انتقدت “هيومن رايتس ووتش” قانون مكافحة الإرهاب الجديد في السعودية، مؤكدة أنه “يسهّل الانتهاكات ويتضمن تعاريف غامضة وفضفاضة للأفعال الإرهابية، ويعاقب عليها في بعض الحالات بالإعدام”.
وقالت مديرة قسم الشرق الأوسط في “هيومن رايتس ووتش” سارة ليا ويتسن إن “السلطات السعودية تقوم أصلًا بإسكات المنتقدين السلميين واحتجازهم بتهم زائفة”، وأضاف “بدل تحسين التشريعات المسيئة، تزيدها السلطات السعودية سوءا مع الاقتراح الهزلي بأن انتقاد ولي العهد هو عمل إرهابي”.
ورأت ويتسن أن وليّ العهد السعودي يدّعي بأنه إصلاحي، لكنه يحتجز المنتقدين السلميين كإرهابيين بنفس الاستبداد القديم الذي رأيناه كثيرًا بين الحكام السعوديين”.
وبحسب المنظمة، يحل القانون الجديد محل قانون مكافحة الإرهاب الذي صدر في عام 2014م وانتقد على نطاق واسع، كما أضاف تعاريف لأفعال إرهابية محددة ومبادئ توجيهية تتصل بالحكم عليها. كذلك يشمل القانون عقوبات جنائية مثل السجن بين 5 إلى 10 سنوات لوصف الملك أو ولي العهد “بأي وصف يطعن بالدين أو العدالة” بصورة مباشرة أو غير مباشرة، ويجرّم مجموعة واسعة من الأعمال السلمية التي لا علاقة لها بالإرهاب.
وتوضح المنظمة أن القانون الجديد ينصّ على سحب صلاحيات واسعة من وزارة الداخلية، التي أعادت السلطات السعودية تنظيمها في عام 2017م، ونقلها إلى النيابة العامة، المنشأة حديثا، و”رئاسة أمن الدولة”، وهما هيئتان تقدمان تقاريرهما مباشرة إلى الملك.
وتشير الى أن القانون الجديد لا يقصر تعريف الإرهاب على أعمال العنف، إذ تشمل قائمة الأفعال التي يعرفها كإرهاب “الإخلال بالنظام العام، أو زعزعة أمن المجتمع واستقرار الدولة، أو تعريض وحدتها الوطنية للخطر أو تعطيل النظام الأساسي للحكم”، وكلها عبارات غامضة استخدمتها السلطات السعودية سابقا لمعاقبة المعارضين والناشطين السلميين. يقضي الناشطان الحقوقيان البارزان عبدالله الحميد ومحمد القحطاني أحكاما بالسجن لمدة 11 عاما و10 أعوام على التوالي، لاتهامات تحتوي عبارات مماثلة.
وقالت “هيومن رايتس ووتش” إنه نظرًا للتعريف المبهم للقانون الجديد للإرهاب، والذي قد يسمح للسلطات بمواصلة استهداف الانتقادات السلمية، هناك أحكام أخرى في القانون تثير الشكوك. تنص المادة 34، مثلا، على عقوبة السجن مدة 3 إلى 8 سنوات لكل من يؤيد أي فكر إرهابي أو تعاطف معه أو روج له. تنص المادة 35 على عقوبة لا تقل عن 15 سنة لكل من “أستغل سلطته أو صفته الأكاديمية أو الاجتماعية أو الإعلامية للترويج للإرهاب”.
وشدّدت على أن “القانون الجديد يقوّض الإجراءات القانونية الواجبة وحقوق المحاكمة العادلة. بدل تعديل القانون لتعزيز دور القضاء، يمنح القانون النيابة العامة ورئاسة أمن الدولة السلطة القانونية لإلقاء القبض على الأشخاص واحتجازهم وتتبع اتصالاتهم وبياناتهم المالية وتفتيش ممتلكاتهم والحجز على أصولهم دون رقابة قضائية. يمكن لرئاسة أمن الدولة منع المشتبه فيه من السفر دون إبلاغه، كما يخول القانون ضباط الشرطة والأفراد العسكريين استخدام القوة “وفقا للضوابط المنصوص نظاما”. لم يرد ذكر أي لوائح إضافية بشأن استخدام القوة في النص”.
وكما هو الحال في القانون السابق، تسمح المادة 19 من القانون الجديد للنيابة العامة باحتجاز المشتبه فيه رهن التحقيق مدة تصل إلى 12 شهرا، مع تمديد غير محدود بأمر من المحكمة. تسمح المادة 20 باحتجاز المشتبه فيه مدة تصل إلى 90 يوما في معزل عن العالم الخارجي، حيث يكون التعذيب وسوء المعاملة شائعين بشدة، وفقا للمقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالتعذيب. في مذكرة قُدمت إلى “لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب” في أبريل 2016م، سلطت هيومن رايتس ووتش الضوء على 7 حالات ادعى فيها المحتجزون الذين حوكموا أمام المحكمة الجنائية المختصة أن الاعترافات انتزعت منهم عبر التعذيب.
وتقيّد المادة 21 حق المشتبه فيه بالاستعانة بمحام أثناء الاستجواب، فيما تنصّ المادة 27 على حق المحكمة العليا في الاستماع إلى الشهود والخبراء من دون حضور المدعى عليه أو محاميه، وعليها فقط إبلاغهما بمضمون الشهادة، مما يعيق إلى حد كبير حقهما في الطعن في هذه الأدلة.
Prev Post