القدس لم تصادر بل تم بيعها لإسرائيل
زين العابدين عثمان
ماذا يعني القدس عاصمة لإسرائيل ?
وما هي الآلية التي اتخذها الرئيس الامريكي ترامب من اجل اصدار قرار في احسن ظروفه قد يشعل المنطقة بأسرها على رؤوس الصهاينة?
و هل كان اصدار قرار كهذا يعد تصرفاً غبياً وهمجياً ام انه اتى ضمن استراتيجية مدروسة بعناية ?
من كان يعتقد بأن يقوم ترامب بالتوقيع على قرار فيه تصفية ملف القدس إحدى عظم الركائز المقدسة لدى مليار ونصف المليار مسلم والذي يعتبره الاخير كمحدد لمصيرهم حضاريا وفكريا حيث لديهم الاستعداد لخوض حرب الاجيال من اجل ان تحرره من براثن الصهاينة .
من الطبيعي ان يقوم بعض المراقبين الدوليين على تصنيف قرار ترامب بالمتسرع والهمجي وانه اتى بالتلقائية لأنه في ظاهره كذلك ، لكن في واقع الامر ترامب عندما اقدم على عملية توقيع القرار والاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل هو فقط نفذ احد حلقات الاستراتيجية المعدة مسبقا في افعوانية مخطط جيوسياسي متكامل الاطراف وبنسق ثلاثي(عربي-اسرائيلي-امريكي).
السيناريوهات المدمرة التي جرت بالمنطقة منذ عام 2010م الى اليوم ابتداء بسيناريو الربيع العربي الذي كان الغرض منه احراق المنطقة من اجل اضعافها واستنزافها اقتصاديا وعسكريا يليها سيناريو التطبيع العربي -الاسرائيلي الذي تداعت له الكثير من الأنظمة العربية وفي مقدمتها السعودية والغرض منه هو اخراج اسرائيل من مربع العداء العربي والاسلامي وتكوين محور استراتيجي يجمع اسرائيل ودول عربيه عرف آنذاك بالمحور العربي الاسرائيلي، وانتهاء بسيناريو شيطنة محور المقاومة كايران وحزب الله والمقاومات الإسلامية الاخرى وذلك من خلال وضعهم كمنظمات ارهابية في القاموس الدولي .
كل هذه السيناريوهات من حاول البحث خلالها سيرى بأن لها ابعاداً و مدلولات جوهريه توحي بوجود ديناميكية منظمة نظمت سير مراحل تلك السيناريوهات من اجل اخراج اسرائيل من العزلة الدولية واتاحة المجال امامها للتوسع والتمدد الديموغرافي وذلك من خلال ضرب دول محور المقاومة بالدرجة الأساسية وانهاكها بحروب مدمره لا طائل منها اضافة الى ادراج إسرائيل كعضو ذي أهميه استراتيجية لتحقيق مبدأ ارساء الامن والاستقرار بالمنطقة، ولكي يحصل هذا الامر توجب بأن يتم اخراج اسرائيل من مربع العداوة العربية الإسلامية لذا كانت عملية التطبيع العربي مع اسرائيل هي الوسيلة المثلى لذلك .وبهذا تكون اسرائيل قد قطعت شوطا كبيرا نحو حريتها من العزلة الدولية لكن تبقى عقدة واحدة وهي القضية الفلسطينية وملف القدس الذي لازالت محور صدام ومنبع للعداوة العربية ضد اسرائيل لهذا بات من المحتم ان يتم تصفيتها وإماتتها سياسيا .لهذا امريكا تكفلت بالمهمة و كان قرار الرئيس الامريكي ترامب لنقل السفارة من تل أبيب الى القدس والاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل هو الذي سيقطع آمال من لازالوا متعلقين بالقدس وكذلك مثل الطعنة الاولى في مسار تصفية ملف القدس والقضية الفلسطينية ،وترك باقي المهمة بعدها لعامل الوقت ومساندة الأنظمة العربية وفي مقدمتها السعودية لإنجاح عملية التصفية وتذليل الصعوبات امام بناء دولة اسرائيل.
لذا الايام القادمة ستثبت بأن العويل والغضب الذي ابدته السعودية وبعض الأنظمة العربية تجاه قرار ترامب سرعان ما يتحول بعد ايام او اشهر الى تصاريح ناعمة ويائسة مفادها (يجب القبول بإسرائيل في نهاية المطاف والتركيز على عدونا الاكبر ايران وحزب الله ) وذلك لفض زخم الغضب في مختلف المجتمعات والشعوب العربية .