حروب “سعود” في اليمن بين هزائمها العسكرية وانبطاح السياسات المرتهنة
عبدالجبار الحاج
بعد 1000 يوم من العدوان يسجل التاريخ ثالث الحروب الظالمة الواسعة والطويلة التي تشنها وتقودها السعودية نيابة عن الاستعمار العالمي .
وسيسجل التاريخ أن حربها الثالثة اليوم هي موجهة ضد إرادة الشعب اليمني في السيادة والحرية والاستقلال ولن يسجل التاريخ ووقائعه أنها حرب السعود ضد الأنصار كما تسعى السعودية في مسعى الخلاص من هزيمتها المحتومة وجعلها حرباً يمنية يمنية وللسعودية تجارب مؤلمة في حروبها ضد اليمنيين .
فالسعودية هي من شنت حربها الطويلة منذ العام 62 وحتى العام 68 ضدا من الشعب اليمني في حرب كان هدفها وأد الثورة اليمنية التي رأت فيها موقفا مضادا لسياساتها وخطرا عليها مع إعلان عبدالناصر تائيدها ودعمها في ظل بروز تناقضات حادة بين أسرة سعود وعبدالناصر في مجمل القضايا بين مصر عبدالناصر الداعمة لحركات التحرر وسياسة سعود التابعة لسياسات الغرب الأمريكي والبريطاني التي أعلنت .
والسعودية هي من شنت في الثلاثينات حربا توسعية احتلالية ونتج عنها اتفاقية الطائف التي بموجبها واصلت تواجدها التوسعي الاحتلالي لأراضي نجران وجيزان وعسير وألحقت احتلالها بالسيطرة والاحتلال التوسعي على أرخبيل فرسان وما يعرف اليوم على الخارطة من جزر مقابلة لساحل جيزان.
وفي العام 68 استقدمت السعودية عشرات الآلاف من المرتزقة الباكستانين واستعانت بخبراء وضباط من الأردن وإيران وشنت عدوانا مفاجئا بهذه الجيوش الأجنبية ودارت هناك معارك ضارية حيث استعاد الجيش اليمني الجنوبي الناشئ لتوه عقب انجاز الاستقلال من الاحتلال البريطاني وجلاء آخر جندي واستعادت قوات الجيش اليمني الجنوبي البلق في معركة شهيرة في التاريخ اسمها معركة البلق .
وكانت خلفية هذه المعركة السياسية هي رفض الجنوب التسليم والإقرار بسعودية ارض الشرورة والوديعة التي ادعى الانجليز أنها ارض منحتها أسرة آل الكثيري هبة لعبدالعزيز آل سعود، إذ رفضوا ذلك في مفاوضات الاستقلال كما رفضوا ادعاءات بريطانيا في قول الانجليز بصومالية سقطرى وعمانية جزر كوريا موريا ومماطلتهم في تسليم ميون ما دفع حكومة الثورة في الجنوب إلى بسط سيادتها بالقوة على تلك الجزر .
وفي الوديعة والشرورة التي حشدت لها السعودية جيوش المرتزقة إضافة إلى جيش باكستاني متكامل إضافة إلى تجميع فلول السلاطين والرجعيين في معسكرات ظلت تشن حروبا وعمليات تسلل تخريبية فشلت وأحبطت مرارا .
والسعودية هي من دشنت اكبر جريمة في التاريخ في ارتكاب جريمة مجزرة الحجاج الكبرى في تنومة عام 1923م وسقط في هذه المذبحة ثلاثة ألف ومئة وخمسون حاجا يمثلون كل ألوان وجهات اليمن .
والسعودية عدو تاريخي للشعب اليمني قبل ظهور أنصار الله في اليمن .وبالتالي فهي معركة وطنية تهم الشعب اليمني كله وليست معركة الأنصار .
المفارقة المأساوية أن السعودية في حروبها كانت تصطدم بصمود واستبسال وتسجيل الطرف اليمني المقاوم انجازات عسكرية وانتصارات رغم فوارق المال والسلاح والدعم الواضح لدول الغرب ومشاركة المرتزقة من الأردن وإيران وباكستان ودول أخرى عديدة .إذ كانت المفارقات في تحويل النتائج عبر التفاوض السياسي تنقلب لصالح الطرف السعودي ولذلك أسبابه في ضعف المفاوض السياسي اليمني سياسيا وأخلاقيا ووطنيا وقدرة المال السعودي على شراء ضمائرهم من جهة وسقوط أطراف سياسية في سلطة اليمن وقيامها بتنفيذ أشكال متعددة من الانقلاب لصالح الرغبة السعودية وهذا ما حدث في نهاية الستينات إذ نجح انقلاب 5 نوفمبر 67 في الإطاحة بحكومة السلال ومن ثم توجت الخيانات الوطنية للسلطة بما اسمي بالمصالحة الوطنية عام 70 وعلى أثرها جرى تصفية ما تبقى من الفصائل الوطنية الثورية في مؤسسات الجيش والأمن وفي كل مؤسسات الحكم ومن ثم ملاحقاتهم واعتقالهم واغتيالهم تباعا ..
.سجلت أحداث التاريخ في الصراع اليمني السعودي أن الموقف الوطني هو دوما الرافض والمواجه لسياسات وحروب آل سعود ومن التسطيح والجهل والعمالة المكشوفة أن يحاول البعض عبثا تصنيف الحرب الدائرة اليوم أنها معركة بين الأنصار والسعودية وليست امتداداً لحروب سعود ضد اليمن .
إذ على أساس من منطقهم المقلوب والمفضوح هذا في محاولة تزيبن أو مواراة سوأتهم في العمالة ، يرمون من ذلك وسم كل موقف وطني يتموقع الصف الأمامي سياسيا وعسكريا في هذه المعركة الوطنية مع العدو التاريخي بانه موقف تابع لأنصار الله وهو تزييف سقط منذ الوهلة الأولى في حرب يقودها الطيران والبحريات التابعة للحلف ومرتزقة وطيارون من مختلف البلدان .
البعض ممن لا ينطلقون في مواقفهم من مبادئ راسخة وقيم ثابتة في الموقف من السياسات والحروب السعودية ضد اليمن واليمنيين بحيث تراهم يتقلبون ليس بناء على أحداث التاريخ ووقائعه وليس بناء على ذاكرة وطنية حية وحافلة بالأحداث الكبرى الحاصلة أو تلك التي مرت علينا نحن اليمنيين خلال قرن كامل إذ سجلت محطات التاريخ اعتبارا من بداية نشوء وتشكل ما يسمى بالدولة السعودية الثالثة وهو الكيان الذي اخذ يتموقع ويتمدد بدعم بريطاني بالتماسس الطارئ والغريب المتكون لتوه عبر الزحف على الجزيرة العربية في مناطق نجد والحجاز ومن ثم التوسع على أراض ومناطق ومياه وجزر يمنية ..
إن جذر المشكلة التاريخية بين اليمن الدولة الضاربة في أعماق التاريخ والكيان الطارئ باسم سعود هو ما شكل في الوعي والذاكرة اليمنية الموقف الوطني تجاه نهج التوسع والاحتلال الذي نشأ منذ لحظته الأولى على مشروع إقامة كيان طارئ يمثل ويخدم المشاريع والأطماع الاستعمارية الكبرى مثال بريطانيا التي وقفت خلف هذا الكيان كأساس وموقع ومساحة قائمة على مخزون من الثروة الهائلة تضمن لتلك المطامع الدولية تدفق إنتاجها بسهولة إلى بلدانها وتوظف موارده وإيرادها لضرب كل ماهو عربي وبالفعل صار الممول في حروب احتواء حركة التحرر العربي الصاعدة آنذاك ثم الممول في مرحلة تالية لضرب مشروع الممانعة والمقاومة في حروب أمريكا وإسرائيل في سوريا ولبنان والعراق .
في ختام هذا المقال لدي ملاحظتان جوهريتان تتعلقان بالخارطة السياسية لليمن ونحن في أتون حرب تبدو طويلة الأمد وفيها تضحيات لايمكن أن تذهب دون استعادة ما احتله العدوان من أراض خلال ثلاثة حروب وهي الخارطة التي أرى أن فيها وفي التعامل معها كخريطة رسمية خطأ جسيما وبالغاً بل وتفريطاً بالحقوق التاريخية في الأرض والسيادة وهي ملاحظة موجهة لوسائل الإعلام المناهضة للعدوان وعلى رأسها وسائل الإعلام الرسمي المسموع والمقروء والمرئي وهما:
الأولى :
إن أي خارطة تقتطع نجران وجيزان وعسير وجزر فرسان من اليمن هي خارطة سعودية .
وأبديت ملاحظة جوهرية إلى خارطة علقت على فضائية اليمن الرسمية وهو خطأ جسيم يتوجب فورا تحاشيه والاستعانة بخارطة يصممها ضالعون في التاريخ والجغرافيا لتغدو بعد تصميمها خارطة لحركة تحرر وطني يمنية تتمسك بها هدفا وأساسا وانتصارا وتحريرا في حربنا العادلة التي يخوضها شعبنا اليمني اليوم .
الثانية :
اقترح بمناسبة 1000يوم من الصمود الإعلان الرسمي عن نجران وجيزان وعسير وأرخبيل فرسان أراضي يمنية محتلة وهدفا لحربنا الوطنية العادلة فضلا عن الإعلان الدائم للجزر المحتلة من سقطرى الى ميون وكل شبر منها.