رهانات ابن سلمان الخائبة لإحياء ما أسقطته الوقائع
حسن سلامة
بصرف النظر عما عاد به رئيس تيار “المستقبل” من نصائح وتوجهات من جانب ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، بات من المؤكد بحسب مصادر سياسية عليمة أن الرياض تريد من وراء زيارة موفدها نزار العلولا مؤخرا الى بيروت، ومن ثم قيام الحريري بزيارة السعودية بناء على دعوة رسمية للقاء العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز ونجله ولي العهد، محاولة التحرك باتجاه لبنان قبل حوالي شهرين من موعد الانتخابات النيابية من أجل محاولة التأثير على مجريات هذه الانتخابات سعيا لتحسين النتائج التي يتوقع أن يحصل عليها حلفاؤها في لبنان، بعد المعلومات التي خرج بها سفراء الدول الغربية بدءا من سفيري الولايات المتحدة والسعودية بأن حصص الحلفاء لهؤلاء لن تؤمن اكثرية نيابية مريحة لهم في مجلس النواب في مرحلة ما بعد الانتخابات.
بل إن الهدف الأول والأساس بالنسبة للغرب والسعودية _ وفق كل الوقائع _ الحؤول دون تمكن “قوى 8 آذار” وفي الأساس حزب الله من أن يكون معه حلفاء في المجلس النيابي القادم فيه أكثرية مريحة لخصوم الولايات المتحدة والسعودية ومعهما باقي الدول المنخرطة في المشروع الأمريكي، لأن تمكن “قوى 8 أذار” من الحصول على مثل هذه الأكثرية مع التيار الوطني الحر يعتبر خطرا على رغبة السعودية والولايات المتحدة استخدام لبنان ورقة في تآمرهما على المقاومة في لبنان وعلى كل قوى المواجهة للمشروع الأمريكي- الاسرائيلي، وهو الامر الذي بدا واضحاً حتى في تصريحات كثير من المسؤولين الغربيين مؤخرا.
ومن هذا المنطلق تتحدث المصادر انه بعد هذا الدخول السعودي على خط الانتخابات النيابية والتوجه المفاجئ لتصحيح علاقة ابن سلمان مع الرئيس الحريري، فمن المرجح ان تتم ترجمة هذا التوجه من قبل ابن سلمان في أمرين أساسيين:
1 – أرجحية حصول تحالف بين المستقبل و”القوات اللبنانية” في العديد من الدوائر الانتخابية، أكثر مما كان ممكنا قبل الدخول السعودي الأخير على خط التدخل بالشأن اللبناني، وهو الأمر الذي بدأت ملامحه في وجود اتجاهات لحصول تحالف بين “المستقبل” و”القوات” في العديد من الدوائر الانتخابية من عكار إلى البقاع مرورا ببعلبك – الهرمل وصولا إلى الشوف وعالية، وقد يتسع التحالف إلى دوائر أخرى، مع الإشارة إلى أن المستقبل لن يقطع كل تحالفاته مع “التيار الوطني الحر” على الأقل لرغبته في العودة إلى رئاسة الحكومة بعد الانتخابات.
2 – أن تقوم السعودية بتمويل حلفائها لخوض الانتخابات النيابية، في وقت يحتاج الحريري وتياره إلى مثل هذا التمويل نظرا للأزمة المالية التي يعاني منها رئيس “المستقبل” وهو كان قد أعلن عن ذلك صراحة خلال الاحتفال الذي أقامه منتصف الشهر الماضي في ذكرى اغتيال والده.
من كل ذلك، تلاحظ المصادر أن طبيعة التحالفات التي كانت تواجه الكثير من التعقيدات في معظم الدوائر بين حلفاء السعودية قبل تدخلها في موضوع الانتخابات مؤخرا، قد يشهد العديد من المتغيرات على مستوى هذه التحالفات بين كل من “التيار الوطني الحر” وتيار “المستقبل” بحيث لا يستبعد أن يتراجع الأخير عن كثير مما كان جرى التوصل إليه أو كانت الأجواء إيجابية حوله بما خصّ التحالفات الانتخابية، لمصلحة حصول تحالف بين المستقبل و”القوات” لإرضاء ابن سلمان، الابن الذي يدفع في هذا الاتجاه، خصوصا أن كل المعطيات تؤكد أن ابن سلمان يتعاطى مع رئيس حزب “القوات” سمير جعجع على انه “حصان طروادة” اللبناني، الذي تعوّل عليه السعودية في قيادة الحملة التي تسعى إليها الرياض مع الأمريكي ضد المقاومة في لبنان وإطراف “8 آذار” بشكل عام، ولذلك لا يستبعد ان يلجأ الحريري إلى محاولة إرضاء ابن سلمان وبالتالي التناغم في حدود معينة مع جعجع في هذه الحملة، ولو أن إعادة إحياء ما تبقى من “قوى 14 آذار” بات من المستحيل، رغم ما يجمع هؤلاء من رهانات على الحماية الأمريكية والسعودية، لكن المصالح الشخصية والفئوية اكبر من ذلك ولا يمكن نسيان خيانة جعجع للحريري في فترة احتجاز الأخير في السعودية. ما أدى إلى تباعد كبير بينهما.