نصائح.. من قصص الوعي ببطولات وتضحيات المقاتل اليمني في الجبهات

انطباعات زائر يمني إلى جبهة الحدود – نجران ( 4 )

عبدالفتاح حيدرة
لن أحدثكم اليوم عن أبو حسين وعن قايد وابن أخيه كشباب من محافظة ذمار تركوا وظائفهم وأعمالهم الخاصة التي كانت تدر عليهم يوميا مئات آلاف الريالات، وقرروا أن يتركوا ذلك خلف ظهرهم ليكونوا دينمو الجبهة، يخدمون زملائهم وإخوانهم المقاتلين على مدار 24 ساعة وفي كل وقت معرضين حياتهم للخطر والموت في اليوم الواحد ثلاث –أربع
مرات تحت قذائف الهاون والمدفعية وطيران الميج والاستطلاع..
ولن أحدثكم عن علي أبو لحمة ابن محافظة صنعاء الذي أطلق عليه لقب (أبو لحمة) لأنه كلما اقتحم معسكرا أو موقعا سعوديا فيه من غنائم من عتاد العدو يصيح بأعلى صوته (لحمة.. لحمة) وزميله الكرار من ريمة وأبو عدي ويوسف من صعدة وأبو جهاد من سنحان..
سنتحدث اليوم عن من يحاول سرقة دماء وجهد الشباب المقاتلين في الجبهات ، و يستخدمها للابتزاز السياسي، محاولا أن يجر الوعي اليمني للمهاترات والمكايدات السياسية لينسى الناس بطولات وتضحيات هؤلاء المقاتلين، ويغرقون في سفاسف الأمور التي تثبط من همم المجاهدين والمقاتلين في الجبهات، وتحويل قضايا الوطن إلى قضايا شخصية وحزبية بحتة..
سنتحدث اليوم بوعي وبحزم عن من يحاول إهانة بطولات وتضحيات المقاتل اليمني، ويشغل اليمنيين ببطولاته السياسية الشخصية، ومن يتحدث عن المقاتل والمجاهد ويسعى بكل ما أوتي من قوة لتسفيه أعمال وبطولات المقاتل اليمني والحط من قدره، والتقليل وإخفاء بطولاته وتضحياته ووعيه، وكيف نواجهه..
تأتي هذه الحالة وتصيب المجتمع حين يصل الانتهازي إلى السلطة ، إذ يكون شغله الشاغل هو البقاء على الكرسي لأطول فترة ممكنة، دون النظر إلى الهدف من وجوده في هذا المكان، فيتحول إلى مجرد عبد مطيع للأوامر، من أجل أن ينال رضا السلطات العليا، مع اختلاف أشكال هذه العبودية المطيعة بالطبع، والكارثي في الأمر، أن هذه الروح تفقد السلطة دورها الأساسي في تحقيق الصالح العام، المواجه للعدوان، لأنها انشغلت بالصالح الشخصي، من خلال إرضاء جيوب ومصالح شركاء السلطة والثروة ..
إن البلاد تمر بظروف صعبة، بسبب العدوان و الحرب والحصار، وعلى شركاء السلطة والثروة المواجهين للعدوان، أن يبدأوا بإصلاح مؤسسات الدولة لتحقيق العدل والمساواة كتعويض أمان للناس، وتكريما لصمودهم وتحديهم للعدوان، لكن أن يظلوا يصرخون ليل نهار في وجه شعب جائع كي يجوع أكثر، بينما هم غارقون في السفه والمكايدات السياسية التي تهين صمود وتحدي شعبهم للعدوان والحصار وتنتقص من بطولات وتضحيات مقاتلي الجيش واللجان في الجبهات ، فهذه بجاحة لا تطاق..
ومن لا يقبل منهم بالمواطنة الكاملة لكل اليمنيين، وبحق اليمنيين الكامل وغير المنقوص بمواجهة العدوان وحلفائه ومرتزقته، لا يجوز له أن يطالب بالشراكة والديمقراطية والتعددية وحرية الرأي والتعبير، لأنها حزمة متكاملة، إما أن يتقبلها الكل في ظل دولة عدل ومساواة تبحث وتضمن الكرامة والشرف والسيادة والاستقلال لكل اليمنيين، أو يتم الحكم بمبادئ – القوي يحكم ويتحكم والضعيف يروح عند أمه..
من يعود من جبهات المقاتلين اليمنيين يعرف لكم هو مؤلم وقاس وسيئ ما يحدث لنا بين الحين والآخر، من تورط بوعي وبدون وعي في سفاسف السياسة وترك بطولات وتضحيات المقاتلين وعدم الاهتمام بتناولها وجعلها من أولوياتنا القصوى..
لكن الأصح والأهم من هذا اليأس وهذه القسوة هو أن لا نجعل المؤلم والقاسي والسيئ سببا لترك متارسنا أمام العدوان ومرتزقته مهما كانت المعاملة سيئة ومهما كان التهميش قاسياً ومهما كان الفساد سيئاً، لنبقى مكاننا وفي متارسنا ثابتين وسيأتي ذلك اليوم الذي يفتضح من آلمنا أو قسى علينا أو أساء لنا ويتعرى وينكشف زيفه وأجندته ومصالحه وفساده واندساسه..
ليفعلوا ويقولوا ما شاءوا وما يريدون، طالما ونحن في متارسنا مع المقاتل اليمني بوجه العدو السعودي ومرتزقته، هم يعلمون جيدا أن هذه المتارس بنيت أولا وقبل كل شيء بسبب تبعيتهم للعدو السعودي قبل أن يأتي العدو للحرب أصلا..
على القيادة المواجهة للعدوان أن تدرك أنها إذا أرادت عقلاً تنويرياً ينقل للناس وعي وقيم ومشروع المقاتلين والمجاهدين الذين في الجبهات، لابد من احترام صاحب العقل التنويري الناقل لوعي ذلك المقاتل اليمني، لأن العقل التنويري الذي من المفترض أن يعمل بجرأة، لابد أن يجد مناخا مناسبا كي يعمل بهذه الجرأة، إذ لا يمكن أن يكون مناخ انتهاك حقوق الناقل لوعي المقاتلين اليمنيين ومعاملته باعتباره قاصرا ، مناخا مناسبا للفعل التنويري، بل سيكون خطاباً في ظل مناخ الوصاية – أيا كان نوعها – وهو مناخ لا ينمو في أرضه أي ثمار يمكن لعقل المجتمع أن يستفيد منها، وفي أحسن الأحوال سينمو خطاب مشوه وعقيم، لأنه خطاب يخالف جوهر التنوير لوعي وقيم ومشروع المقاتل اليمني، خطاب أخذ منه بعض مقولاته وقصصه الشكلية للمزايدات والارتزاق لا أكثر ولا أقل..

قد يعجبك ايضا