القوى المهيمنة على النشاط الاقتصادي أعدمت بيئة الاستثمار وجعلت تنفيذ المشاريع غير ممكن إطلاقا ،فكانت ثورة الـ 21 من سبتمبر هي المنقذ
حرب اقتصادية شعواء على اليمن وثورة الشعب هي السبيل للخلاص:
السعودية حين فقدت مصالحها ولم تعد قادرة على تنفيذ أجندتها التدميرية للاقتصاد اليمني قررت شن الحرب عسكريا
في ظل سيطرة الفساد والنخب الفاسدة ، قطاع الأعمال التجارية وصل لوضع مأساوي جعل ترتيب اليمن ينخفض إلى أدنى مستوى
إعداد/الإدارة الاقتصادية
مثل الـ20 من نوفمبر 2014م يوما فارقا في التاريخ الاقتصادي لليمن ففيه استكملت ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر بناءها الاقتصادي من خلال الموافقة الدولية على مذكرة تفاهم بين الحكومة والقطاع الخاص والتي تم التوقيع عليها في ختام مؤتمر “إشراك القطاع الخاص في تحقيق النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة بُغية دعم المرحلة الانتقالية اليمنية” والذي نظمه مكتب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالتنسيق مع مركز المشروعات الدولية الخاصة في العاصمة الأمريكية.
تلك المذكرة سرعان ما وجدت نفسها بؤرة للنسيان ويقود المخرج الأمريكي فكرة طمسها وتواريها طي الكتمان لكننا ارتأينا تذكير المواطن اليمني بتبعات ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر 2014م وماذا كانت تهدف إليه اتفاقية التعاون والشراكة رغم أنها تنص على أن الفترة التنفيذية لبنودها تمتد من تاريخ توقيعها إلى 31 ديسمبر 2017م.
حيثيات
كان الاقتصاد اليمني قد وصل لحافة الانهيار نتيجة للفساد المالي والإداري والمحسوبية الحزبية والتي فاحت في منتصف العام 2014م باعتراف المنظمات والصناديق الاقتصادية الدولية فبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي يقول إن الأعمال التجارية في اليمن قد تدهورت أكثر بشكل عام مما جعل ترتيبها ينخفض من المرتبة 129 في عام 2013م إلى المرتبة 133 في عام 2014م.
ويضيف إنه على الرغم من التقدم الهام الذي حققه اليمن في تقرير القيام بالأعمال لعام 2009م (ترتيب اليمن 98 من بين 181 بلداً)” فإن بيئة الأعمال في اليمن قد ضربتها آثار انعكاسات المشكلات الأمنية الأخيرة والتداعيات الناتجة عن ثورات الربيع العربي لعام 2011م) والاضطراب السياسي في بعض أجزاء المحافظات الجنوبية بالإضافة إلى أعمال القرصنة التي يرتكبها القراصنة الصوماليون بمحاذاة السواحل اليمنية وتدفق اللاجئين من القرن الأفريقي.
وقالت مذكرة التعاون :” وكنتيجة لذلك فإن تدفقات الاستثمار الأجنبي إلى البلاد قد تراجعت بصورة ملحوظة في عام 2009م بعد استكمال أعمال منشآت الغاز الطبيعي المسال”.. مبينة أن البيئة الاستثمارية في اليمن مازالت تعاني من العديد من المعوقات الإدارية والتنظيمية وفي الفترة الأخيرة ومن هشاشة وعدم استقرار الوضع الأمني بسبب ضعف تطبيق القانون في أجزاء كبيرة من البلاد.
وأشارت المذكرة إلى أن أكثر من خمسة ملايين من اليمنيين قد هاجروا إلى أجزاء كثيرة من العالم وكذلك مجتمع الأعمال اليمني الرئيسي في الخارج والذي يُقدر أنه يمتلك مشاريع قيمتها بمئات المليارات من الدولارات, لافتة إلى أن مجتمع الأعمال اليمني في البلاد يفكر في الاستثمار في الخارج بسبب انعدام بيئة القيام المشاريع المُمكنة في اليمن.
واستطردت المذكرة قائلة :” إن ما هو مهم أكثر هو أن مجتمع القطاع الخاص يود أن يرى حكومة مؤهلة وملتزمة وقادرة على إيجاد الشروط الأساسية المطلوبة للقيام بالمشاريع في اليمن الأمر الذي سيسهم في التنمية الاقتصادية من خلال التوفير الدائم للوظائف الجديدة، وبالإضافة إلى ذلك فإن المستثمرين اليمنيين يودون كذلك أن يروا نظاماً قضائياً يؤدي وظيفته ويفرض القانون وكذلك إيجاد فضاء لحوار حقيقي بين الحكومة والقطاع الخاص من أجل السماح بتحقيق الإصلاحات القانونية الملائمة”.. مبينة أنه وبصورة عامة فإن البنية التحتية مثل توليد الكهرباء ضعيفة وتتطلب رفع كفاءتها بصورة تدريجية، فقد تفشت الإقالات غير القانونية للموظفين المدنيين والاستيلاء على الأراضي والملكية وتفشى الفساد في القطاع الأمني وزادت وتيرة دخول الموظفين الوهميين والموظفين المزدوجين فيما لم يتم أي شيء يذكر في مكافحة الفساد وغيرها من القضايا .
وتطرقت المذكرة إلى مخرجات أخرى سوف تتطلب إصلاح مؤسسات الدولة من أجل أن تطوير إدارة الخدمات الحكومية بصورة مسؤولة وفعالة وكذلك تجسيد العدالة وترسيخ الأمن والنهوض بالاقتصاد وإيجاد فرص عمل وتحسين الأحوال المعيشية للسكان الفقراء على نطاق واسع وخصوصاً الشباب والمرأة.
وفي حين كشفت مذكرة التفاهم الموقعة بين الحكومة والقطاع الخاص أن العملية الانتقالية تقف أمامها تحديات متعلقة بعدد من القضايا المركبة.. اعتبرت أن الأعمال التخريبية المتكررة لخطوط الأنابيب وخطوط نقل الطاقة الكهربائية من قبل بعض العناصر المجموعات التي لديها مظالم تجاه الحكومة اليمنية قد أثرت بصورة خطيرة على عائدات قطاع النفط اليمني والتي تمثل 70 % من الإيرادات العامة للدولة وهو المصدر الأساسي من الدخل بالعملة الأجنبية.
وأظهرت أنه في عام 2013م كان هناك حوالي مليار دولار (20 %) انخفاضاً في إيرادات النفط والغاز فضلا عن استمرار اتجاهات هبوط الإنتاج في عام 2014م.
ومضت قائلة :” وبسبب هذه الأزمة المالية كانت الحكومة اليمنية قد اتخذت قرارا برفع الدعم للمشتقات النفطية جزئيا في الشهرين الماضيين والذي يبلغ ثلاثة مليارات دولار (أكثر من الميزانيات المجمعة لقطاعي التعليم والصحة) أو ثلث الميزانية العامة”.
وتابعت :” إن الأثر الاقتصادي للانقطاعات المتكررة والممتدة للطاقة الكهربائية ونقص الوقود مازالت ولم يجر تقييم انعكاساتها بشكل كامل ومع ذلك فإن المنتجات الزراعية قد تأثرت بسبب انعدام الديزل لضخ المياه من الآبار لري المزارع”.
مشكلة الإيرادات
ومن ضمن الحرب الاقتصادية الخارجية والداخلية على الشعب اليمني أن موارد الدولة كانت بيد قلة من العملاء يتحكمون فيها وفقا لتوجهات وأجندات تخدم الخارج وبالتالي كان المسار أن تبقى سرا ولا يطلع عليها الشعب اليمني مما عزز قبضة تلك العصابات والجماعات المدعومة خارجيا ،وكنموذج يقول البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة ” إن اليمن يعتمد بصورة كبيرة على موارد الدخل المتناقصة في إيراداته، ويمثل النفط حوالي 25 % من الناتج المحلي الإجمالي و70 % من إجمالي إيرادات الحكومة.
وبينت أن “الانقطاعات المستمرة لإنتاج تصدير النفط عبر خط أنبوب النفط في مارب قد أدى إلى انخفاض الإيرادات الحكومية في عام 2011م وكذلك في العامين 2012 و2013م مع عجز مالي وصل إلى 9.3 %من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2011م على الرغم من أسعار النفط المرتفعة تقلصت في عام 2012م إلى 6.4 % من الناتج المحلي الإجمالي” والسبب في ذلك قيام دول العدوان بتحريك مجاميعها المسلحة لاستهداف القطاعات النفطية والإنتاجية وشبكة انابيبها فقد كانت خائفة من تحول الثروة النفطية لمسار التنمية والتطور للشعب اليمني .
وقالت :” لقد تراجع الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 10.5 % (تقدير) في عام 2011م بسبب هبوط إنتاج النفط والضرر بالاقتصاد الذي تسبب عنه الاضطراب الاجتماعي والسياسي ويُتوقع أن يعود بصورة بطيئة إلى 2.1 % في عام 2012م و4.2 % في عام 2013م”.
وأفادت المذكرة بأنه وبحسب التقارير الإحصائية الصادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء فقد كسبت البلاد 671 مليون دولار فقط من تصدير النفط الخام للفترة من يناير إلى مايو 2014م ويمثل ذلك نسبة الـ 40 % مقارنةً بنفس الفترة من العام الماضي 2013م، وعلاوة على ذلك فإن احتياطيات البنك المركزي اليمني قد تراجعت لتصل إلى 5.1 مليار دولار وهو المستوى الأدنى منذ نهاية عام 2011م.
وخلصت مذكرة التفاهم إلى القول :” إن جميع المؤشرات الاجتماعية حول التدهور المستمر، أظهرت زيادة مستوى الفقر من 35 % في عام 2006م إلى 54.4 % في عام2014م وكذا ارتفاع نسبة البطالة بين الشباب والمرأة إلى نسبة تتعدى الــ 50 %”.
الإدارة الاقتصادية
كان المانحون يشتكون من سوء الإدارة والفساد المستشري في القطاع الحكومي ويرون أن الحل يكمن في بناء علاقة مع القطاع الخاص وإتاحة الفرصة أمامه ليقود قاطرة النمو في البلد حيث استهدفت المذكرة تحديد مسار واضح لإشراك القطاع الخاص في النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة بحسب متطلبات اتفاق السلم والشراكة الذي وُقعت عليه غالبية الأحزاب والمكونات السياسية في 21 سبتمبر 2014م.
و تلزم مذكرة التفاهم مجلس الوزراء بأن يطلب من القطاع الخاص تسمية ممثله/ ممثليه في المجلس الاقتصادي والاجتماعي وبنسبة لا تقل عن 50 % من أعضاء المجلس.
التدخلات السعودية
كانت المجموعات المتنفذة في البلاد تعتقد أنها ستصمد وستمارس أعمالها وفقا لما جرت عليه العادة خصوصا وان الدعم الدولي لها كبير ، حيث يقول الخبراء إن السعودية كان لها أذيال متجذرة في اليمن تقوم برعاية مصالحها وتنفيذ أجندتها ،لكن تلك الأذيال المنتشرة في كثير من القطاعات سرعان ما وجدت نفسها في مواجهة عملية مع الشعب اليمني وثورته وبالتالي كان الهروب هو وسيلتها الأمر الذي جعل السعودية تحشد العالم لشن العدوان على اليمن وثورته بدعوى الشرعية ،لكن الحقيقة هي تلك التي تؤكد ان مصالحها في السيطرة على اليمن اقتصاديا وثرواته ومقدراته كانت قد انتهت باندلاع ثورة الـ21 من سبتمبر 2014م مما جعلها تشن عدوانها بعد ستة أشهر من قيام الثورة ومستمرة في عدوانها الهمجي حتى الآن.