بضلاله السلبية على الوضع الداخلي الفلسطيني وأسهم في خلق حالة متقدمة من التوتر بين الجانبين .
هذه العملية التي تحمل بصمات الكيان الصهيوني وتعد واحدة أدوات المؤامرة الأمريكية التي تحاك ضد القضية الفلسطينية ، والتي يقودها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والتي دشنها بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ومن ثم الإعلان عن نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس ، حيث تعاملت معها السلطة الفلسطينية برعونة وسطحية ساذجة ، فبعد ساعات قليلة من وقوعها سارعت لتحميل حركة حماس المسؤولية عنها متهمة إياها بالوقوف خلفها وهو الأمر الذي تلقته حماس بحالة من الاستغراب مؤكدة على أن العملية لا تعدو عن كونها محاولة لإشعال فتيل الفتنة بين الفلسطينيين وتأزيم العلاقات فيما بينهم بغية قطع الطريق أمام أي مصالحة فلسطينية – فلسطينية وخصوصا عقب التقدم الذي حصل على طريق تطبيع العلاقات الفلسطينية – الفلسطينية .
ولا غرابة فأمريكا وربيبتها إسرائيل لا تريدان أي استقرار داخل الوسط الفلسطيني ،ولا تريدان أن تتوحد الجهود وتتضافر في مواجهة الاحتلال الصهيوني ومشاريعه التوسعية ومؤامراته الشيطانية التي تنفذها تحت غطاء وإسناد أمريكي قذر ، وهو ما يتطلب حالة من الوعي واليقظة وحسن التصرف وإعمال العقل والحكمة في التعاطي مع هذه الحادثة ومع مثيلاتها التي قد تمارسها أدوات الاحتلال الصهيوني في الداخل الفلسطيني في سياق المؤامرة الأمريكية المتعددة الأشكال والأوجه والتي يسعى الأمريكان عبر المسخ ترامب تمريرها عبر ما يسمى صفقة القرن والتي يراد منها تصفية القضية الفلسطينية وإفراغها من محتواها وإحكام السيطرة على القدس الشريف وتسليم الفتات من الأراضي الفلسطينية للفلسطينيين .
بالمختصر المفيد على الفلسطينيين أن يستشعروا الخطر المحدق بهم وبقضيتهم خاصة وبالعرب والمسلمين وقضيتهم المصيرية عامة وخصوصا في ظل المعطيات والتحديات الراهنة والتي تهدف إلى يهودة القدس الشريف والمقدسات الإسلامية فيها ، ولا مجال للفرقة والانقسام والتشظي وإذكاء الفتنة فيما بينهم فالعدو يلعب على هذه الورقة ويسعى من أجل تنفيذها ليخلو له الجو لإنفاذ مؤامراته الجهنمية الشيطانية التي يرام لها وأد القضية الفلسطينية كهدف إستراتيجي بدأت عملية تنفيذه منذ العام 1948وماتزال مستمرة حتى اليوم ، إذ يتطلب الأمر التصدي للمؤامرة والوقوف ضدها بحزم وصرامة بشتى الوسائل إذا ما أردنا مواجهة المؤامرة وإجهاضها ووأدها .
هذا وعاشق النبي يصلي عليه وآله .

قد يعجبك ايضا