خطة الاستجابة الإنسانية بشفافية ورقابة شاملة
عبدالرحمن علي الزبيب *
لن تنجح خطة الاستجابة الانسانية لعام 2018م مالم يتم تعزيز الشفافية والرقابة الشاملة لكافة تفاصيلها ومراحلها.
كل عام يتم إعلان رقم كبير بمليارات الدولارات كتكلفة لمساعدات واغاثة انسانية شحيحة توقفت خارج الوطن أو تم عرقلتها أو ابتلعها الروتين والفساد بسبب الكتمان وانعدام الرقابة عليها واصبحت عمليات الاغاثة والمساعدات الإنسانية ثقوبا كبيرة لابتلاع المخصصات المالية المحددة لها وفرصة للبعض للإثراء غير المشروع منها وتفقد نتيجة ذلك ثقة المانحين والشعب.
وكنا ومازلنا نتفاءل بجهود الأمم المتحدة الايجابية بإعلانها خطة استجابة انسانية ولكنها قاصرة ولم تحتو كافة العمليات الإنسانية، ما يستوجب ان يتم توقيف جميع العمليات الانسانية وضمها جميعاً ضمن خطة الاستجابة الإنسانية وأن تكون هذه الخطة شاملة للجميع.
وأهم المشاكل الرئيسية لاختلالات عمليات الإغاثة والمساعدات الإنسانية تكمن في :
1. تسابق جميع الأطراف على المشاركة في تنفيذها والمفترض ان يتوقف الجميع عن ذلك وتتحول جميع الأطراف الى جهات رقابية ( رقابة رسمية – رقابة مجتمعية شعبية ) على عمليات الاغاثة والمساعدات الانسانية لأن من يشارك في التنفيذ لايملك صلاحيات الرقابة عليها فكيف يراقب نفسه ؟؟؟
2. تشتت الجهود في انشطة متعددة من دون رؤية شاملة وفي مناطق محددة ومن قبل جهات مختلفة، وبسبب ذلك تصعب الرقابة عليها ولا تتحقق الاحتياجات بحسب الأوليات.
3. سوء في توزيع الإغاثة الانسانية، حيث تتركز في مناطق محددة بشكل كبير على حساب حرمان مناطق أخرى منها.
4. الفساد بسبب السرية والكتمان في عمليات الإغاثة الإنسانية ،حيث يستغل البعض عدم إطلاع الشعب على تفاصيل الإغاثة فيقوم بالاستيلاء والاستحواذ على إمكانيات الإغاثة الانسانية ( النقدية أو العينية ) ويكتنزها في أرصدة بنكية أو مخازن خاصة وتنحرف الإغاثة من إغاثة شعب إلى إثراء غير مشروع لطابور طويل من الفاسدين الذين ما كان ليتحقق لهم الثراء لو تم رفع غطاء السرية والكتمان وعززت الشفافية الكاملة لجميع التفاصيل، وبدلاً من الاجتماعات في غرف مغلقة لإدارة الإغاثة تعقد اجتماعات مفتوحة يشارك الجميع فيها ليس كإدارة وإنما كرقابة.
5. عدم وجود آليات إغاثة شاملة تتضمن خططاً لحشد الموارد بشكل عام واليات لشراء المواد الإغاثية من السوق العالمية وفقاً لمناقصات شفافة خالية من الفساد وبأسعار قليلة وجودة كبيرة وعدم شرائها من السوق الوطنية حتى لا ترتفع أسعارها بسبب انخفاض العرض وزيادة الطلب وحتى لا يفقد المخزون الوطني محتوياته بسبب استنفاده في الإغاثة الإنسانية باعتبار دوره تكميلياً وهاماً للإغاثة الإنسانية.
ولمعالجة جميع تلك المشاكل التي تعطلها تعتبر خطة الاستجابة الإنسانية فرصة جيدة لإعادة النظر في كافة عمليات الإغاثة الإنسانية التي أخفقت وفشلت بسبب عدم وجود وعاء يحتويها بشكل كامل وفقاً لخطة شاملة تحتويها بشكل كامل وبما يسهل الرقابة عليها وتفعيلها بجودة وفاعلية ومتابعة مراحلها بشفافية و تتضمن التالي :
1. خطة استجابة انسانية شاملة تتضمن كافة عمليات الإغاثة والمساعدات الإنسانية في كافة المناطق بلا استثناء أو تمييز وإيقاف أي أنشطة فردية وضمها ضمن الخطة الشاملة حتى لاتتكرر وينخرها الفساد.
2. تحديد التكاليف بشكل كامل وتفصيلي
3. حشد الموارد المالية والعينية من الجهات المانحة الوطنية والإقليمية والدولية وفقاً لآليات ترويج جيدة.
4. تحديد الأولويات بحسب الإمكانيات المتاحة.
5. التوزيع الجيد للموارد حتى لا تتركز معظم النفقات في نفقات تشغيلية ومصاريف ادارية وأجور، وأن يتركز معظمها لشراء المواد الاغاثية وليس مصاريف إدارة عملياتها.
6. تعزيز الشفافية الشاملة لجميع تفاصيل الأنشطة التي تتم خلال كل مرحلة ( تقرير شهري دوري وتقرير طارئ عند حصول مستجد سلبي أو إيجابي) وإعلانها باللغات العالمية وأهمها العربية والانجليزية والفرنسية والصينية وفي جميع وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي لتصل جميع المعلومات لجميع الاطراف :المانحين، المنفذين، الفئات المجتمعية المستهدفة، الجهات الرقابية الرسمية والشعبية -…الخ
7. إنشاء منظومة مستقلة عن جميع الأطراف لإدارة وتنفيذ كافة عمليات الاغاثة والمساعدات الانسانية باستقلال وحياد كامل وفي جميع المناطق وفقاً لآلية شفافة (حشد موارد، شراء الاحتياجات، مسارات آمنه لتوصيلها، مخازن آمنة، شفافية في تحديد الفئات المستهدفة، شفافية في تنفيذها) وتتحول جميع الأطراف إلى جهات رقابية فقط عليها.
8. آليات رقابة (مؤسسية، شعبية ومجتمعية، رسمية) على جميع تفاصيل عمليات المساعدات والاغاثة الانسانية بجميع مراحلها (رقابة سابقة ومصاحبة ولاحقة) ولا تتوقف الرقابة على شركات خاصة فقط ترفع تقاريرها باختلالات وفساد ويتم التغاضي عنها وتستمر بسبب عدم وجود البدائل وعدم نشر تلك التقاريروأيضاً لعدم المشاركة الواسعة في الرقابة.
9. آلية مستقلة لاستقبال شكاوى وبلاغات اختلالات ومعيقات وفساد عمليات الإغاثة الإنسانية والتحقيق فيها واتخاذ الإجراءات اللازمة لإيقاف الفساد والاختلالات والمعيقات وفرض إجراءات عقابية صارمة لمن يرتكبها.
10. التقييم المستمر لكافة عمليات ومراحل الإغاثة الإنسانية لتصحيح أي انحراف قبل استفحاله وإيقاف أي اختلال أو فساد وأيضاً لاختيار بدائل افضل لتحسين جودة وفاعلية الاستجابة الانسانية ويتم بموجب هذا التقييم أيضاً تعديل خطة الاستجابة الإنسانية وأيضاً الاستفادة منها في إعداد الخطة القادمة.
في الأخير :
نأمل أن يتم ايقاف جميع الاختلالات والمعيقات التي تعيق عمليات الإغاثة والمساعدات الإنسانية وأن تتوقف الاسطوانة المشروخة المتمثلة في إعلان مليارات الدولارات سنوياً كإغاثة انسانية ولا يتحقق منها في الواقع إلا أقل القليل.
وتعتبر خطة استجابة إنسانية شاملة لجميع عمليات الإغاثة وجميع المراحل الخطوة الاولى لتصحيح كافة الاختلالات.
ونأمل أن يكون للأمم المتحدة دور إيجابي في تحقيق ذلك مع وجوبية ايقاف كافة عمليات الإغاثة التي تنفذها كافة المنظمات المحلية والدولية والجهات الرسمية بشكل عشوائي ومنفصل وضمها جميعاً إلى خطة الاستجابة الانسانية الشاملة ليتم تنفيذها بشكل شامل وشفاف وتعزيز الرقابة الشاملة عليها من جميع الأطراف الرسمية والشعبية وبما يؤدي إلى تفعيل الإغاثة الإنسانية بجودة وفعالية وإغلاق جميع ثقوب الفساد التي تبتلع إمكانياتها لتحقيق مصالح شخصية وتستغل تشتت العمل الإغاثي لتبتلعها قطعة قطعة ولا يصل للشعب إلا الفتات فقط، ولايتوقف الضرر عند ذلك فقط بل يتسبب أيضاً في توقف المانحين عن تقديم التمويل للاغاثة الانسانية ويفقد الشعب ثقته في القائمين علىيها ويستوجب لتصحيح كل ذلك إعداد وتنفيذ خطة استجابة إنسانية بشفافية ورقابة شاملة.
* عضو الهيئة الاستشارية لوزارة حقوق الانسان + النيابة العامة
law771553482@yahoo.com