نيكي .. ولعنة الصاروخ ..

 

أحمد يحيى الديلمي

التصريحات النارية التي أدلت بها السيدة ” نيكي هيلي” مندوبة أمريكا لدى الأمم المتحدة ، ذكرتنا بموقف مماثل وقف فيه وزير الخارجية الأمريكي الأسبق “كولن باول” يصرخ بأعلى صوته محذراً من أسلحة الدمار الشامل لدى العراق ، فالمندوبة تحدثت عن خطر إيران وزعمت بأنها تزود من أسمتهم بالحوثيين بالصواريخ وبدت شبه مذعورة خائفة تتحدث عن الصاروخ الذي سقط بالقرب من مطار الملك خالد في الرياض ، متجاهلة مئات الصواريخ التي سقطت على رؤوس اليمنيين وهدمت المنازل فوقهم ، ولم تُبق على شيء يمت للحياة بصلة ، قالت المندوبة الأمريكية إن لديها أدلة دامغة وبراهين تؤكد أن إيران تزود من أسمتهم الحوثيين بالصواريخ الباليستية وأنها تهدد السلام والأمن الدوليين ، كنا نتوقع أنها ستتحدث عن نوع الأسلحة الإيرانية المهربة إلى اليمن وكيف وصلت ومن أين مرت ؟! وعن أزمنة وأمكنة الوصول ، ويا للسخرية.. لم تتكلم عن شيء من هذا القبيل ، ظلت تردد عبارة “ماذا لو أنفجر الصاروخ وتقدم قليلاً إلى مطار الملك خالد كان سيودي بحياة المئات بحسب زعمها ” وكلما سألها صحفي ردت بهيجان وهستيريا غير معروفة “ماذا لو أنفجر الصاروخ” وتشير إلى شيء اسطواني قالت إنه جسم الصاروخ ، الغريب أنها تناقضت كثيراً في هذه الأقوال مع ما سبق أن عرضته وسائل الإعلام السعودية عما أسمته ببقايا الصاروخ ، فقد عرضت بعض قطع متناثرة ولم تقدم جسم الصاروخ كما حدث مع المندوبة الأمريكية، وهو ما جعل خيبة الأمل والسخرية تتعاظم في وجوه الصحفيين الذين حضروا مؤتمرها الصحفي ، كانوا يسألون المندوبة عن أدلة أخرى تؤكد مزاعمها إلا أنها كانت تعيدهم إلى نقطة البداية وتقول “تخيلوا لو أن الصارخ تقدم وأصاب المطار ، كم كان سيكون عدد الضحايا” المشكلة أن المندوبة كانت تحرث في واد آخر نتائجه محسومة بالنسبة لها والحكومة التي تمثلها ، فهي في نهاية المطاف تبحث عن دليل يمكنها من ترجمة النزوات الأمريكية التي تضطرم بداخل القادة الأمريكيين وهي البحث عما يُمكن هذه الدولة من تقليم أظافر اليمن ودعم النزوة السعودية في السيطرة والاستحكام ، أليست مهزلة بالفعل ؟! الأمر تطلب العودة إلى تفاصيل المؤتمر لنفس المسؤولة عندما وقفت تشرح أسباب صدور القرار الأمريكي بوصف حزب الله بالإرهابي وطالبت دول العالم ومجلس الأمن بتأييد نفس القرار في محاولة لإكسابه الصفة الدولية ، وختمت كلامها بمطالبة إيران بأن تتوقف عن سلوكها المشبوه الذي يهدد الأمن والسلام الدوليين ، وتمنع تهريب الصواريخ إلى حزب الله في لبنان بحجة أن مخاطر الحزب ستطال دول العالم وليس إسرائيل فقط.. كما زعمت..
من خلال المقارنة الواعية للموقفين يتضح أن أمريكا لا تزال تتلاعب بالألفاظ والأعذار الواهية والمبررات السقيمة لكي تمرر خططها الإجرامية ، معتقدة أن مثل هذه الأساليب ستظل تستغفل العالم دون أن تدرك بأن مثل هذا الاستغفال اعتداء صارخ على مواثيق الأمم المتحدة ولي ذراع النظام الدولي ، خاصة عندما طالبت بحلف دولي يقف في وجه إيران ومن سمتهم بالجماعات الإرهابية ، إنها منتهى السخرية !! فأمريكا السيدة والراعية الأولى للإرهاب تتحدث عن الإرهاب في أماكن أخرى لا وجود له فيها، وهي مفارقة قل أن توجد إلا في ظل تخاذل العالم إزاء هذه الدولة وطموحها الذي بلغ حد الصلف ، أن كل الوقائع والأحداث تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن أمريكا اقتنعت باختزال العالم في السعودية ودولة الكيان الصهيوني ، والسعودية يعتبر إدخالها في ناصية الاهتمام مجرد موقف وقتي إلى أن تتمكن من استثمار هذا البلد ونهب ثرواته ، بعدها يتوقف الاهتمام على إسرائيل فقط ، هذا الكيان المزروع في خاصرة الأمة ، حيث قالت إن خطر امتلاك المليشيات الحوثية للصواريخ المدمرة لا يهدد السعودية والإمارات لكنه يهدد دول العالم قاطبة ، وهذا يقتضي تكاتف الجهود لإيقاف إيران عند حدها قبل أن تتحول إلى بؤرة خطر تهدد السلام العالمي مثل كوريا الشمالية.
من حيث المبدأ الشكل الاسطواني التي تقدمت به المندوبة الأمريكية كدليل بدا مزيفاً ووهمياً وبعيداً كل البعد عن أشكال الصواريخ المعهودة وحجمه ضعف حجم الصواريخ التي اعتدنا على رؤيتها ، وبالتالي فإنه يتحول إلى دليل لنفي المعلومات التي تحدثت عنها “هيلي” ومن حيث لا تعلم أفصحت المندوبة الأمريكية عن معلومة هامة نفت من خلالها عن وجود إيران عملياً في اليمن فقالت إننا لم نتأكد بعد من الوجود الإيراني كما أصبحنا متأكدين بأن إيران تزود اليمن بالأسلحة.
كما قال المثل العربي المعروف ” تمخض الجبل فولد فأراً ” إذ تحولت الأدلة الدامغة التي تحدثت عنها المندوبة الأمريكية إلى سراب وخرج الصحفيين بخفي حنين ، لم ترسخ أي معلومة مفيدة في أذهانهم ، بل أن البعض اعتبر موقف المراوغة وترديد نفس العبارات الساذجة من قبل المندوبة الأمريكية محاولة ساذجة لتسويق خطط تنوي أمريكا الإقدام عليها ومنها المشاركة الفعلية في العدوان على اليمن من خلال كتائب عسكرية يتم إنزالها فيما يسمى بالمناطق المحررة بحجة درء المخاطر الإيرانية ، إذ ظلت تختم كلامها بنفس العبارات “تخيلوا لو أن هذا الصاروخ سقط في المطار بما هو عليه من الحيوية وكثرة المترددين كان سيقتل مئات الضحايا ” رددت هذا الكلام للإمعان في الإرجاف والتهويل ، والصحفيون يكررون الأسئلة هل هناك أدلة أخرى دامغة كما أشار إليه الإعلان عن هذا المؤتمر ، لكن الإجابة هي نفس الإجابة حتى تسطعت رؤوس الصحفيين وخرجوا من المؤتمر بخفي حنين ، يرددون أن لعنة الصاروخ اليمني أصبحت تجلجل في أذهان المسؤولين الأمريكيين ، إلى حد أن صحفياً بلجيكياً كتب في تغريدة له ” لماذا لا تفترض هذه المسؤولة أن الصاروخ يمني أو تم تطويره بقدرات يمنية” وأنا أؤكد ما ذهب إليه هذا الصحفي استناداً إلى المعطيات التالية :
أولاً أن المهندسين والخبراء اليمنيين تخرجوا من مدارس أمريكية وروسية وفرنسية ودول أخرى كثيرة تمتلك تكنولوجيا صناعة الصواريخ ، أي أن خبرة اليمنيين أصبحت متعددة جداً ومستوعبة لكافة التفاصيل المطلوبة لتطوير هذه الصواريخ ، قد يكون الجسم إيرانياً أو أمريكياً أو فرنسياً أو باكستانياً أو كورياً ، إنما زيادة القدرات من حيث المسافة والجانب التدميري تم بعقول وقدرات يمنية ، فهم الأجدر على القيام بهذه المهمة وفقاً للمعطيات التي أسلفت.
وهذا ما يؤكد سذاجة الجانب الأمريكي ، وإن لم تكن سذاجة فهي نوع من المراوغة لتمرير ما هو كائن في النفوس وما تنوي أمريكا الإقدام عليه في اليمن وبالتالي فإننا في هذه البلاد مطالبون بأن نكثف الجهود لدعم جبهات القتال بالمال والرجال وأن نوحد صفوفنا لمواجهة هذا الصلف الأمريكي ، حتى لا تتسع لعنة الصاروخ وتصبح ردة فعل هذه اللعنة وبال على اليمن واليمنيين لا سمح الله.
لا ننسى أن ثقتنا بالله كبيرة ، وها هي الألف يوم قد انقضت وبلادنا تزداد صموداً وتحدياً والأعداء يتلقون الهزائم تلو الهزائم ولا شك أننا في النهاية سننتصر بإذن الله وسنحقق الغايات ، ونقهر هؤلاء الأعداء ، ونقول لـ”نيكي” خففي من آثار لعنة الصاروخ اليمني ولا داع لإرهاب السعودية إلى هذا الحد ، فلقد تروضت وأصبحت دجاجة تبيض لكم الذهب ، وما النصر إلا من عند الله.. والله من وراء القصد..

قد يعجبك ايضا