كم أنا سعيد يا عيد..
د.أسماء الشهاري
العيد هدية الله وهبة الرحمن فكيف لا نفرح بهذه الهدية ونتقبل هذه العطية بكل الفرح والسرور والبهجة والحبور.
ورغم كل شيء فإن هذه الأعياد أفضل من سابقاتها بكثير..
قد يستغرب البعض من ذلك ويقول:كيف يكون ذلك ونحن تحت قتل ودمار وتجويع وحصار! فأين هو الفضل في ذلك؟
سأجيب ببساطة مثلاً نحن النساء في العيد نشعر أننا كالملكات ونظل ننتظر زيارة أرحامنا وكم نشعر بالسعادة من هذا التكريم الإلهي لنا وهذا من أجمل ما كرم الإسلام به المرأة أقول ذلك لمن يطلقون مسميات وشعارات براقة وخادعة مثل مساواة المرأة بالرجل وغيرها، فالإسلام قد رفع من شأن المرأة ما لم تفعله أي من القوانين والتنظيمات البشرية، وبالعودة إلى موضوعنا الأساس، تخيلوا معي أن المرأة اليمنية والتي تفرحها زيارة أرحامها لها تظل مكرمة ومعززة وشامخة في بيتها وهناك الآلاف من الأسود والرجال الحيدرية في كل الجبهات وعلى امتداد الوطن يحمون عيدها كما يحمون أيامها كلها هي والشعب بأكمله، تخيل أنه لها الآلاف ممن هم لها عزوة وسند وظهر، ولذلك تجد أن أسر المجاهدين والشهداء يشعرون بأنه ليس لهم زوج أو أخ أو ابن واحد فقط في جبهات العزة والكرامة بل لهم الآلاف من الأبناء والرجال فكلهم أبناؤهم وأحبتهم ويقومون بنفس الواجب ويحملون نفس القضية.
لذلك كم أنا سعيد يا عيد..
فلو عدنا بذاكرتنا إلى ما قبل العدوان فإن العيد كان محصورا لكل شخص مع أفراد عائلته وأقاربه وأصدقائه، أما اليوم فنحن نحتفي ونحتفل بالعيد على مستوى أكبر بكثير على مستوى شعب وعلى مستوى وطن، والفرحة هنا أعم وأكبر وأشمل.
فبعد أن كان العيد يأتيك وأنت في بيتك ها هو اليوم يدخل عليك وأنت في بيت أوسع وأكبر وأجمل هو الوطن وبعد أن كان يهل عليك بين أقاربك وأصدقائك فقط فها هو اليوم يدق بابك وأنت في أسرة أكبر ومجتمع أوسع هو كل مكونات هذا الشعب العظيم الصامد فقد أصبح الجميع بيت واحد وأسرة واحدة وكم ستكون فرحتك وسعادتك أكبر وهي بهذا الحجم وبهذه الروعة والجمال.
نعم فإن العدوان قد وحدنا وجعلنا جميعاً بقلبٍ واحد وشعورٍ واحد وأصبح الوطن هو البيت الكبير الذي يجمعنا جميعاً على الحب والإخاء والثبات والتكاتف والصمود والعزة والكرامة.
وأكبر دليل على ذلك هو أن الكثير والكثير جداً من رجال الرجال من مختلف القرى والمدن والحارات والعزل ومختلف المناطق على امتداد الوطن بطوله وعرضه.. شماله وجنوبه وشرقه وغربه قد هبّوا هبة رجلٍ واحد لكي يحرسوا عيدنا كما هم يحرسون أيامنا كلها باذلين لأجل ذلك أقصى ما يستطيعون، فنحن كلنا في داخل هذا البيت الكبير الواحد ننعم بالفرحة والاستقرار والبهجة والسرور بفضل نخوتهم وشهامتهم ورجولتهم وسواعدهم الندية.
فهل هم سعداء في يوم العيد وقد تركوا أهلهم وأحبتهم في أهم وأحب الأيام إلى قلوبهم؟
الإجابة أنهم في قمة السعادة فسعادتهم التي يبذلون من أجلها أرواحهم.. هي أن يروا السعادة والبسمة ترتسم على وجه صغير أو كبير.. رجل أو امرأة.. فهم قد تركوا كل شيء لكي يروا هذه البسمة على وجوه أبناء شعبهم..حتى يفرح شعبهم وأفراد مجتمعهم بهذا العيد وبكل يوم يعيشون فيه أعزاء كرماء لا يتمكن عدو ولا مرتهنٌ أن يذلهم أو يمس كرامتهم بأي سوء.
وفي الطرف الآخر ونحن لا نزال نتحدث عن البيت الواحد والفرحة الغامرة..فإن الكل في هذا البيت يعمل كجسد واحد وخلية واحدة كلها تصنع الصمود والبهجة والفرحة، فكما هناك رجال الرجال فهناك حرائر اليمن من النساء اللواتي يبذلن أقصى ما يستطعن في صناعة هذا الصمود وصناعة هذه البهجة فهن من قدمن رجال الرجال في مختلف الميادين وجبهات القتال، والمرأة اليمنية بذلك تعتبر أنها تقاتل في مقدمة الصفوف وهن من جُدن بحليهن وكل ما يملكن من أجل هذا الوطن الغالي وهن فاعلات ومتواجدات في مختلف الميادين وعلى مختلف الأصعدة.. وهن ومن بداية هذا العدوان يعملن على دعم الجبهات من خلال صنع المؤن والأغذية بشكل يومي وبدون انقطاع باذلات قصار جهدهن من أجل ذلك.. وعندما يأتي العيد.. بل.. ومن قبل أن يأتي العيد بأيام طويلة تتوجه الكثير منهن إلى صنع الكعك والحلويات وتغليف هدايا وجعالة العيد بكل الحب والامتنان والتقدير والإعزاز والتبجيل إلى أولئك الأعزاء من يصنعون بتضحياتهم وبذلهم وعطائهم كل عيد وكل فرحة.
وإن هذه الهدايا العيدية للمرابطين تحمل الكثير من الرسائل..فعندما تصل إليهم يشعرون أنهم ليسوا لوحدهم وأننا نشعر بتضحياتهم وعظمة ما يقومون به وهذا يزيد من صمودهم وعطائهم ويرفع المعنويات بشكل كبير جدا لديهم..وبهذا نكون جميعا في مترسٍ واحد في بيتنا الكبير الواحد ويكون عيدنا هو أجمل الأعياد وستكتمل فرحتنا عمّا قريب بإذن الله بالنصر الواعد.