مجلس الأمن والمبعوث الجديد
عبدالفتاح علي البنوس
أسموه بمجلس الأمن، ولكننا لم نلمس منه غير الخوف، فدائما ما يوزع هذا الكيان الدولي الخوف للشعوب المستضعفة في العالم، ودائما ما ينتصر للأقوياء ويقف إلى صفهم ويساندهم، بل ويتبنى مطالبهم ويفرض شروطهم ويطرح وجهات نظرهم على أنها مطالب وتوجهات صادرة عنه ويعمل على تكييفها بالطابع الدولي وصبغها بالصبغة الأممية، حيث بات هذا الكيان أداة بيد الأمريكان واللوبي اليهودي الذي بات المتحكم في بوصلته، وبات من يرسم سياسته ويصيغ قراراته .
منذ بدء العدوان على بلادنا، دأب مجلس الأمن الدولي على الصمت والتجاهل للعدوان السعودي الإماراتي الصهيوأمريكي وأحجم عن إدانته، ومع مرور الأيام ذهب إلى تأييده والشرعنة له بعد أن جاءت الأوامر من البيت الأبيض وتل أبيب، وتحول إلى مشرعن له ومدافع عنه، وذهب عقب ذلك للعب دور الوسيط من خلال تبنيه موضوع المفاوضات وفي ضوء ذلك تمت تسمية المغربي جمال بن عمر كمبعوث أممي لشؤون اليمن، وظن الجميع بأن الأمم المتحدة ومجلس الأمن بهذه الخطوة ترغبان في التوصل إلى حلول توافقية للأزمة اليمنية، ولكن سرعان ما اتضحت النوايا، وتحول دور المبعوث الأممي من ميسر إلى معسر للمفاوضات، فكانت إدارته للمفاوضات مرتبطة بالمواقف الأمريكية التي تتناغم مع المراقف السعودية، ورغم إدراك بن عمر أن وفد حكومة الرياض الفندقية هو من عمل طيلة جولات المفاوضات على وضع العقدة في المنشار للحيلولة دون التوصل إلى صيغة توافقية تضع نهاية للعدوان وتداعياته الكارثية على الشعب اليمني إلا أنه كان يتحاشى توضيح ذلك في إحاطاته التي كان يقدمها لمجلس الأمن وظل متحليا بالمداهنة أحيانا والنفاق السياسي أحيانا أخرى إلى ما بعد إحاطته الأخيرة حيث أعلنها صراحة بأن اليمنيين كانوا على وشك التوصل لاتفاق سياسي مرضي لكل الأطراف لولا قيام السعودية بشن عدوانها على اليمن .
صحوة بن عمر المتأخرة قوبلت بترحاب وإيجابية يمنية، في الوقت الذي باشر فيه المبعوث الأممي الجديد الموريتاني إسماعيل ولد الشيخ أحمد مهمامه كمبعوث جديد، حيث أبدى اليمنيون إستيائهم من ولد الشيخ كونه قام بزيارة الرياض فور استلامه مهامه الرسمية وهو ما أعتبره البعض بمثابة تقديم لقرابين الولاء والطاعة، وما هي إلا فترة وجيزة حتى ظهر ولد الشيخ على حقيقته فكان سعوديا أكثر من السعوديين أنفسهم، وكان يهوديا أكثر من اليهود أنفسهم، فكان دمية بيد سلمان ونجله المهفوف، وكانت إحاطاته عبارة عن شهادات زور وبهتان وتدليس وتلبيس على المجتمع والرأي العام الدولي، فكان السبب المباشر في إفشال المفاوضات وتعثرها، وتحول من وسيط إلى غريم مفرط في الحقد والتآمر بعد أن باع نفسه وضميره بالمال السعودي المدنس ولذلك كانت إحاطته الأخيرة فتنوية سعودية يهودية بامتياز .
واليوم تسند المهمة لمبعوث جديد البريطاني الجنسية مارتن غريفيت هذا الوافد الجديد على الملف اليمني يتزامن وصوله مع قرب دخول العدوان عامه الرابع، وأنا على ثقة مطلقة بأن غريفيت لن سيكون أكثر سوءا من سابقيه ولن يحمل معه أي خير لليمنيين ولن يتحقق معه أي انفراج للأزمة اليمنية، وستكون مهمته قائمة على إهدار الوقت والتبرير للعدوان وتمكينه أكثر من رقاب اليمنيين باعتبار ذلك تجسيدا للسياسة الدولية التي عليها مجلس الأمن والأمم المتحدة، والأيام القادمة ستكشف لنا ذلك بوضوح تام لا لبس فيه .
بالمختصر المفيد ( اليهودة في القلوب ) والمبعوث الجديد مشبع بها من مقص رأسه إلى أخمص قدميه، ولذا فلا تعويل عليه، ولا إتكال لمفاوضات وحوارات يشرف عليها فهي لا تعدو عن كونها مضيعة للوقت، لأن القرار بيد أمريكا، ومتى ما رأت أنها قد استنزفت ما يكفي من ثروات البقرة الحلوب ستتخذه دون أن يكون لليهودي السعودي أي رأي أو مشورة حول ذلك، وحتى ذلك الحين لا خيار غير المواجهة والندية في حدود ما هو متاح من إمكانيات وتعزيز الصمود والثبات في مواجهة الأعداء حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا .
هذا وعاشق النبي يصلي عليه وآله .