تضحيات العظماء … وهرطقات المبقبقين
عبدالفتاح البنوس
للشجاعة فرسان أشداء, وللبطولة مغاوير أبطال, لا يهابون المنايا ولا يخشون الخطوب, حتى وهم في أعلى هرم السلطة, ويتقلدون المناصب الرفيعة, لا يتقاعسون عن أداء الواجب الوطني المنوط بهم, لا يتهربون أو يتملصون ولا يبحثون عن أعذار ومبررات واهية تشرعن لهم التخلف عن الركب والتهرب عن أداء المهام مهما كانت طبيعتها.
وتستحضرني اليوم بعض هذه الشخصيات التي أذكرها على سبيل المثال لا الحصر, حيث تستحضرني شخصية الشهيد البطل اللواء طه حسن المداني أبوحسن, والشهيد المقدام العميد حسن الملصي, والشهيد البطل العميد حسين السقاف, هؤلاء العظماء الذين كانوا في مقدمة الصفوف لمواجهة أعداء الوطن هناك في جبهات العزة والكرامة, حيث سطروا أروع ملاحم البطولة والتضحية والفداء ورفضوا البقاء مع الخوالف أو البقاء في المؤخرة, ضاربين أروع الأمثلة في العطاء والإخلاص لله وللوطن, حيث نالوا وسام الشهادة عن جدارة واستحقاق وفازوا بالفضل الكبيروالعطاء الرباني الجزيل, بعد أن تاجروا مع الله وباعوا أنفسهم لله, فحصدوا الربح الأكبر الذي لا يحصل عليه إلا من بلغوا أعلى درجات ومستويات الإخلاص والصدق مع الله ومع النفس .
هؤلاء العظماء, الكرماء, السعداء, ومن على دربهم ساروا, كان بإمكانهم أن يقبعوا في منازلهم, أو في مكاتبهم كما يفعل الكثير من مسؤولينا اليوم, ويحيطون أنفسهم بالحماية, ويصنعون لأنفسهم طنة ورنة على الفاضي, ولكنهم ليسوا من هذا الصنف, فالثقافة التي يحملونها, والفكر الذي تختزله عقولهم النيرة, والولاء والإخلاص لهذه الأرض الطيبة ولهذا الوطن الغالي تحتم عليهم أن يكونوا في الصدارة, وأن يكونوا في المقدمة للدفاع عن الوطن, وما يزال الوطن يزخر بالكثير من أمثالهم, ممن تجردوا من الولاءات الضيقة وأخلصوا النية والولاء للوطن, منحوا المناصب والترقيات ولكنهم لم يجعلوها للزينة والتفاخر والاستعراض بين الناس, بل جعلوا منها حافزا لهم للثبات والمواجهة والإقدام, باعتبارها مسؤولية لا يمكن التهرب منها, فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وهم ينشدون النصر أو الشهادة .
بالله عليكم ما قيمة المناصب والرتب والمكاسب والمغانم أمام تضحيات أولئك العظماء ؟! هل رأيتم نماذج في التضحية والفداء في عصرنا كهؤلاء ؟! أين نحن منهم ومن تضحياتهم الجسيمة ؟! أين شلة البقبقة الفيسبوكية الذين أصموا أسماعنا بهرطقاتهم وخزعبلاتهم وتحليلاتهم البيزنطية المبنية على السراب والأوهام والخيالات ؟! ليذهبوا ويسألوا كم فلة مع أبو حسن المداني وكم هي القصور التي يمتلكها أبو حرب الملصي وكم هي الفلل التي يمتلكها العميد حسين السقاف ؟! وكم هي المنازل التي يمتلكها لطف القحوم ؟! ليفتشوا في البنوك عن أرصدتهم المالية, وليطلعوا الشعب على مشاريعهم وشركاتهم الاستثمارية, وكم لديهم من سيارات وأراض وعقارات ؟!, وليزوروا مؤسسة الشهداء ويأخذوا الكشوفات منهم, ويقولوا لنا ماذا يمتلك كل شهيد ؟! وماذا تركوا لأولادهم وذويهم من ميراث ؟!
لقد حصحص الحق ولم يعد من مجال للمداهنة والنفاق والتزلف, إلى هنا ويكفي, لا نريد بقبقة وبطولات فيسبوكية وجبهات إعلامية في غير محلها, واستغلالا قذرا لتضحيات الشهداء من أي طرف كان, هم قدموا أرواحهم فداء لهذا الوطن, فماذا قدمنا نحن ؟! كل واحد يسأل نفسه هذا السؤال, وحينها سندرك جميعا حجم تقصيرنا وإلى أي مدى وصلت ببعضنا الروح الانهزامية المصحوبة بسلاطة الألسن والبقبقة والقيل والقال وتوزيع الاتهامات وتخوين الآخرين تصفية لحسابات ضيقة وطمعا في مكاسب رخيصة وخدمة لأجندة ملعونة .
بالمختصر المفيد، من باع نفسه لله وفي سبيله لم تكن لتؤثر فيه تخرصات وبقبقة البعض من هنا وهناك, ومهما أرجفوا وتقولوا فلن يصح إلا الصحيح, ولا يمكن التفريط بتضحيات الشهداء الأبرار تحت أي ظرف, وسيكون الوفاء لهم بحجم التضحيات التي قدموها والتي هي محط فخر واعتزاز الأجيال المتعاقبة وستظل شاهدة على البأس اليماني الشديد والشجاعة والبطولة والإقدام الذي لا مثيل له ولا نظير في عصر الخنوع والهوان والذل والاستسلام والانبطاح.
الرحمة للشهداء ،الشفاء للجرحى, الحرية للأسرى, النصر لليمن واليمنيين, ولا عزاء لشلة البقبقة والهدرة الفيسبوكية والتحليلات الخرقاء .
هذا وعاشق النبي يصلي عليه وآله .