خالد موسى
الجهاد والقتال في سبيل الله تعالى يحتاج إلى جماعة ترتبط بقيادة إيمانية مرتبطة بالله تعالى تستمد فاعليتها وقوة تحركها وانطلاقها من هذا الارتباط وتكون غايتها الكبرى وسعيها الدؤوب أن تكون كلمة الله هي العليا وحكمة العادل هو السائد والقائم والمطبق ومن خلالها يعود الأمل المفقود للمستضعفين ويشعرون بقرب النصر ودنو الفرح ويستبشرون بالنصر الموعود(وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاء وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) (الروم :5,4) فسياسة الظلم والتسلط والقهر والإذلال وثقافة الخضوع والخنوع التي توارثتها تلو أجيال وأصبحت عند الشعوب قدرا وحتما ها هي تتكسر وتضعف والخنوع التي توارثتها أجيال تلو أجيال وأصبحت عند الشعوب قدرا وحتما هاهي تتكسر وتضعف وتجبن وتتلاشى لأنها لا تتوافق مع سنن الله تعالى وربنا لا يريدها ولايحبها المفسدون في الأرض جريمة ووزرا كبيرا إلا بالتوبة والسعي الجاد للتحرر من كل ظلم وطغيان واستبداد يسلب الشعوب حقوقها المشروعة وحياة العدل المنشودة التي لأجلها أرسل الله رسله وأوحى كتبه قال تعالى (.لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ)(الحديد:25).
إن القيادة الإيمانية المنتمية للأمة والمعبرة هويتها الإسلامية الأصيلة والواعية للمؤامرات والمدركة للمخاطر والمفتخرة بدينها والمجسدة للتعاليم الإسلام فهما ووعيا ونطقا وسلوكا وتعاملا والمجاهدة في الميدان هي صمام أمام ومشروع حياة وعزة وكرامة ومفتاح خير للأمة كلها وما تعانيه وتكابده أمتنا العربية والإسلامية من مآس ونكبات وهزائم وهيمنة ووصاية أجنبية هو بسبب غياب القيادة الإيمانية وحضور قيادات على الساحة الإسلامية ليس لها رصيد إيماني ولا ارتباط ديني ولا علاقة راسخة بالله وارتبط وثيق به تعالى ولا مسارعة لتطبيق ما يحبه الله ولا دراية بكتاب ولا سنة ليس لها من الإسلام إلا اسمه ولا الهوية الإيمانية والعربية إلا بعض حروفها .
إن الشعوب ترى قيادات الأنظمة العربية لا سيما الخليجية تسارع مسارعة في تنفيذ رغبات وإملاءات اليهود والنصارى تماما كما قال الله تعالى(فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ فَعَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ )(المائدة:52) بل نجد من يقود الأمة والشعوب ويملك قرارها ومن يحرك جيوشها نجده إلى الكفر أقرب منه للإيمان فهو لله ناسٍ ولأوامره مضيع ومنه أبعد وهذه الحالة الخطيرة والكارثية أشار إلها القرآن بقوله(هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ) آل عمران) (167) وليس أدل على قربهم من الكفر وتوليهم لأئمته ما جرى على اليمن من حرب وعدوان وما يجري في سوريا وليبيا وما جرى للصومال وأفغانستان من قبل فأينما تحارب دول الكفر والشرك نرى الأنظمة العربية لا سيما الخليجية الأعرابية الأشد كفرا ونفاقا نجدها تحارب متى حارب اليهود والنصارى وتدور معهم لا سيما داروا وتعادي هذه الأنظمة المتأسلمة الحركات المقاومة التي تعاديها أمريكا بل لقد رأت الأمة وشاهدت الشعوب وسمعت ذلك الموقف والقرار الكارثي والمخزي لما سمي إفكا بالتحالف الإسلامي الذي تقوده السعودية حيث تشترط قيادة هذا التحالف للدخول والمشاركة في الحرب على ما يسمى بالإرهاب أن تكون القيادة لأمريكا فأي رجوع للقهقرى بعد وأي إساءة للإسلام والقرآن بعد هكذا قرار وموقف (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الْإِسْلَامِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) .
لن تستعيد الأمة عافيتها وتعود إليها كرامتها ومجدها وتملك قرارها وتصلح أحوالها ويهابها أعداؤها إلا بوجود القيادة المؤمنة التي تقيم الحق وتزهق الباطل توالي أولياء الله وتعادي أعداءه ويكون من ثقافتها وأسس قيادتها وسلطتها أن سلطة وقيادة لا تقيم الحق ولا تدفع الباطل ولا تواجه المحتلين وتؤدب المنافقين وتأطر الأشرار على الحق أطرا لهي سلطة وإمرة أحقر وأتفه من النعل كما قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب لا بن عباس لما دخل عليه بذي قار وهو يخصف نعله فقال لي ما قيمة هذا النعل فقلت لا قيمة لها فقال (عليه السلام) والله لهي أحب إلي من إمرتكم إلا أن أقيم حقا أو أدفع باطلا .وهل هناك باطل أعظم وأخطر وأشد ضررا من باطل الاحتلال ومنكر أعظم وأكبر من منكر السكوت والشرعنة لتواجد قوى الكفر على أراضي المسلمين لا سيما البلد الحرام والبلدة الطيبة اليمن التي وصلت إليها قوات الغزو والاحتلال الأمريكي فأمام كل هذه المخاطر والمؤامرات لا بد من قيادة بالحق تعلن الجهاد في سبيل الله لا تخالف لومة لائم وتقوم هذه القيادة بالإعداد الذي يرهب أعداء الله وأعداء المؤمنين وتبث الوعي الجهادي المنضبط والحكيم في عقول الشعوب وتظهر الصورة الحقيقية للإسلام ونظامه وتعامله مع الأعداء سلما وحربا.
إن أمريكا وكل أئمة الكفر والضلال يحابون بشتى الوسائل والأساليب أي قيادة إسلامية عادلة وأي شخصية دينية مؤثرة من أي دولة أو مذهب أو حزب لا سيما تلك الشخصيات المقاومة والممانعة الرافضة لمشاريع الهيمنة والوصاية والاحتلا التواقة للحرية والعيش الكريم والساعية إلى توحيد الأمة وإحياء قيم التسامح والتعايش والإخاء فيها والداعية في خطاباتها وأدبياتها لتوجيه بوصلة العداء لـ(أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا) فمثل هذه القيادات الحرة والكفؤة جديرة بالولاء والحب والوفاء فهي الصوت الحقيقي للشعوب والمعبرة عن آماله والبلسم لآلامه والمعبرة عن أهدافه الكبرى والحاملة لقضاياه والمستمسكة بثوابته ولأنها هكذا فهي الممثلة الشرعية وشرعيتها هي الشرعية التي يجب أن تستوعبها الشعوب وتعطيها ولاءها وحبها .
أما الأنظمة والحكومة التي تتولى الأمريكي وستجلب قواته وترحب بجنوده وتسهل وصول قواته إلى أراضيها وتمرر مشاريعه ومؤامرته فهي حكومات وأنظمة لا شرعية لها ولا يجوز مطلقا السكوت والصمت من قبل الشعوب على سياستها وقرارتها هذه بل تعتبر هذه الأنظمة أنظمة شيطانية لا يقرها ويدافع عنها ويسعى لإعادتها وتجميل صورتها وتحسين قبائحها إلا من استحوذ عليهم الشيطان وأضلهم ومناهم وزين لهم أعمالهم (اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُوْلَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ)(المجادلة 19)
إن القيادة المؤمنة بالله تعالى تنعكس روحيتها وولاؤها على قاعدتها الشعبية إيجابا فعندما تكون القيادة أقرب إلى الهدى أبعد عن الهوى معتصمة بحبل الله لا بأمريكا وكافرة بكل طاغوت ومستمسكة بالعروة الوثقى فإن هذه القيادة وقاعدتها ستكون محمية محصنة من الاختلاق والأهواء والصراعات البينية وستسقط كل المكائد والمؤامرت والدسائس أمام وعي وإخلاص القياد والقاعدة الشعبية التي تقتدي بقيادتها بصدق وتمنحها ولاءها بوعي وتستوعب ما تطرحه من قيم وحلول وتلتزم بتوجيهاتها الرحيمة والحكيمة والعادلة وتتنور بنور علمها وتتأسى بأخلاقها وآدابها وتكون لها ناصحة وفيها واثقة .
وهذا بفضل الله تعالى ما لمسه الشعب اليمني في قيادة ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر التي التف حولها المستضعفون ووثقوا بها وجربوا شجاعتها طيلة اثني عشر عاما من الصراع مع الطواعيت ومواجهة المجرمين والقتلة فدوختهم وقهرتهم وجعلتهم في حيرة كبرى وكانت بفضل الله تعالى أحد الأسباب المباشرة لإسقاط عروشهم وكان لخطابات القيادة البليغة الدور الفعال والكبير في استنهاض الأمة وإحياء اليمن من جديد وإعادة الاعتبار لمجده وحضارته وسيادته واستقلاله .