إعداد/ زينب الشهاري
أجمل الطُّرق .. هو ذاك الطريق المليء بعشق ساحات الوغى المحفوف بالدماء والأشلاء ، طريق الجهاد في سبيل الله ، فلولا المجاهدون بعد الله لما ذقنا طعماً للعزة والنصر.. إن الله ليُبَطّئنّ في نصر المؤمنين وتمكينهم ، ليمحِّص الذين آمنوا ويختبر ثباتهم وإيمانهم ..
ذهبوا و ما أسفوا على حطام الدنيا راغبين في رضوان الله يملأ الإيمان نفوسهم و يستقر اليقين في أرواحهم مشتاقين لحياة رغد فيها كنوز نعيم لا تعد و لا تحصى و راحة لا ينغصها كرب أو بلاء، و سعادة لا يخالطها هم أو شقاء و بيع ما خاب صاحبه بل فاز و ارتقى… سلكوا الطريق الأقرب إلى الجنة بخطى ثابتة و عزيمة قوية و أرواح لا تهاب الموت، المجاهدين العظماء القابضين على الزناد أصحاب الأقدام الحافية المباركة و الرؤوس العالية و الهامات الشامخة.
قصتنا تحكي عن مجاهد له قصة جهاد تسحر العقول و تضاهي في روعتها نور الشمس و ضياء القمر هي قصة المجاهد (يوسف محمد حمود الدرواني).
كانت بداية انطلاق هذا المجاهد العظيم عندما كان يذهب في زيارات كثيرة إلى عمران وصعدة حيث التحق بدورات ثقافية جعلت منه مؤمناً صادقاً عرف من خلالها الله معرفة حقيقية وتحرك تحركاً جاداً وحقيقياً في ميدان العمل والجهاد، وحينما كان يعود من بعض زياراته إلى أسرته كان يحثهم على الجهاد وعلى طلب رضوان الله ويحذرهم من فعل الأشياء التي تغضب الله عز وجل والاستمرار فيها و أن الإنسان يجب أن يعترف بذنبه ويستغفر ويتوب منه، وفي ثورة الـ21 من سبتمبر شارك المجاهد يوسف الدرواني في جميع المظاهرات والاعتصامات وكان من اللجان الشعبية التي كانت تؤمن يريم وصنعاء حتى أتت الحرب على اليمن وكان أول من انطلق إلى الجبهات من أهل قريته وكان يقول أنه قد باع نفسه لله وعندما كان يعود إلى أسرته كان يثقفهم ويعرفهم ويحكي لهم عن انطلاقته هو أصدقاؤه المجاهدون وعن دوافعهم وأنهم سلكوا درب الجهاد العظيم درب الإمام علي والحسن والحسين ويحدثهم عن المعجزات التي كانت تحدث لهم وعن العقارب والحيات التي كانت تأتيهم وتجعلهم يخرجون من أماكنهم فتأتي الصواريخ إلى الأماكن التي غادروها، لم يكن يغادر الشهيد يوسف الدرواني أرض الميدان إلا بسبب جروحه وكان يقول لأهله أنه لم يكن يريد زيارتهم إلا بعد الانتصار ولكن الجراح جعلته يعود وكان يقيم المحاضرات التوعوية والثقافية ويوصي أهله بالجهاد وفي ذات مرة وهو في جبهة الشرف والبطولة لدغه عقرب في قدمه وكانت تألمه جدا ولكنه لم يكن يخبر أهله بآلامه وكانوا يقولون له صحتك ليست على ما يرام يكفيك ما قد قدمت من جهاد وتضحية و كان يقول لهم: “و الله إني أستحي أنكم لا زلتم بهذا الحد القاصر من الوعي و و الله لا أترك الجهاد فقد بعت نفسي لله”.. حتى مستحقات هذا المجاهد العظيم يوسف الدرواني ومعاشه كان ينفقه جميعا في سبيل الله و إذا سأله أحد عن ذلك فيرد عليه: “لقد بعت نفسي فما بالكم بالمال وهل المال أغلى من نفسي” وكان يعجزهم بقوله وقوة إيمانه.
تحمل الشهيد المجاهد البطل يوسف الدرواني مسؤولية مشرف لما كان يتصف به من عظيم الإيمان والإخلاص والصفات القيادية وكانوا يسألونه لماذا لا تعالج نفسك وأنت مشرف فيرد عليهم بأن عمله مسؤولية كبيرة أمام الله و ليست للغرور وحب المال، وفي بداية رمضان كان يأتي إلى قريته وأهله ويقوم بتدريسهم في دورة صيفية ويقيم لهم المحاضرات الدينية الثقافية وكان البعض يقول له: (لماذا لا تظل يا يوسف معنا وتدرسنا فهو أيضا جهاد) فيقول لهم: (( بالله عليكم وهل ترضون لي هذا وماذا سأقول لله يوم القيامة؟! ، فالجهاد أولا يكون في الجبهات)). كان الشهيد المجاهد يوسف الدرواني سلام الله عليه يشجع النساء من أهل بيته على إقامة المناسبات الدينية وتوعية بقية النساء فكان هو المشجع الأول لهن لتعلم الثقافة القرآنية و كان يقول لهن إذا أردتن النجاح اسألن الله العون وستجدن الكثير من الناس يتفاعلون معكن، وكان يقول لأهله عندما يغادر إلى الجبهات لاتحزنوا أو تبكوا علي لأنني مع الله، و بعد فترة طويلة في جبهات العز و الكرامة لم يعد يوسف إلا بسبب إصابة في يده وقد قرر له الدكتور عملية لم يجرها بل فضل الذهاب لميدان القتال، قلق عليه أهله فتواصلوا بأصدقائه الذين أخبروهم بأن يده قد شفيت.
كان البطل الشهيد يوسف الدرواني يتقدم صفوف الاقتحامات وفي أحدها أصيب يوسف في صدره، واستشهد وجرح عدد من أصدقائه وظل في المستشفى أكثر من أسبوع وجاء لزيارة أهله و الجرح كان كبيرا وحالته كانت سيئة وقال لهم بكل شجاعة وعزيمة: “إذا جئت اليوم و هذا لأنني جريح فبإذن الله لن آتي المرة القادمة إلا و أنا شهيد”.
كان الشهيد البطل يوسف الدرواني ينصح أهله بالانفاق ويحثهم على سماع المحاضرات وعلى تغيير من حولهم، وأوصاهم إن جاء خبر استشهاده أن يملأوا الدنيا بالزغاريد والفل والصرخة.
ذهب يوسف إلى رداع وكان لا يزال يعاني من الجرح وزار هناك المساجين المغرر بهم وأقام لهم المحاضرات حتى هؤلاء المغرر بهم أحبوا يوسف لحسن معاملته وإيمانه الكبير وثقافته القرآنية ولم يكونوا يريدونه أن يفارقهم وكانوا يقولون له بأنهم سينطلقون إلى الجبهات بعده.
جاء نبأ استشهاد هلال أعز أصدقاء يوسف، فعاد يوسف إلى القرية لتشييعه ثم انطلق إلى الجبهة و كان يقول أتمنى أن يصطفيني الله شهيدا وأنام إلى جوار صديقي هلال الذي كان يقول لي أنت تتبعني حتى في الجنة، استشهد بعد نصف شهر أحد أصدقائه المجاهدين و بعد خمسة أيام استشهد ابن عمه و قال المجاهد البطل يوسف الدرواني أن الحياة بدون رفاقه لا قيمة لها وبعد فترة بسيطة التحق يوسف بأصدقائه شهيداً في ساحات الكرامة.
عانت الأسرة بعد وفاة الشهيد من الفراق لكنها ازدادت عزما و تصميما على السير في نفس درب الشهيد و كلهم يقين أن النصر بإذن الله قريب.
السلام على المجاهدين الأبطال في كل الثغور
السلام على الأبطال الأوفياء في كل الميادين
السلام على صانعي الانتصارات والكرامات
السلام عليكم يافخر هذا الوطن ويامصدر عزته
السلام عليكم في كل ساعة ودقيقة وثانية وفي كل وقت وحين
السلام عليكم حتى تجف أقلامنا التي تحكي عن بطولاتكم وانتصاراتكم..
السلام عليكم إلى أبد الآبدين..
السلام على كل مجاهد مرابط في كل ثغور هذا الوطن الغالي
نصركم الله.. حفظكم الله.. حماكم الله.. ثبت الله أقدامكم… وإنا لمنتصرون.
Prev Post
قد يعجبك ايضا