الثورة/..
برز موضوع الأسلحة الكيميائية إلى واجهة الحرب السورية من جديد، سيناريو جديد يتم العمل عليه في غرف البيت الأبيض بالتعاون مع “الخوذ البيضاء” لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الانهيار المدوي الذي تتعرض الجماعات المسلحة في ادلب وريف حماه ومناطق أخرى.
بداية انتشار خبر الأسلحة الكيميائية يخرج كالعادة من أفواه مسؤولي الولايات المتحدة الأمريكية ومن ثم تتلقفه شبكات الأخبار هناك، ليتم تعميمه على جميع وسائل الإعلام الناطقة باللغة العربية في البلدان العربية، حتى وإن كان لا يوجد أي دليل لديهم، فهم ماهرون في هذا النوع من الكذب وكيفية تحويله إلى حقيقة، وما حدث في العراق ليس بالبعيد عما يتم التحضير له اليوم.
البداية كانت من خلال ما نشرته وسائل الإعلام الأمريكية الأسبوع الماضي عن أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تنظر في إمكانية عمل عسكري ضد الحكومة السورية لمنع استخدامها السلاح الكيميائي في المستقبل، مشيرا الى أن السلطات الأمريكية تشتبه بأن دمشق لا تزال تحتفظ بأسلحة كيميائية داخل مستودعات على أراضيها، حسب تصريحاته، ولتأكيد هذا الكلام خرجت المندوبة الأمريكية الدائمة في مجلس الأمن نيكي هايلي، بعد عدة أيام، لتتحدث عن أن الحكومة السورية قامت باستخدام الاسلحة الكيماوية ضد السكان عدة مرات خلال الأسابيع الماضية.
هذا الكلام ليس بالجديد على واشنطن، خاصة عندما يتم حصر أتباعها في خانة اليك، نجدها تلهث لإخراجهم من المأزق عبر أساليب قذرة تحاول من خلالها إيهام الرأي العام بأن هناك خطر ما على المدنيين في بقعة جغرافية معينة لتسوغ لنفسها وتبرر امام شعبها بأن أي عملية عسكرية نقوم بها هناك هي لدوافع إنسانية وأخلاقية، وقد رأينا هذه الدوافع الإنسانية والأخلاقية في العراق ونتائجها على الشعب العراقي.
واليوم تسوق واشنطن بأن دمشق ستشن حملات بالسلاح الكيماوي على محافظة ادلب، بالرغم من أن كبار المسؤولين كذبوا ادعاءات الولايات المتحدة بهذا الخصوص مرارا وتكرارا، خاصة ان المحققين الدوليين والأمميين لم يجدوا أي دليل على استخدام الحكومة السورية للسلاح الكيماوي ضد المدنيين.
وما تريد أن تصل إليه واشنطن كشفته روسيا، محذرةً من مسرحية “كيميائي” في سراقب، حيث صرحت وزارة الدفاع الروسية بأن جبهة النصرة تعدّ بالتعاون مع الخوذ البيضاء لاستفزازات لاتهام دمشق باستخدام أسلحة كيميائية، وقال مركز المصالحة الروسي في سوريا ، الثلاثاء في بيان ، إن أحد سكان إدلب أبلغ المركز بأن “جبهة النصرة” تحضر “لعملية استفزازية باستعمال مواد كيميائية لبث ذلك عبر قناة أجنبية”.
ووفقا لبيان المركز فإن الشخص المتصل أخبرهم بقيام الجبهة أمس بنقل أكثر من 20 أسطوانة إلى سراقب تحتوي على الكلور، إضافة لأدوات وقائية على متن ثلاث سيارات، للتحضير لعملية “استفزازية” بمشاركة “الخوذ البيضاء”، وأضاف البيان أن ممثلي “الخوذ البيضاء” قاموا بتمثيل بروفة “تقديم إسعافات أولية” لمتسممين وهميين من السكان المحليين، كما أشار المتحدث أن ما حصل تم تصويره من قبل “مراسلين محترفين” علق على شعاراتهم “CNN”.
ونقل المركز عن شاهد العيان قوله إنه “تمت أثناء ذلك مراسلات متكررة باللغة الإنجليزية، عبر هاتف يبث بالأقمار الصناعية، لاستشارة شخص على الطرف الأخر للخط، حول أفضل سبل إخراج هذه المشاهد التمثيلية”.
هذا السيناريو الذي يتم التحضير له في محافظة ادلب السورية، ليس بالجديد على واشنطن التي يتم الاستنجاد بها عند الشدائد، فجميعنا يعلم بأن المسلحين في ادلب على وشك الانهيار نتيجة لضربات الجيش السوري المتكررة للمسلحين هناك وتحريره مناطق واسعة من قبضتهم، لاسيما مطار أبو الضهور العسكري والذي تعد السيطرة عليه نصرا كبيرا لما يملكه هذا المطار من أهمية سياسية في تلك المنطقة، يضاف إلى ذلك حدث استراتيجي جديد قام به الجيش السوري تجاه الاعتداءات العسكرية المتكررة من قبل الاحتلال الإسرائيلي نحو مواقع عسكرية للجيش السوري، حيث أسقطت دفاعات الجيش السوري طائرة “أف 16” يوم 10/2/2018م، ليحمل معه اسقاط الطائرة تحولات استراتيجية كبيرة في المنطقة هزت كيان الاحتلال وقلبت الطاولة عليه، وجعلته يستنجد بالأمريكي كما تفعل الجماعات المسلحة اليوم في سوريا، ولا سبيل أمام واشنطن لإنقاذ الاثنين من هذه الورطة سوى توجيه الاتهامات للحكومة السورية باستخدام الكيماوي، ولكن هل ينجح سيناريو الولايات المتحدة الأمريكية القديم الجديد ويتمكن من إقناع مجلس الأمن بهذه الخطوة الجديدة؟!.
الواضح حتى الآن ان فرنسا أبدت استعدادها للتعاون مع واشنطن في حال ارادت توجيه ضربة لسورية، وغمزت لها بأنها ستتحرك عسكريا في حال حصولها على أدلة دامغة عن استخدام أسلحة كيميائية ممنوعة ضد مدنيين من قبل الجيش السوري، كما جاء على لسان الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون.
وقال ماكرون أمام جمعية الصحافة الرئاسية، أمس: “سنضرب المكان الذي خرجت منه (الأسلحة) أو حيث تم التخطيط لها. سنضمن التقيّد بالخط الأحمر”، مضيفاً في الوقت نفسه: “نحن اليوم لا نملك، بشكل تؤكده أجهزتنا، الدليل على استخدام أسلحة كيميائية تحظرها الاتفاقات ضد مدنيين”. ودعا إلى عقد اجتماع دولي حول سوريا “في المنطقة” إذا أمكن، مضيفاً أنه تقدم باقتراحات عدة بشأن هذا الاجتماع.
ونحن نقول للسيد ماكرون بأنه لن يجد أدلة في هذا الخصوص، لأن الجيش السوري لن يلجأ إلى هذه الأساليب خاصة أن الكرة بملعبه وما يجري على الأرض يصب في صالح الجيش السوري الذي تمكن بمساعدة القوات الرديفة من تحرير غالبية المحافظات السورية وبسط السيطرة على أكثر من 80% من مساحة سوريا، وبالتالي ليست مضطرة للقيام بهكذا أمر لطالما أنها سيدة الموقف وإسقاط الطائرة الإسرائيلية خير دليل على ذلك.