القدس…. قضية أنصار الله
إبراهيم محمد الهمداني
كانت القدس ومازالت القضية الأكثر حضوراً في المشهد السياسي العربي والعالمي، غير أن حضورها ذاك كان حضوراً باهتاً فارغ المحتوى، نظراً لما انطوى عليه من تدجين السياسة وتسيير المصالح، ولذلك جاء يوم القدس العالمي في انطلاقته الأولى في إعلان الإمام الخميني ضرورة توحد المسلمين في جميع أنحاء العالم لجعل آخر جمعة من شهر رمضان في كل عام، يوماً عالمياً للقدس، ووجدت هذه الدعوة الصدى الأكبر في اليمن على يد الشهيد القائد / حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه، الذي أكد على أهمية هذا اليوم، الذي يوازي أهمية وعظمة المكان/ القدس، وضرورة اتحاد المسلمين وجمع كلمتهم، مؤكداً على أهمية الطابع الجماهيري الشعبي لهذه المناسبة، فحين تناط مهمة إحياء يوم القدس إلى الشعوب، فذلك يعني بداية انتهاج الشعوب المسار الصحيح في إعادة وإسناد كل قضاياها إليها، بدلاً عن الحكومات الفاشلة والعميلة، ولذلك فيوم القدس مناسبة دينية جماهيرية شعبية بامتياز، بعيداً عن الطابع الرسمي المدجن.
لم يكن تبني أنصار الله لقضية القدس تبنياً عادياً، أو الاحتفال به كمناسبة عابرة، بل هو تبن ينطلق من صميم الواجب الديني المقدس والوفاء للروح القومية العربية والانتصار لأعظم المظالم الإنسانية.
ففي حين أعلنت الإدارة الأمريكية المتغطرسة نقل سفارتها إلى مدينة القدس، وإعلانها عاصمةً للكيان الصهيوني، في تحد واضح لكل معطيات التاريخ والجغرافيا، وفي انتهاك واضح وصريح لكل مواثيق وأعراف الأمم المتحدة ومواضعات الواقع نفسه، كعادتهم الحكام العرب ظهروا بمواقفهم الخجولة وتصريحاتهم المخزية التي لا تتجاوز الشجب والتنديد والاستنكار والإدانة والتحذير من العواقب الوخيمة، بينما ينطلق موقف أنصار الله من رؤية حقيقية وواضحة في الدفاع عن القدس وكافة المقدسات في جميع أنحاء العالم، مؤكدين حضورهم على مستوى ساحات المواجهات العسكرية، كواجب ديني ووطني مُقدس، سواءً من خلال مواجهة الهيمنة الإمبريالية الأمريكية والصهيونية وأذنابها في اليمن على مستوى (43) جبهةً قتاليةً، أو على مستوى دعم ومساندة محور المقاومة في لبنان في مواجهته لمشاريع العدو الصهيوني وغطرسته، وهو ما أكده السيد القائد/ عبدالملك بدرالدين الحوثي، في عدد من خطاباته، يُضاف إلى ذلك مواقف وتصريحات عدد من القيادات البارزة في مكون أنصار الله كالأستاذ/ محمد عبدالسلام، وما تضمنته طروحاته الرائعة وتصريحاته المتعددة تعليقاً على مجريات ومستجدات الأحداث الراهنة الخاصة بالقدس، والتي وضح فيها موقف ورؤية أنصار الله تجاه قضية القدس، كما لا ننسى في هذا السياق دعوات السيد المجاهد/ محمد علي الحوثي الموجهة لجميع القادة والحُكام العرب بضرورة فتح معسكرات التطوع والتدريب، لإنشاء الجيش العربي لتحرير القدس لما لهذه الخطوة من أهمية كبرى في القيام بالخطوات الجادة والمسؤولة في مسار تحرير القدس وكافة المقدسات الإسلامية، وهذه الخطوة تذكرنا بجيش الدفاع العربي المشترك الذي انطلق في تحرير القدس حتى وصل إلى مشارفها، وكاد يحقق النصر الأكبر لولا خيانة وتآمر ملوك آل سعود آنذاك، الذين قاموا باغتيال الحلم العربي وبيع الأرض العربية والمقدسات الإسلامية، في تواطؤ واضح وصريح مع الكيان الصهيوني الغاصب.
ويمكن القول إن تبني أنصار الله لقضية القدس كقضية أساسية ومركزية, في الفعل السياسي والحياتي عامة, كان أحد أهم وأبرز أسباب العدوان الصهيوسعوأمريكي على اليمن، بوصفه خطوة استباقية حاولت وأد هذا المشروع التحرري الإنساني في مهده، (( ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون)) .