نعم ولكن ليس كالأولى
عباس علي الديلمي
بعد زيارة الملك السعودي سلمان إلى روسيا كثرت الأحاديث والتحليلات عن المستنقع الذي قفزت إليه السعودية في – لحظة انتشاء- بعدوانها الهمجي على اليمن وكيف أنها تريد الخروج من ذلك المستنقع وإن بشىء من ماء الوجه وما المؤمل في الرئيس الروسي بهذا الصدد، يقابل ذلك ما سبقته من أحاديث وتصريحات سعودية وغير سعودية أن لا حل عسكريا في اليمن، ولا مخرج الا عبر حل سياسي قوامه الحوار والمصالحة.
هنا نتوقف لنقول: نعرف أن لا حل عسكريا وأن هناك بوابة واحدة للخروج هي بوابة الحوار والمصالحة، وهذا ما يؤكده القادة اليمانيون في الداخل الممسكون بدفة الصمود والتصدي للعدوان السعودي الإماراتي التحالفي.
ونعرف أيضا أن الحوار حواران والمصالحة مصالحتان.. حوار ومصالحة مع دول العدوان وعلى رأسها السعودية والإمارات، وحوار ومصالحة، داخلية مع الأطراف اليمنية التي وقعت في شرك العدوان الخارجي إلى درجة العمالة والتبعية المذلة، وإذا ما كان السؤال بأيهما نبدأ فهذا ما نترك أجابته للمجلس السياسي وشركاء المواجهة والتصدي.
نعود إلى موضوع الحوار والمصالحة فنقول إن ما يخص هذا الأمر داخليا أو مع الأطراف اليمنية، فهو أمر ليس بالجديد علينا وتحكمه معايير وضوابط وقيم تحقق العدالة وتغلق باب الثارات والانتقام ونعيد الاعتبار للضحايا.
أما الحوار والمصالحة مع دول العدوان فله قواعد أخرى تتصدرها السيادة الوطنية واستقلال القرار وحقوق ودماء وتضحيات من رفضوا الخضوع والبقاء تحت عباءات الهيمنة أو التبعية المطلقة (للشقيقة الكبرى).
حوار لا يقود إلى مصالحة تكرر مأساة وفظائع مصالحة العام 1968م التي كان السياسي اليمني الأستاذ محسن العيني مهندسها المتحمس ثم كان أول الرافضين للانحراف بها، وصنفته السعودية في قائمة اعدائها حتى اليوم وللاختصار انظروا ماذا قال عنها في كتابه الوثائقي (الرمال المتحركة في اليمن).
حوار لا يقود إلى مصالحة كمصالحة 1968م والتي لخصها شاعر اليمن ومفكرها عبدالله البردوني بقصيدة مطلعها:
ولدت صنعاء (بسبتمبر) كي تلقى الموت (بنوفمبر)
وتلهم الشعراء قصائد كقصيدة (الغزو من الداخل) وغيرها من القصائد والأناشيد الرافضة لكل ما جرت تلك المصالحة من ويلات على اليمن بما فيها المذهبية وإحلال مذهب محل مذهب وإن بالقمع والإرهاب والتكفير والنفخ في بالونات السلالية والمناطقية.
لنتحاور ونتصالح ولكن من منطلق لماذا شنت هذه الحرب التحالفية التدميرية على اليمن، وتقديم كل هذه التضحيات التي لم يقدمها شعب – في المنطقة- من أجل سيادته على أرضه وقراره كالشعب اليمني، نعم حوار ومصالحة ولكن ليس كالأولى.
نقول هذا من قبيل التذكير فقط، فاليمن الذي شب عن الطوق ، وخرج شاهرا سيفه ثائرا لكرامته، وخير أجياله القادمة،وقدم كل هذه التضحيات التي تفوق تضحياته لإخراج المستعمر البريطاني بآلاف المرات لن ولم يجرؤ أحد حتى على التفكير في مصالحة، تعيده إلى ما كان يسمى بالحديقة الخلفية للمملكة السعودية.