استهداف الصالة الكبرى جريمة إبادة جماعية لن تسقط بالتقادم

الصوفي:
من حق أسر الضحايا مقاضاة الجناة في كل المحافل الدولية والقضائية
حميد الدين:
النيابة والأجهزة الرسمية وثقت المجزرة وجمعت كافة الأدلة تمهيداً لمحاكمة دول العدوان
المسوري:
المال السعودي هو المسيطر ويعمل دائما على إفشال أي تحقيقات دولية لكشف الجناة
استطلاع / رجاء عاطف

في ذكرى السبت الأسود 8 /10/ 2016م خيم الحزن على أرجاء اليمن خرج الضمير العالمي من قبوه ليبدي صدمته من هول الجريمة التي ارتكبتها قوات التحالف السعودي حين أقدمت عصر ذلك اليوم بتعمد على قصف تجمع بشري يقارب 2000 مدني أثناء تأديتهم واجب العزاء لآل الرويشان في الصالة الكبرى التي أعلنوا للجميع في وسائل التواصل أن عزاءهم في وفاة فقيدهم سيقام فيها، والتي توافد إليها المعزون من مئات المدنيين من مختلف شرائح المجتمع اليمني بينهم قيادات سياسية ومدنية ووجهات اجتماعية وتجار وسياسيون أمنيون وعسكريون ينتمون إلى مختلف المناطق اليمنية بمختلف توجهاتهم السياسية والفكرية ..
لم يتخيل أيّ من الحاضرين للعزاء ولو لوهلة أن أجرام هذا التحالف السعودي يمكن أن يصل إلى حد استهداف تجمع لمئات المدنيين في صالة عزاء وسط العاصمة دون مراعاة للقيم الدينية والأخلاقية والقانونية وأثبتوا بهذا الجرم أن لا قيم ولا أخلاق تردعهم عن هذه المذبحة التي كان حصيلتها (1400) حالة ما بين جريح وقتيل..
صحيفة “الثورة” سلطت الضوء في الذكرى الأولى لجريمة الصالة الكبرى على المسار القضائي المتتبع للإجراءات الخاصة بالجثث المجهولة.. وكذلك على زوايا وحجم وأبعاد هذه الجريمة من وجهة نظر حقوقية.. فإلى التفاصيل:
قضائياً.. صرح مصدر قضائي في النيابة العامة (الجزائية المتخصصة) – أن مذبحة القاعة الكبرى التي حصلت العام الماضي في 8 /10 /2016م هي جريمة بكل المقاييس تنطبق عليها الأوصاف القانونية في قانون العقوبات المحلي والقوانين الدولية على أنها جريمة ضد الإنسانية وإبادة جماعية وتعتبر جريمة حرب لأن هناك من الضحايا بالآلاف بحسب التقارير شبه المنتهية التي يخلص عليها المحققون في النيابة العامة بالتعاون مع بقية الأجهزة المعنية في جمع الأدلة والتقارير الطبية والتقارير الفنية..
وقال المصدر: إنها تعتبر مذبحة جماعية ضمن سلسة عدة جرائم تعرض لها الشعب اليمني في عدة محافظات كانت مروعة ووقعت على المواطنين الأبرياء العُزل سواء في أعراس أو في عزاء أو مناسبات اجتماعية وهذه الجريمة وأمثالها يدينها القانون الدولي والمحلي وكل الأعراف وكل الشرائع تدينها..
وأكد أن عدد الضحايا إلى حد الآن حسب التقارير وهي شبه نهائية لأن عدد القتلى يكاد يكون أكثر من (138) لكن الضحايا كان عدداً مهولاً وصل إلى أكثر من (980) حالة، حيث وأن الإحصائية النهائية لا يستطيع أحد أن يجزم بها إلا بعد ورود التقارير النهائية فيما يخص العينات التي تم أخذها من قبل الطب الشرعي والأدلة الجنائية وخصوصا إدارة فحص “ال دي أن أي”، حيث وهناك أكثر من (138) قطعة أشلاء بشرية تم العثور عليها في مسرح الجريمة هذه الأشلاء هي بالتأكيد لضحايا كانوا في القاعة ومن تم معرفتهم بالاسم تم التعرف عليهم ونشر أسمائهم في كشوفات رسمية، مضيفاً أن هناك حالات لم يحضر أقاربهم وهم من طبقات المهمشين أو المتسولين المتواجدين في تلك القاعة بدون أن يكون لهم وثائق أو لم يأتوا أهاليهم للبحث عنهم، مؤكداً على أن نتيجة الفحص الذي سيتم لتلك الأشلاء والقطع البشرية سيزيد من عدد الضحايا في القاعة لأن عدد القطع البشرية التي تم العثور عليها كانت أكثر من (138) قطعة.
أم المجازر الجماعية
مشيراً إلى أن السلاح المستخدم في هذه المذبحة قنبلتان نوع مارك mk82 أمريكية الصنع تزن الواحدة 241كيلو جراماً من المواد شديدة الانفجار حيث تنفجر مرتين الأول لتثقب سطح المبنى والثاني ليبيد من بداخله..
وقال: إن أهالي الشهداء والضحايا والجرحى حضروا للنيابة وتقدموا بدعواهم وطلباتهم وتكاد تكون القضية شبه مكتملة بانتظار التقرير النهائي الذي سيحدد العدد النهائي للضحايا، حيث قامت النيابة العامة بواجبها بالإشراف مع الأجهزة المعنية وأصبح الطلب يحتوي على أكثر من (15 ألف) ورقة وهذا الملف مُعد وسيعرض على القضاء والمحكمة المختصة قريباً وأيضا سيعرض على الخبراء الدوليين من منظمات حقوق الإنسان الذين سيحضرون لليمن ليتعرفوا على ما يتعرض له الشعب اليمني من خلال هذه القضية التي تمثل أم المجازر الجماعية في اليمن باعتبار الحصيلة التي وصلت إليها الآن أكثر من (1400) حالة ما بين جريح وقتيل..
وعبر المصدر القضائي أن صمت المجتمع الدولي تجاه هذه الجريمة بأنهم يغضون الطرف عن هذه المجازر الجماعية التي يتعرض لها أبناء الشعب اليمني سواء في القاعة الكبرى أو في الكثير من الوقائع الجنائية التي تشكل جريمة ومجزرة جماعية وهذه الجرائم هي محل إدانة في القانون الدولي والقوانين المحلية، مشيراً إلى أن دولة العدوان استطاعت أن تشتري الذمم سواء من الدول المشاركة معها في العدوان أو على مستوى الهيئات الدولية والمؤسسات الدولية والإعلام الخارجي الذي يغطي على هذه الجرائم ولكن هي جرائم موثقة ونحن نأمل من فريق الخبراء الدوليين الذين يتوقع وصولهم إلى اليمن خلال الأيام القادمة أن يتلمسوا تلك المجازر الجماعية من الواقع وأن يقولوا كلمة الحق.
موعد العدالة آت
ووصف زيد حميد الدين – محام وناشط حقوقي عضو بالائتلاف الوطني لتوثيق جرائم العدوان: أن مجزرة الصالة الكبرى أكبر مجزرة وحشية منذ بدء العدوان على اليمن وتعد من جرائم الحرب المشهودة عليها عالمياً ومن ضمن جرائم الإبادة الجماعية حسب ما نصت عليه مواثيق الأمم المتحدة وميثاق جنيف لجرائم الحرب، والذي تعمد طيران العدوان القتل الجماعي مع سبق الإصرار والترصد للضحايا الأبرياء والذين بلغ عددهم أكثر من 600 ما بين شهيد وجريح حيث أدانت الأمم المتحدة والمنظمات الدولية ومنظمة هيومن رايس وغيرها من المنظمات الدولية والعربية وطالبت بالتحقيق الفوري لتلك الجريمة البشعة ولاقت اهتماماً محلياً وإقليمياً ودولياً حتى أصبحت قضية رأي عام وكانت محل أنظار الزوار الدوليين لليمن والاتحاد الأوروبي والمفوضية السامية لحقوق الإنسان
وقال : قامت الأجهزة الرسمية والنيابة والجهات ذات العلاقة بتوثيق مجزرة الصالة الكبرى توثيقاً دقيقاً وجمعت كافة الأدلة والبراهين تمهيداً لمحاكمة دول العدوان وعلى رأسها النظامان السعودي والإماراتي عندما تتوفر الإرادة الدولية لمحاكمه المجرمين القتلة أمام محكمه العدل الدولية…وبإذن الله موعد العدالة والقصاص للضحايا الأبرياء آتٍ لا محالة طال الزمان أو قصر…
مقاضاة الجناة
وقال معاذ الصوفي – ناشط حقوقي :بأنها جريمة واحدة من الجرائم التي ترتكب ضد الإنسانية، وتصنيفات القانون الدولي يحرم ويجرم الضربات التي تستهدف المدنيين والأعيان المدنية، ولذلك فإن هذه الجريمة وغيرها من الجرائم مدانة في كل الأعراف والقوانين الدولية والمحلية، ومن حق أسر الضحايا مقاضاة الجناة والمتسببين فيها في كل المحافل الدولية والقضائية ومنها محكمة لاهاي، وعليه فإن على المجتمع أن يُفعل دوره في مثل هذه الجرائم ويرفع صوته عالياً عبر وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة وعبر الفعاليات والأنشطة الجماهيرية المتنوعة..
وأضاف أنه لا بد من وجود لجان تحقيق محايدة وشفافة للتحقيق في هذه الجرائم ومقاضاة الجناة، بل ليس في هذه الجريمة وحدها فحسب، بل في كل الجرائم التي ترتكب ضد المدنيين من الأطفال والنساء والمساكن والمنشآت العامة والخاصة في كل ربوع اليمن.
أسلحة محرمة
ومن جهته يقول محمد المسوري – محامي الضحايا : إن جريمة القاعة الكبرى تعتبر وفقا للقانون الدولي الإنسانية والنظام الأساسي لمحكمة الجنايات الدولية جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية استخدم فيها العدوان أسلحة محرمة دوليا واستهدف مدنيين داخل قاعة عزاء وفي أحياء مدنية ومقر مدني لا يحق لأي طرف على الإطلاق أن يستهدف مثل هذه الأماكن..
وأضاف بأن الإحصائية الإجمالية في هذه الجريمة التي وصلنا إليها هي (138) شهيداً وحوالي (980) جريحاً وهناك (11) مفقوداً من الذي وصل أهاليهم إلى النيابة للمطالبة بالكشف عن هويات ذويهم الذين كانوا في القاعة..
وقال: لدينا جزئية مهمة وهي المتعلقة بفحص “آل دي أن إي” للجثث المتفحمة والأشلاء المتبقية للعديد من الشهداء الذي لم يعرف مصيرهم حتى الآن ولازالت الإجراءات مستمرة لإجراء هذا الفحص خارج الوطن لأن إمكانياتنا في الداخل غير متوفرة ومستشفى 48 هو المستشفى الوحيد الذي يقوم بهذا الفحص لا تتوفر لديه المواد الطبية الخاصة بإجراء الفحص.
تحديد المتهمين
وأشار إلى أن هذه قضية رأي عام والكثير يتساءلون لماذا لم تحل القضية حتى اليوم إلى المحكمة وهذا مهم جدا خاصة بعد عام كامل، منوهاً بأن النيابة الجزائية المختصة بكامل طاقمها ورئيس النيابة ووكيل النيابة وجميع أعضاء النيابة حققوا في القضية من أول وهلة انتقلوا إلى مسرح الجريمة وحجزوا كل ما في المسرح مع الأدلة الجنائية والبحث الجنائي حينها كان له دور كبير جدا واستطاعوا ان يجمعوا عدداً كبيراً من أجزاء الصاروخ ورددوا نوع الصاروخين، الصاروخ الأول أصاب منتصف القاعة من الجانب الأيسر والصاروخ الآخر جاء بعده بحوالي أربع إلى خمس دقائق أو ست دقائق قصف أمام مدخل القاعة أثناء احتشاد الناس ولذلك فالعدد كبير جدا لأن الصاروخين الأول قصف مكان المقيل الذي فيه الضيوف والصاروخ الثاني عندما هرع الضيوف ومن تبقى منهم جاء الصاروخ الآخر قصف مدخل القاعة أثناء تجمعهم فكانت عملية إجرامية مدبرة ومخطط لها بدقة.
النيابة العامة سارت في الإجراءات كاملة ووصلت إلى تحديد المتهمين سواء المتهمين المحليين أو كبار المجرمين من قيادة دول التحالف وسترسل نسخة من الملف إلى محكمة الجنايات الدولية بالأدلة الكاملة
منوها بأن سبب تعثر إحالة الملف إلى المحكمة الجزائية المتخصصة بالرغم من انه جاهز تقريبا من شهر مايو هو أن هناك ما يقارب 26 متهماً قدمتهم النيابة العامة من أعضاء مجلس النواب وأحيل طلب رفع الحصانة عنهم إلى البرلمان حسب علمي في شهر مايو ولأسباب خاصة بالبرلمان لم يتم رفع الحصانة البرلمانية عنهم حتى الآن فلو تم رفع الحصانة البرلمانية عنهم في ذلك الوقت لكانت القضية قد أحيلت إلى المحكمة من حوالي خمسة أشهر أو أكثر.
إفشال التحقيق
وقال المحامي المسوري عن صمت المجتمع الدولي عن هذه الجريمة: بأن هناك بعض المنظمات الدولية كان دورها كبيراً جدا في هذه القضية منظمة هيومن رايتس والعفو الدولية وكثير من المنظمات الإقليمية ومركز الخيام كان لها دور كبير في حين أن هناك منظمات أخرى التزمت الصمت والمخزي هو موقف الأمم المتحدة ومجلس الأمن إزاء هذه الجرائم وليس فقط جريمة القاعة الكبرى بل جميع الجرائم التي نطالب منذ بداية العدوان بتشكيل لجنة تحقيقات دولية للتحقيق فيها خاصة وأن العدوان يرتكب جرائم على مدار الساعة ولم يحترموا حتى مجلس حقوق الإنسان الذي انتهت اجتماعاته في 29 سبتمبر الماضي قبل أيام وكانت هناك مطالبات ومشروع هولندي بتشكيل لجنة تحقيقات دولية إلى أن المال السعودي كعادته كان هو المسيطر والذي يعمل دائما على إفشال أي تحقيقات دولية لكشف الجناة.

قد يعجبك ايضا